حزب اليسار الملكي في اسبانيا

حزب اليسار الملكي في اسبانيا؟!!

المغرب اليوم -

حزب اليسار الملكي في اسبانيا

بقلم : نظمي يوسف سلسع

    ستجري في العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل انتخابات تشريعية برلمانية جديدة بإسبانيا بعد اعلان السيد بيدرو سانشيس المكلف والقائم بأعمال رئاسة الحكومة عن فشله الحصول على دعم الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة جديدة إثر نتائج الانتخابات التي جرت يوم 28 نيسان / أبريل الماضي.

    المتابع للشأن الاسباني يتأكد له أن السيد سانشيس رئيس الحزب الاشتراكي العمالي لم يفشل بل هو من أفشل نفسه وحتى أجهض المشاورات التي جرت طيلة الشهور الخمس الماضية خاصة مع حزب اليسار (اونيداس بوديموس- Unidas Podemos) وهذا ما أثار أكثر من علامة استفهام.. حتى أحزاب اليمين المنافسة لم تجد تفسيرا لموقف سانشيس الذي سبق وحزبه قد اتفق وتحالف مع اليسار على تشكيل الحكومات المحلية مثل كتالونيا وأراغون وجزر البليار والكناري وغيرها ورفض الاتفاق على الحكومة المركزية !!.. 

    إذن، كانت جميع اللقاءات والمشاورات وعروض المشاركة وفرص التحالف من قبل الحزب الاشتراكي والرئيس المكلف السيد سانشيس الى اليسار، طيلة الشهور الخمس الماضية، عبارة عن مسرحية قد أخذت وقتها ومساحتها الديمقراطية كي تصل الى الحائط المسدود بهدف اعادة الانتخابات!!..

    ويتفق معظم المراقبون ان اعادة الانتخابات لن تأتي بالجديد وستكون على ذات نسب نتائج 28 نيسان / أبريل الماضي قد تكون في زيادة أو نقصان عدد من نواب هذا الحزب او ذاك وبالتالي سيفرض على الاحزاب التحالف لتشكيل الحكومة العتيدة المنتظرة !.. وعليه يبدو واضحا للعيان ان هدف السيد سانشيس من اعادة الانتخابات فتح الباب للتحالف مع احزاب اليمين او ما توصف بالوسط الليبرالي ويغلق كافة الابواب امام اليسار وتحالف حكومة تقدمية يسارية ؟!..

     لقد أكد السيد بيدرو سانشيس انه لم يكن يرغب، بل لا يريد من الأصل تشكيل حكومة ائتلاف مع اليسار، بل وصل به الامر الى القول: "انه لا يستطيع النوم اذا كان اليسار سيشارك في حكومته ؟!!" .. موضحاً ان البنوك والمؤسسات المصرفية وهيئات المال والأعمال وقيادات في الاتحاد الاوروبي لا يريدون ان يكون اليسار شريكا في الحكومة المرتقبة!!..

    لذلك لم يكن مستغربا من زعيم الحزب الاشتراكي العمالي الذي قاد حزبه التاريخي اليسار الإسباني نحو 140 عاما ان ادار له ظهر المجن – كما يقال- فالمطلوب منه ومن حزبه (تحجيم) وكبح تمدد اليسار الشاب (اونيدا بوديموس)  كي يحظى برضى رجال المال والاعمال واقطاب اليمين المتحكم باسبانيا !!.

    لماذا الخوف والتخويف من اليسار المتمثل في (اونيداس بوديموس Unidas Podemos) والذي يعني اسم الحزب الحرفي "متحدون نستطيع" ؟!.. 

    قبل الاجابة تعالوا نتعرف على هذا اليسار:

    اليسار الإسباني الشاب (اونيدا بوديموس) لم يستورد من الخارج او هبط من كوكب آخر على اسبانيا، انه جزء اساسي من النسيج الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الإسباني ولد من رحم الحزب الاشتراكي العمالي ومن الأحزاب الشيوعية واليسارية الاسبانية التي تأقلمت وتعايشت مع النظام الليبرالي الأوروبي لإنجاح التجربة الديمقراطية الاسبانية بعد وفاة فرانكو.. وعلينا ان نتذكر ان قوى وأحزاب وتنظيمات ومنظمات اليسار حين عادت إلى إسبانيا منتصف السبعينيات قد حاذرت اللقاء والتحالف بينها، كي لا يلوح شبح الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936 بأفق المواطن الإسباني العادي، كما حدث خلال الجمهورية الثانية مطلع الثلاثينيات وحكومة تحالف الجبهة الشعبية الأسبانية من اشتراكيين وشيوعيين .. لهذا فرض على قوى اليسار ان تتوزع وتتنافر وتتباعد، نقول قد فرض عليها، من جانبها ومن الآخرين، الغرب الأوروبي، وجرى اقناعهم وقناعتهم بذلك،  حتى وصل الأمر بالسيد فيليبي غونثاليث زعيم الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (الماركسي اليساري)، وبعد خسارته أول انتخابات ديمقراطية برلمانية عام 1979، ان يعلن تخليه عن اصوله الماركسية وينزع صورة المؤسس التاريخي لحزب العمال الاشتراكي الاسباني بابلو اغليسياس، ويرفع صورة ويلي برانت زعيم الاشتراكية الدولية حينذاك، وكما هو معروف ان هدف تأسيس المنظمة الاشتراكية الدولية أن تكون الحاجز لمنع تغلغل ودخول اليسار (الحقيقي) – الماركسية واللينينية وقتها- إلى أوروبا الغربية، بدليل تهميش دورها بل اختفائها عن الساحة الدولية بعد سقوط جدار برلين عام 1989..- بالمناسبة زعيم اليسار حزب اونيداس بوديموس يحمل نفس اسم مؤسس الحزب الاشتراكي (بابلو اغليسياس) - .. أما الحزب الشيوعي، وهو من اوائل الاحزاب الشيوعية في أوروبا، قام زعيمه سانتياغو كاريو آنذاك باستحداث (الشيوعية الأوروبية) بدون ماركس ولا لينين، كي يتماشى والنهج الديمقراطي الليبرالي لدى الحكومة والنظام "الملكي بإسبانيا"، وقد قيل حينها: ان الشيوعية الاوروبية التي ابتكرتها اسبانيا، قد دقت اول مسمار في نعش اليسار الماركسي.. أي أن (البعبع) اليساري الذي اعتاد اليمين في الغرب محاربته والتحذير منه قد ظهر في اسبانيا بدون اسنان واظافر.. يساري اشتراكي وشيوعي .. ولكن تحت مظلة ليبرالية واطار نظام ملكي برلماني .. هذا هو اليسار الاسباني "الملكي" الذي تحول وتغيّر في (عـّـز) الحرب الباردة .. إذن ليس هناك خوف من اليسار بل يجري (التخويف) به ومنه..  والقاء نظرة عامة على برامجه الانتخابية تجد أن الهدف الذي يسعى اليه لا يتعدى إطار البحث ومحاولة تحقيق (عدالة اجتماعية) للطبقة الوسطى والفقيرة التي طحنها (تغول) اليمين والماكنة الرأسمالية والشركات الكبرى خاصة المؤسـسات المالية والمصرفية، وما قامت به الحكومات اليمينية السابقة من خصخصة المؤسـسات العامة، مثل الصحة والماء والكهرباء والتعليم وفرض برامج التقشف الذي أصاب مباشرة القطاعات الثقافية والاجتماعية والحاجات والاحتياجات اليومية، ناهيك عن خفض المصاريف العامة ورواتب الموظفين وتراجع بشكل مباشر وحاد المداخيل، من جراء رفع نسب الضرائب وابتكار زيادات اخرى  فرضت على كاهل المواطن الإسباني لتسديد فواتير القروض والفوائد التي ذهبت لدعم مؤسساتها المالية من البنوك والمصارف .. باختصار برنامج اليسار الاسبان

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب اليسار الملكي في اسبانيا حزب اليسار الملكي في اسبانيا



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib