ما قاله آدم سميث وما لم يقل
نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة
أخر الأخبار

ما قاله آدم سميث وما لم يقل

المغرب اليوم -

ما قاله آدم سميث وما لم يقل

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

كان آدم سميث أحد أكثر المفكّرين تعرّضاً للاختزال: أفكاره لُخّصت بعبارة أو عبارتين من كتابه «ثروة الأمم» (وهو كتابان)، ونادراً ما أشير إلى عمله الآخر «نظريّة في الأحاسيس الأخلاقيّة» الصادر في 1759، قبل 17 سنة على «ثروة الأمم». كذلك أُخرجت مساهمته من سياقها التاريخيّ، وهو بدايات الرأسماليّة الحديثة، وانتُقدت بموجب إطلاقيّة تاريخيّة.
فسميث أوّل اقتصاديّ عرفه العالم، وهو مؤرّخ وفيلسوف أخلاقيّ مهتمّ بالمنطق والجماليّات، وخصوصاً بـ»التعاطف» الإنسانيّ الذي كرّس له الفصلين الأوّلين من «نظريّة في الأحاسيس...»، حيث يُحال إليه التماسكُ الاجتماعيّ. وهو لم يؤمن بأنّ الناس كلّهم، ودائماً، أنانيّون يريدون الأكثر مقابل تقديم الأقلّ.
صحيح أنّه أبدى آمالاً عريضة بمستقبل الرأسماليّة، لكنّه لاحظ أنّ للبشر حاجات «أسمى» كالحياة اللائقة والتعليم والعيش في مدن جميلة، ولم يغادره همّ التوفيق بين الربح وتقدّم الناس وتحسّن أحوالهم، أو دفع الأثرياء نحو تصرّف أفضل حيال سواهم. لهذا لم يقنعه الجواب المسيحيّ من أنّ شعور الأغنياء بالذنب يدفعهم إلى فعل الخير، لأنّه اعتبرهم ذوي قلوب باردة لا يحرّكها الذنب، لكنّه أيضاً لم يقتنع بأنّ الضرائب المرتفعة هي الحلّ لأنّها تهرّب الأغنياء.
وهذا لا يعني أنّه ناهض فرض الضرائب بالمطلق، ممّا بات النيوليبراليّون يرونه عقاباً على «نجاح الناجحين». فالضرائب تحدّ من ظلم السوق للفقراء، ومن تركّز الثروة الذي يضعف تكوين ثروة الأمم، لكنْ شريطة ألاّ تغدو مدخلاً لتثقيل وزن الدولة في الاقتصاد.
وكان اقتراحه الغريب، وربّما الساذج، أنّ المال يهمّ الأثرياء أقلّ ممّا تهمّهم المكانة والجاه. فهم لا يراكمونه لأنّهم طمّاعون، بل طلباً للاحترام والاعجاب. لذا على الحكومة أن تتفهّم غرورهم، وتمنحهم المكانة والجاه مقابل أدائهم أعمالاً مفيدة للعموم، فتوجّه «الغرور نحو أهداف صائبة».
والحال أنّ «ثروة الأمم» لحظة الذروة في الفكر الاجتماعيّ للتنوير. ففي إنكلترا أواسط القرن الثامن عشر، نما الثراء نموّاً هائلاً، وفي تفسيره الظاهرة وحضّه على إحراز المزيد من الثراء، سعى سميث إلى تطبيق المنهج «العلميّ»، الذي أثبت جدواه في الفيزياء، على المجتمع.
أمّا «ثروة الأمم»، الذي استغرقت كتابته أكثر من عشرين سنة، فهو بمعنى ما احتفال بتقسيم العمل الحديث. فما كان ينجزه شخص واحد في يومٍ صار تقسيمُه إلى مهامّ كثيرة ومتخصّصة أشدّ إدراراً للربح. وكان صنع الدبابيس المَثل الأكثر ذيوعاً وتكراراً الذي ضربه، سيّما وقد تفرّع إنتاج الدبابيس إلى 18 عمليّة مميّزة.
فقبلاً كان على من يريد الحصول عليها أن يقصد حِرَفيّ العائلة الذي هو بالتأكيد حاذق وماهر، لكنّه يصنع الدبابيس ببطء ولا يستطيع أن يصنع منها إلاّ عدداً قليلاً في اليوم. وبالنتيجة، كان لا بدّ أن يرتفع سعر الدبّوس كما تُفتقد الدبابيس في السوق. وإذا طبّقنا هذا المبدأ على السلع الأخرى انتهينا إلى أنّ نمط الإنتاج الحِرَفيّ غير فعّال بقياس الإنتاج الرأسماليّ الموسّع والعقلانيّ الذي يقوم على تقسيم العمل والتخصّص.
وبجعله العمل أكثر فعاليّة، وبالتالي إنتاجيّة، يضاعف تقسيم العمل ثروة المجتمع ويخلق، من ثمّ، سعادة إنسانيّة أعلى لأنّه يصعب أن تحلّ السعادة حيث يقيم البؤس والندرة.
لكنّ ما يعيق تقسيم العمل ويمنع توسيعَ السوق أمران: أسباب طبيعيّة لا يتغلّب عليها إلاّ تذليل الطبيعة وترويضها وتقصير المسافات، والتدخّل الحكومي الذي يحدّ من تقسيم العمل عبر تصغيره السوق. لهذا ينبغي تجنّب الاحتكارات والضرائب الحمائيّة ودفع الحكومات لأن تترك الأسواق على رسلها. فإذا اتُّبعت سياسة «دعه يمرّ» كانت النتيجة توازنا طبيعيّاً بين العرض والطلب يخلق أفضل السلع والخدمات، وهو ما سمّاه «اليد غير المنظورة للسوق».
بيد أنّ تلك التحوّلات تثير مشكلات اجتماعيّة ضخمة لم يتجاهلها سميث، علماً بأنّه لم يملك، منتصف القرن الثامن عشر، المعطيات التي بات يملكها نقّاد الرأسماليّة اللاحقون. فوق هذا، كانت مهمّته التوكيد على الإنتاج الرأسماليّ الحديث، لا على التوزيع الذي يكمن فيه أغلب سلبيّات الرأسماليّة.
فقد رأى أنّ أحد الآثار السيّئة لتقسيم العمل تحويله العمّالَ، الذين باتوا يجيدون عملاً واحداً مكرّراً، إلى بُلهاء، وهذا غير بعيد عمّا قصده ماركس لاحقاً حين شبّههم بالآلات. وفي مواجهة استلاب كهذا، أكّد على أهميّة التعليم، وعلى دفع أجور أعلى، واستخدام فوائض الثروة لمساعدة من هم أضعف بحيث لا يتضوّرون جوعاً.
والحقّ أنّ آثار التحوّل إلى الاقتصاد الحديث، بالإيجابيّ منها والسلبيّ، لا تُحصى: فإذ يتضخّم حجم العاطلين عن العمل، خصوصاً مع بطالة الحِرَفيّين القدامى، يتوافر مصدر دائم وفائض للعمالة، ما يخلق ثراء مصحوباً بمشاقّ ومظالم هائلة تعانيها الأجيال القليلة الأولى التي تلي التحوّل إلى اقتصاد تقسيم العمل. لكنّ عصر الآلات سيهمّش العمل العضليّ ويقرّب بين عملي الرجال والنساء، ما يحسّن وضع المرأة وموقعها. وفي استباق للماركسيّة رأى سميث أنّ تطوّر الاقتصاد الصناعيّ يعني تراتبيّة اجتماعيّة ترتكز على الثروة ونوع العمل كما تجزّىء المجتمع طبقاتٍ متنازعة. لكنْ هنا بالضبط، وعلى نحو مفارق، ربّما كمن أكبر أخطاء سميث «الماركسيّ». ذاك أنّه رأى تواطوءاً ضمنيّاً بين أرباب العمل لإبقاء الأجور في حدّها الأدنى، ما يسّهله صغر عددهم، والعلاقات الاجتماعيّة الوثيقة التي تجمعهم، وصلتهم القويّة بالحكومة. إلاّ أنّ ما ظهر لاحقاً، وقبل بزوغ النيوليبراليّة، أنّ الانتاج الكبير يستدعي استهلاكاً كبيراً يؤمّن تصريفه، وإلاّ فما العمل بتلك الكمّيّات الكبرى من السلع التي تُنتج؟ وبالمعنى هذا رأينا رأسماليّي القرن العشرين، كالأميركيّ هنري فورد والإيطاليّ جيوفاني أنيللي، يناقضون فكرة سميث، رافعين القدرة الشرائيّة للعمّال ومثبتين أنّ خفض الأجور ليس سمة ثابتة في الرأسماليّة.
لقد أسّس آدم سميث الاقتصاد كعلم، وأثّر في ماركس الذي أراد أن يهدم الرأسماليّة تأثيره في كاينز الذي أراد أن ينقذها من نفسها. وما من مبالغة في القول إنّه، رغم القصور الذاتيّ والموضوعيّ، يبقى متقدّماً بأشواط على النظريّات «اليساريّة» التي تصادر الاقتصاد، وتصادر معه المجتمع، كما على النيوليبراليّة «اليمينيّة» التي انشقّت عن ليبراليّته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما قاله آدم سميث وما لم يقل ما قاله آدم سميث وما لم يقل



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib