بوشكين يهجو

بوشكين يهجو

المغرب اليوم -

بوشكين يهجو

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

أصر فريق كبير من العرب المشتغلين بالتنظير على أن المقصود بالعولمة هو الإمبريالية الأميركية، وعلى أن المقصود بـ«صراع الحضارات» هو المواجهة الآتية بين المسيحية (أي الغرب) والإسلام، ولا شك أن في هذه النظرية شيئاً كثيراً من الاحتمال، ولكن أيضاً، كثير من النقص... أو الخطأ. أبلغتنا حرب أوكرانيا، بالصوت والصورة، أن العولمة بكل معانيها، ليست أميركية، وإن كانت أميركا عنصراً أساسياً فيها، وأن حرب الحضارات هي حروب متعددة، الإسلام هو عنصرها الأخير، وليس الأول.
فالحرب الكبرى المعلنة اليوم هي أولاً بين الحضارة الغربية والحضارة الصينية، والأحقاد العائدة إلى التفجر في أوكرانيا وروسيا وبلاد البلطيق وأوروبا الوسطى، هي بين شعوب مسيحية كلها، وشيوعية سابقة، ومجموعة ذكريات عن حروب عمرها ألف عام بين شعوب من عرق واحد ومذاهب شتى.
كان ألكسندر بوشكين، شاعر روسيا، شاعر المحبة والألفة أيضاً. ولكن عد إلى ما كتبه عن بولندا والبولنديين لكي تفهم دور بولندا اليوم بين أوكرانيا وروسيا. إن الحروب المتجددة اليوم ضمن «الحضارة» الواحدة لا تزال ذكرياتها طرية في قلوب أصحابها، ورمادها لم ينطفئ بعد. وإضافة إلى حرب العرق السلافي والمذاهب تتفجر حروب الحضارات بين الشرق والغرب من جديد بعد ثلث قرن على ما اعتبر خاتمة الحرب الباردة، ونهاية الصراع التاريخي بين الشرق والغرب.
المشتغلون بالتنظير تداعوا بسرعة للرد على «صراع الحضارات». مع أن أفكار صمويل هانتنغتون كانت مبسطة وقابلة للنقاش. وفيما يبدو الإسلام غائباً عن دائرة الصراع الحالي، تضطرم في مجاهل العنف الهندوسي حرائق صغيرة، العياذ بالله من اتساعها.
في كل حضارة عنصر توحش يمكن إيقاظه مع كل الأشباح المرافقة. وله تراثه وقصائده وأناشيده. هل يمكن أن تتخيل أن بوشكين هو القائل «أتمنى ألا أحرم تبادل الرصاص مع البولنديين». وفي النهاية قُتل برصاصة في مبارزة مع دبلوماسي فرنسي يطارد زوجته، وكانت أكبر خسارة للأدب الروسي والشعر العالمي.
لا يشاهد العالم كل يوم إلا جزءاً يسيراً من حقائق الحرب في أوكرانيا. ولا تصله أخبار التوحش والانتقامات والاغتصاب والدناءات البشرية من الطرفين، أو بالأحرى، من جميع الأطراف، لأن الجبهات مليئة بجميع أنواع المرتزقة الذين يقاتلون عدواً لا يعرفون عنه شيئاً ولا عن بلده ولا عن تاريخه.
كان لي رأي (وليس تنظيرة) في «العولمة» و«حرب الحضارات»، شرحه ما يقع أمامنا اليوم. وأنه عندما تقع حرب، لا تعود هناك حضارة. وأن أفظع الحروب حروب الأهل والجيران والأشقاء. في كل العصور، في كل الأمكنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوشكين يهجو بوشكين يهجو



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ المغرب اليوم

GMT 07:54 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 09:49 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 10:25 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري
المغرب اليوم - بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية

GMT 09:11 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في تمارة الأحد

GMT 00:50 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة التحاق الممثل "أمين الناجي" بتنظيم "داعش"

GMT 04:17 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

العثور على آثار من مصر والهند شرق إثيوبيا

GMT 16:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يذبح غريمه في بني ملال ويُرسله للطوارئ في حالة حرجة

GMT 00:17 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كاظم الساهر يغني في منتجع "مازاغان" الشهر المقبل

GMT 12:00 2016 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

نجوم بوليوود في عيد ميلاد فارون دهاون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib