الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

الحرب على غزّة: من الوصف إلى الاقتراح؟

المغرب اليوم -

الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ليس ما يتناوله الكلام هنا جديداً، إلاّ أنّ الحرب على غزّة أعادت إبرازه بوضوح غير مسبوق. ذاك أنّ بيئة المثقّفين العرب تبدو، مرّة أخرى وبأكثر ممّا في الماضي، شديدة الميل إلى الوصف وشديدة البعد عن الاقتراح.

وثقافة الاقتراح ليس المقصود بها مداخلات التقنيّ أو «الخبير»، ولا ممارسات الناصح الذي يتّجه بنصحه إلى السلطة السياسيّة والسياسيّين. فالمقصود هو استيلاد الأفكار الحرّة وتوظيفها في الخروج من الحال الراهنة، أي أساساً وقف الموت والدمار، وتالياً فتح الباب لحلّ يكون قابلاً للحياة وينطوي على بدائل أشدّ عدلاً وانسجاماً مع رغبات البشر الضحايا. وهذا ما لا ينوب مناب المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً، إلاّ أنّه لا يتجمّد عندها ولا يتحجّر، محاولاً التفكير في إجابات أغنى تخدم وقف إطلاق النار، أو في وضع خطط تتيح التصرّف في ما لو لم يقف إطلاق النار، أو في التعامل مع المرحلة التالية على وقفه إذا أمكن وقفه.

وعلى العموم ليست الثقافة السياسيّة العربيّة السائدة مؤهّلة لتلك المهمّة. أمّا أسباب ذلك فكثيرة، في عدادها ضعف المنصّات والمواقع المستقلّة، بالبحثيّ منها والإعلاميّ، وأبعدُ منه درجة التفكّك وتقطّع الروابط التي تسم مجتمعاتنا وتحول دون تأثير أيّ من البُنى على البُنى الأخرى، وهو ما يخلق شعوراً طاغياً بأنّ ثقافة المثقّف إنّما تندرج في «الحكي» و»التنظير»، فيما التأثير والفعل يأتيان من مكان آخر مغلق وأصمّ. وهذا ما يجعل الثقافة السياسيّة السائدة، وبما يكفي من التفارُق، مُطهَّرةً من السياسة، أو عازفةً عنها. وبالطبع، وإلى هذا كلّه، هناك المناخ المُحبِط والقمعيّ الذي تخلقه الإجماعات اللفظيّة على نبذ النقد والتشكيك بالنقّاد. ولا نضيف جديداً إذا قلنا إنّ ظروف التشبّع العاطفيّ الراهنة، والتي تجعلها ضرباتُ التوحّش الإسرائيليّ، وآخر تجلّياتها «مجزرة الطحين»، أشدّ حدّة واحتداماً، إنّما تثبّط فكرة الاقتراح وثقافته، سيّما وأنّ الأخيرَيْن ينطويان بالضرورة على كلام بارد لا يملك إلاّ أن يتعامل مع الحلول والتسويات وتوازنات القوى.

وقد يسود، حيال تلك الانسدادات الكبرى، نوع من نعي العالم لدى المثقّفين، وهو نعي مفهوم بسبب المشاعر الحادّة ووطأتها، معطوفة على الإحساس بانعدام التأثير الذاتيّ. بل قد يكون العالم فعلاً يستعرض اليوم أسوأ مُمكناته. لكنْ في انتظار أن نرحل عن هذه الفانية سيكون علينا أن نتعامل مع العالم، هذا العالم، بوصفه وحده ما نعيش فيه ونتلقّى تبعاته التي لا مفرّ من تلقّيها.

هكذا تواجهنا راهناً حقيقة أنّ الاقتراح متروك للسياسيّين، الإقليميّين منهم والغربيّين، وحدهم. وهؤلاء، تبعاً لضمير جريح تعبّر عنه ثقافتنا، سوف يبقى اقتراحهم مرفوضاً، إمّا لأنّهم مشاركون في العدوان، أو لأنّهم منحازون إليه، أو لأنّهم، وفق تهمة شائعة، صامتون عنه. وهذا فضلاً عن أنّهم، لمجرّد كونهم «أقوياء»، مرشّحون لشكّ الضعفاء العميق.

ويرتسم، بالنتيجة، تقسيم عمل حادّ يكون معه الاقتراح ملكاً للسياسيّين، وعلى هامشهم مثقّفون غربيّون وإسرائيليّون، فيما تُترك لثقافتنا ومثقّفينا مهمّة الوصف. وفي الوصف تنطوي المشاعر والإدانات: فإذا كان كلّ اقتراح ينطوي ضمناً على وصف ما، فإنّ الوصف لا ينطوي بالضرورة على اقتراح، ما عدا «اقتراح» الحلول القصوى التي لا يلبّيها توازن القوى القائم ولا يحتملها الواقع وخريطة القوّة فيه. وما يحصل، والحال هذه، هو أن تزدهر النعوت الهجائيّة في البيئة الثقافيّة طاردةً ما عداها. ومع أنّ إسرائيل تستحقّ معظم النعوت التي تُرمى بها، فإنّ الزيادات الكميّة في وصفها لا تغدو نقلة نوعيّة في فهمها. فوق هذا، لا تقدّم ثقافة الوصف الرائجة إضافات معتَبَرة إلى ما استقرّ عليه قاموس الهجاء العربيّ مع نكبة 1948. فمذّاك استكمل القاموس المذكور قوامه وبات كلّ «خطاب» لاحق مجرّد عَود على ذاك البدء التأسيسيّ. أمّا المصطلحات التي ترزقنا بها الأحداث المستجدّة فلن يكون من الصعب اكتشاف جَدّها الأعلى في مصطلحات سبقتها.

والوصف التكراريّ هذا يتولّى، بين أمور أخرى، اجتثاث كلّ فعاليّة يمكن أن يحظى بها الكلام، ناهيك عن إضعاف رشاقته واستنزاف ما يعتبره اللغويّون بلاغة في العبارة. وغالباً ما يذهب أحد أجنحة الوصّافين إلى تثقيف الوصف، كأنْ يستعير صرخة «لن يمرّوا» من الباسيوناريا الإسبانيّة، إيباروري، أو يلوّح بلوحة «غيرنيكا» من بيكاسو. لكنّ التجارب السابقة مع محاولات تثقيف الثقافة على هذا النحو لا تثير إلاّ مزيداً من التشاؤم حيال النتائج، ويأساً أكبر من أن تُخصب المخيّلات الكسولة.

وقد يكون أسوأ ممّا عداه أنّ الانضباط في الوصف والامتناع عن الاقتراح يعاودان ربط ثقافتنا بتقليد عريق مفاده أنّها تتقدّم من العالم بوصفها جيشاً، أو تصفيقاً لجيش، وبوصفها دعوة رؤيويّة، أو احتفالاً بدعوة رؤيويّة، لكنّها حصراً لا تكون مسؤولة، ولا تساهم في أيّ تغيير مفيد مهما كان طفيفاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib