حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

المغرب اليوم -

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

من يراجع تاريخ العلاقة بين الدولة والمجتمع اللبنانيّين وبين ميليشيا «حزب الله»، والتي بات عمرها يتعدّى الأربعة عقود، يلاحظ أنّ كلفة الميليشيا على هذين المجتمع والدولة سلكت مسلكاً تصاعديّاً في احتدامه، وأنّ تصاعديّته بالكاد عرفت التقطّع. فبدل وعد الانتقال من حماية إلى تحرير فإلى ثراء وازدهار، اتّجه الانتقال بنا إلى انكشاف أكبر واحتلال أكثر وبؤس أعظم. وليس معقولاً بأيّ معيار كان أن تنتهي بنا الحال، بعد ذاك الزمن المديد على انطلاق المقاومة، و»تحصيننا» الذي نُسب إليها، إلى ما نعيشه راهناً، حيث يمضي في نهشنا توحّش إسرائيليّ لا يرتوي طلبه لدمنا وخرابنا. أمّا الحجّة التي تقول إنّ هذه أكلاف التحرير فيمتنع قائلوها عن اقتراح مدّة زمنيّة، ولو تقريبيّة، لتحقُّق ذاك الوعد بالجنّة الأرضيّة، أو اقتراح محطّات إنجازيّة نصعد من واحدتها إلى واحدة أعلى على الطريق إلى تلك الجنّة. وهذا ما دفع أكثريّة من اللبنانيّين، يتنامى عددها يوماً بيوم، إلى افتراضين يعزّزهما طوفان من الوقائع والمعطيات التجريبيّة: أوّلهما أنّ التحرير المقصود ليس شيئاً محدّداً يتحقّق، بل هو مزيج من فكرة لا تتحقّق وطريقة حياة تمتدّ على العمر كلّه، بل على أعمار أجيال متعاقبة. أمّا الافتراض الثاني فأنّ التضحيات الهائلة التي تُبذل إنّما تُبذل مازوشيّاً، أي لإنزال ألم «لذيذ» بالذات، بحيث يقلّ القليل المتبقّي في اليد أو يُفقَد كلّه تباعاً.
 

فالأمر، بالتالي، أقرب إلى طقس علينا نحن أن نخدمه لمجرّد أنّه طقس، من دون أن نطالبه، في المقابل، بخدمتنا.

وما يزيد طين الميليشيات بلّةً، هي التي تدعو إلى تحرير وطنيّ ما، ارتباطها بمصالح أجنبيّة تتقدّم على مصالح الوطن نفسها، وهذا إن لم تكن تلك المصالح الأجنبيّة علّة وجودها الأولى والأهمّ. وفي ذلك ما يمعن في إضعاف مزاعم المقاومة المنتفخة في صدد فلسطين وقضيّتها إذ يتبدّى أنّ وراء الأكمة ما وراءها، وأنّ شيئاً آخر، تحيط به الشبهات، هو ما يملي عليها حركاتها وسكناتها.

والراهن أنّ ما من شعب، إلاّ إذا كان مصاباً بمرض جماعيّ، يمكن أن يوعَد بهذا «التحرير»، وأن يُطالَب بالاستماتة في طلبه! فالطبيعيّ الذي يحصل، والحال هذه، شعورٌ عميق بالخيبة والخذلان يدفع أصحابه إلى مراجعة حسابات الأكلاف الهائلة ومقارنتها بالمنافع المعدومة ثمّ الوصول إلى النتائج المنجرّة عن ذلك.

وما نشهده في لبنان، ممثّلاً بـ «حزب الله»، واحد من أفدح أشكال الظاهرة الميليشيويّة، وهو بالتأكيد أعرقها في المشرق العربيّ، إلاّ أنّ لبنان ليس المسرح الوحيد لاشتغالها الكارثيّ. فها نحن نلاحظ مثلاً كيف يعلن سكّان البوكمال في شرق سوريّا بَرَمهم بالميليشيا وعجزهم عن تحمّل الأكلاف المتعاظمة التي يرتّبها وجودها ونشاطها. وعلى نطاق أعرض تتعالى أصوات عراقيّة متزايدة تلحّ على إشهار خوفها من سياسة التوريط بالموت التي تتسبّب بها الميليشيات. ذاك أنّ الأخيرة، وفي كلّ مكان من المشرق تقريباً، توسّع رقعة انتهاكها التي تشمل التمييز السياسيّ بين السكّان، ورفض تطبيق القانون، وتوسيع هوامش الفساد، وفرض ضرائب تصاعديّة على الحياة الاقتصاديّة، وهذا فضلاً عن التجرّؤ على الأعراف الأهليّة والتقاليد الشعبيّة.

هكذا يُلاحَظ أنّ تداعي الميليشيات القويّة يشبه تداعي الأنظمة الإمبراطوريّة، أو ذات الادّعاء الامبراطوريّ، حيث التجرّؤ واسع وشامل يمسّ أوجه الحياة كلّها. وفي سياق كهذا يسود التشكيك الشعبيّ المشوب بسخرية لا ترحم، سخريةٍ تطال كلّ شيء طالته رواية تلك الميليشيا عن نفسها وعن عالمها المحيط، فيما روايتها تطال كلّ شيء تقريباً. فانكشاف الوعد المزغول خطير على الواعد، وكلّما كان الوعد متضخّماً تضخّمَ انكساره واتّخذ شكلاً فضائحيّاً. وفي عداد ما يتداعى تأويلٌ كاذب للتاريخ وللوقائع جعلته الميليشيا تأويلاً سائداً، مقلّدةً بهذا ما تصنعه الأنظمة التوتاليتاريّة حين تعيد كتابة التاريخ فتمحو منه ما تمحو وتضيف إليه ما تضيف. وبين ما يتداعى أيضاً لغةٌ غالباً ما تعني عكسها، حيث الهزيمة انتصار والانتصار هزيمة والقوّة ضعف والضعف قوّة، توشّيها تعابير شبه وثنيّة يُراد للجماعة كلّها أن تردّدها طرداً منها للأرواح الشريرة. وبالطبع فإنّ الرواية هذه تجد حارسها المنزّه في رجل ساحر أُوكلت إليه مهمّة السير بنا، فيما أعيننا مغلقة، نحو المجد والسؤدد.

لكنْ فجأةً، وفيما ينهار هذا كلّه انهيار جبل من كرتون، يبدأ الناس بقول الكلام الصحيح والدقيق في الوقت عينه، حيث تحضر الأرقام لتعزيز الرأي أو لنفيه، كما يحضر ما تراه العين بدلاً من دفع العين لأن ترى ما لا يُرى. وبين نهار وليلة يجد الناس أنفسهم وجهاً لوجه أمام مسؤوليّاتهم عن ذواتهم وعن أوطانهم: كيف يدبّرونها من دون سحر وساحر ومن دون رواية تريد تلقينهم، كما يُلقّن الأطفال، أنّ الأسود ابيض والأبيض أسود. والمشرق العربيّ، وسط صعوبات هائلة وقسوة استثنائيّة، ربّما كان اليوم أمام امتحان المسؤوليّة الكبير هذا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib