وعثاء السفر

وعثاء السفر

المغرب اليوم -

وعثاء السفر

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطا الله

السفر لم يعد مريحاً. هذا أمر مفروغ منه. بل أصبح مزعجاً، وأحياناً، مضنياً. الحضور إلى المطار قبل موعد الرحلة. ثم طوابير المطار: طابور الوصول إلى «كاونتر» السفر. وطابور الكاونتر. وأسئلة سيدة الكاونتر. والحمّال الذي يتفقد البقشيش ليرى إن كان مناسباً لسعر الصرف و«منصة صيرفة» وأفكار رياض سلامة.

ثم طابور التفتيش. وخلع الثياب، ونزع الحزام، وخلع الحذاء، وعبوس السيد المفتش. ثم طريقة الإفراج عنك وتخلية سبيلك. وبعد ذلك الوصول بالسلامة وطابور الانتظار. والانتقال من مطار إلى مطار قبل الخروج إلى محطة السفر بحمد الله. دخلت غرفتي في الفندق متذمراً متأففاً متبرماً، وارتميت على المقعد، ثم أدرت التلفزيون لكي أعرف ما فاتني في الساعات التي كنت بعيداً خلالها عن مشاهدة حالة العالم، وخصوصاً منه عالمنا.

أول ما طالعني صور طوابير السيارات الذاهبة من غزة إلى غزة. كل سيارة على ظهرها أفرشة عتيقة وبالية. وكل فراش له صاحبه في قلب السيارة. أفرشة بلا أغطية لضيق المساحة. اعذرونا فسوف نصحح الوضع في الهجرة التالية. مليون ومائة ألف كائن بشري عليهم أن يخلوا القطاع من جانب إلى جانب. نقول كائن بشري مع الأخذ في الاعتبار رأي وزير الدفاع الإسرائيلي أنهم «حيوانات». مع الأسف لم أعد أذكر اسمه، أذكر اسم سلفه أرييل شارون. في غزة وفي بيروت وفي رام الله.

لا أعرف أي نوع من الشعور خامرني وأنا أستلقي متعباً على كرسي، في غرفة نظيفة فيها حمام وسرير، بينما أشاهد على الشاشة مواكب الأفرشة العتيقة وآخر لوائح القتلى والجرحى. وأنا لا أصدقها في أي حال. كيف يمكن خروج أحياء من تحت هذه الجدران المساواة بالأرض؟ يُطمئن نتانياهو المشاهدين: هذه ليست سوى البداية.

الجديد هذه المرة هو اللغة: لغة البيت الأبيض، ولغة أوروبا، ولغة «الحيوانات» التي تحدث بها وزير الدفاع، حتى سيدة أوروبا، فون در لاين، الفائقة الرقة والدبلوماسية، لا تريد أن تترك شَكّاً طفيفاً في دعم إسرائيل واستنكار غزة. والبيت الأبيض لا يستنكر طرد مليون إنسان، بل يعد أن «ذلك سوف يكون صعباً». إنها الخبرة في التقدير الإحصائي: مليون إنسان؟ سوف يكون الأمر صعباً!

الجميع يتصرف على أنه أهين، ومن هنا: هذا السلوك المتوتر. كيف يمكن لميليشيا أن تخدع أهم شبكات استخبارية في العالم؟، لماذا لم تبلغ السي. آي. إيه إسرائيل بما يُعد؟ وإذا كانت مصر قد خدعت إسرائيل قبل نصف قرن، فكيف يمكن لحماس أن تفعل ذلك بعد 50 عاماً؟ هذا هو السبب الأهم في اللاوعي الغربي. قبل أيام فقط كانت أوكرانيا تعلن استعادة نصف ما فقدته لروسيا بفعل الدور الغربي، ثم فجأة هذا الانتكاس في القوة العسكرية التي لا تقهر.

قد تكون هذه أسوأ عملية تهجير، أو «ترانسفير» بشري في التاريخ. مليون إنسان في يوم أو يومين. من قاع الفقر إلى قاع الفقر والطرد والهرب. هذه ليست عقوبة لغزة، هذه عقوبة للعلاقات الدولية حتى في ذروة الحرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعثاء السفر وعثاء السفر



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib