عقد على غيابه أرق رثاء

عقد على غيابه: أرق رثاء

المغرب اليوم -

عقد على غيابه أرق رثاء

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطاالله

لم يستخدم أنيس منصور النعوت، كما ذكرنا غير مرة. وحجم الزاوية الصغيرة لا يتحملها في أي حال. وتجنب العواطف والرومانسيات مثل جميع القادمين من رواق الفلسفة، ومنهم لويس عوض وسلامة موسى. لكن كان في إمكان أنيس أن يكتب أكثر المقالات حزناً وأحزاناً من دون أن ينقح في قصيدة عند الغروب أو يعزف وتراً. مع أنه كان ذا صوت جميل، وفكر مراراً في احتراف الغناء، وأحيا أمام محمد عبد الوهاب أكثر من حفلة خاصة.
وقد قرأت له أكثر القطع حزناً عندما كتب كيف بحث طويلاً عن الشاعر عبد الرحمن شكري، الذي قال عنه العقاد إنه لم يعرف أحد مثله كما عرف الشعر العربي والإنجليزي... إليكم عبد الرحمن شكري بريشة أنيس منصور: «لقد وجدت شاعرنا الكبير عبد الرحمن شكري قصيراً. أقصر مما تخيلت... أو لعله صار قصيراً نحيفاً... وطربوشه قد اتسع على رأسه... أو رأسه صغر فهبط الطربوش إلى ما فوق حاجبيه...
وأما منظاره الغليظ، فغطى جزءاً من الطربوش... أما لون الطربوش فهو أحمر أسود... أو أسود أحمر... ولكنه مطبق... تكسر أو انكسر... أما ملابس الشاعر الكبير فبدلة قديمة جداً... ويبدو أن لديه قميصاً واحداً اختفت ألوانه أو صارت له ألوان وفيه فتحات...
ولا أذكر لون الجاكت أو البنطلون... ولكن من المؤكد أن لهما ألواناً... والذي أدهشني أنه صافحني كأنه يعرفني... أو كأننا التقينا قبل ذلك بأيام. لم يندهش... بل أنا اندهشت لذلك...
ثم أشار إلى الأرض: تفضل. أي تفضل واجلس على الأرض... فليس عنده مقعد... ولا سرير... وإنما المرتبة والمخدات على الأرض... وليس في الغرفة شيء... لا كوب ولا كتاب ولا صحيفة...
وجلست على الأرض... أما هو فقد خلع حذاءه أو انخلع حذاؤه وتساقطت الجاكتة والبنطلون. ولم يكن قميصاً وإنما جلباباً حشره في البنطلون، فهو قميص نهاراً وجلباب ليلاً... واتخذ ركناً من الغرفة... وجلس واتجه إلي يسألني ماذا أريد وكيف اهتديت إليه... فقلت: لقد ظنوك ميتاً أستاذ... أو انتحرت... أو أصابك شيء فسقطت في الشارع ثم مقابر الفقراء لا يدري بك أحد... بعد أن نسيك الأدباء والشعراء عشر سنوات أو يزيد...
سألته هل تسمح لنا بأن نلتقط لك صورة؟
وخلع طربوشه ووضع إلى جواره جزمته... ثم طربوشه فوق الجزمة... ثم وضع الطربوش بين الجزمتين... ثم قال: هذه أحسن صورة!
ونشرت صورة شاعرنا الكبير وقت أنني اكتشفت أنه حي... وبعد أيام مات الشاعر الكبير فقلت: كان من الممكن أن يموت بدون أن يدري به أحد... ولكن أفلحت في أن أجعل موته علناً»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد على غيابه أرق رثاء عقد على غيابه أرق رثاء



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 13:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the best
المغرب اليوم - إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the best

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية

GMT 09:11 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في تمارة الأحد

GMT 00:50 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة التحاق الممثل "أمين الناجي" بتنظيم "داعش"

GMT 04:17 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

العثور على آثار من مصر والهند شرق إثيوبيا

GMT 16:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يذبح غريمه في بني ملال ويُرسله للطوارئ في حالة حرجة

GMT 00:17 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كاظم الساهر يغني في منتجع "مازاغان" الشهر المقبل

GMT 12:00 2016 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

نجوم بوليوود في عيد ميلاد فارون دهاون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib