خفة الكاتب كائناً

خفة الكاتب كائناً

المغرب اليوم -

خفة الكاتب كائناً

بقلم - سمير عطا الله

ميلان كونديرا كان من الجيل الذي سماه الشيوعيون «المنشقين». أب الكتّاب والشعراء الذين تمردوا على «الدوغما» المحافظة من دون العداء للقواعد الاشتراكية. وفي انشقاقه لم يكن حاداً مثل مواطنه فاتسلاف هافل، الذي تحمل السجن مرات عدة، وأصبح رئيساً للجمهورية التشيكية. ولا كان «نضالياً» مثل الروسي ألكسندر سولجنتسن. ولذلك ظل نموذجاً «لخفة الكائن» الحائر بين القضايا الوجودية التي تواجه الإنسان على طريق الحياة. وأفضل التعابير عن ذلك بعض عناوين كتبه مثل: أولها «الدعابة»، أو «الضحك والنسيان». وكانت كتبه مليئة بالإباحة وبموقف مبتذل سطحي من المرأة... وقد تيسّر له ما حرم منه كتّاب أوروبا الشرقية في تلك المرحلة، وهو حرية الاطلاع على الآداب الغربية، وحرية التعبير عن التأثر بها، خصوصاً مثاله الأول ميغيل دو سرفانتس، الإسباني الأسطوري صاحب «دون كيخوته».

من منظار شخصي محدود، أعتقد أن كونديرا بنى الكثير من أهميته على الشهرة وليس على القيمة الأدبية. وكذلك كان حال مواطنه فاتسلاف هافل، الذي تميز برئاسة دامت 13 عاماً، وليس على الإطلاق بأعماله المسرحية والأدبية. شهرة الانشقاق كانت أكبر بكثير من الموهبة الأدبية. وكان الغرب يومها لا يزال في حمأة حربه ضد الشيوعية، لا يوفر شيئاً في دعم خصومها، خصوصاً المتمردين من أهلها.

زاد في شهرة كونديرا، أكثر من سواه، كونه تشيكياً. فإن تشيكوسلوفاكيا (قبل انفصالها إلى تشيكيا وسلوفاكيا) كانت أول وأشهر مواقع الانهيار السوفياتي في «ربيع براغ» عام 1968. وهو عام الثورات الطلابية في الغرب والثورات «العمالية» في الشرق. وقد طعنت اللينية - الماركسية من أهلها، عمال غدانسك في بولندا، وعمال المجر، وأعضاء الحزب في رومانيا.

هذا التحول البشري الهائل في عمق الإنسانية لم نرَ صوره في أعمال كونديرا. ربما لأنه انتقل سريعاً إلى مناخ الحرية في باريس عام 1975، ومن هناك استكمل حياة «خفة الكائن» التي «لا تطاق». وعندما عادت براغ إلى أصولها وجسورها وسمعتها «باريس أوروبا الشرقية»، اختار أن يبقى في باريس الأولى فمن يدري. ومَن يضمن ألاَّ يحدث لبراغ ما حدث لموسكو، عندما قرر بعض الجنرالات طرد غورباتشوف وإعادة القبعات العسكرية والصدور المرشوشة بالأوسمة إلى الكرملين.

لقد كانت هذه المغامرة مع جنرالات موسكو وجنرال «فاغنر». ويبدو أن صراع الجنرالات مستمر. وبعضهم غائب تماماً عن السمع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خفة الكاتب كائناً خفة الكاتب كائناً



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib