تقرير عن العلاقات السوريّة ـ اللبنانيّة في أسبوعين

تقرير عن العلاقات السوريّة ـ اللبنانيّة في أسبوعين

المغرب اليوم -

تقرير عن العلاقات السوريّة ـ اللبنانيّة في أسبوعين

حازم صاغية
حازم صاغية

من يتابع الخبر السوريّ والخبر السوريّ – اللبنانيّ في الأسابيع القليلة الماضية يلاحظ وجهتين:الوجهة الأولى هي ما يحصل في سوريّا وتلخّصه الأحداث التالية:بينما كانت الطائرات الروسيّة تشنّ غارات على ريف إدلب، بلغ عددها ستّاً، بحسب «المرصد السوريّ لحقوق الإنسان»، رعى الروس إيّاهم إعادة درعا إلى حضن النظام. أعمال التدمير والتهجير التي يغطّيها «النشاط الديبلوماسيّ» لموسكو، أثارت بعض المخاوف من حلول ميليشيات إيرانيّة ولبنانيّة تابعة لإيران محلّ سكّان أصليّين من درعا.

دخول درعا البلد، في التاسع من الشهر الجاري، وللمرّة الأولى منذ 2013، أنهى حصاراً بدأ مطالع هذا الصيف، علماً بأنّ النظام كان قد استعاد محيط درعا قبل عامين ونيّف. إذاً، تمّ الإمساك بجنوب «سوريّا المفيدة» ولم يبق إلاّ استكمال السيطرة على شمال «سوريّا المفيدة»، أي إدلب.

التقدّم العسكريّ لقوّات النظام السوريّ وحلفائه رافقه حدث آخر: فقد أصدرت «منظّمة العفو الدوليّة» (أمنستي إنترناشونال) تقريراً موسّعاً عن العنف الجنسيّ في الزنازين السوريّة وعند معابر البلاد الحدوديّة. الضحايا هذه المرّة سوريّون صدّقوا بشّار الأسد وجبران باسيل من أنّ في وسعهم «العودة إلى حضن الوطن». المنظّمة الدوليّة وثّقت 66 حالة لأطفال ونساء ورجال اعتدى عليهم مسؤولو الأمن، وهم 13 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 أسابيع و17 عاماً، و15 امرأة و38 رجلاً. التقرير لم يُعطَ عنوان: «أنت ذاهب إلى سوريّا». أعطي عنواناً أشدّ بلاغة ودقّة: «أنت ذاهب إلى الموت».

وفيما خفتت، في الأسابيع القليلة الماضية، أخبار رامي مخلوف، عادت إلى الواجهة أخبار رفعت الأسد. لقد حُكم في فرنسا بأربع سنوات سجن في قضيّة أصول جُمعت بالاحتيال وقُدّرت قيمتها بتسعين مليون يورو ما بين شقق وقصور ومزارع للخيل.

رفعت، لمن نسي، هو عمّ بشّار وشقيق حافظ وشريكه في السلطة على امتداد النصف الأوّل من عهده (1970-84). إنّه من أبرز، إن لم يكن أبرز، المهندسين الدمويّين لعهد حافظ، لا سيّما في سجن تدمر عام 1980 وفي حماة عام 1982. خلافه مع أخيه الأكبر اقتصر على مسألة الوراثة والتوريث. في غير ذلك، «الدم لا يصير ماء».
لنرَ، في المقابل، كيف كافأ بعض اللبنانيّين نظاماً كهذا؟

هذه هي الوجهة الثانية: مطالع هذا الشهر توجّه وفد وزاريّ إلى دمشق، وقبل أن يعود منها توجّه إليها وفد درزيّ ضمّ سياسيّين قليلين ورجال دين كثيرين. بعض المراقبين قدّروا أنّ طوائف وجماعات أخرى سوف تحذو حذو الوفدين في ما سمّاه الزميل منير الربيع «موسم الزحف إلى دمشق». خلال الزيارة الأولى، أعيد تنصيب السيّد نصري خوري رئيس ما يُعرف بـ «المجلس الأعلى اللبنانيّ السوريّ» – أحد أبرز معالم عهد الوصاية الأسديّة على لبنان.
تعليقات كثيرة جاءت تشير إلى موافقات فرنسيّة وأميركيّة وعربيّة على هذا التوجّه. ثمّة من تحدّث عن «مصالح غربيّة مع إيران» تستدعي ذلك، وثمّة من ذكّر بالنظريّة السقيمة حول «إقناع الأسد بالابتعاد عن طهران». وبالطبع لم تغب عن اللوحة أخبار «إعادة تعويم النظام السوريّ من خلال أنابيب الغاز المصريّة وشبكة الكهرباء اللبنانيّة» ممّا يُفترض أن يصل إلى لبنان عبر الاراضي السوريّة.

في الأحوال كافّة، جاءت المكافأة الأبرز والهديّة الأكبر مع تشكيل الحكومة اللبنانيّة الجديدة التي توقّع الزميل حازم الأمين أن يكون رئيسها السيّد نجيب ميقاتي قد تعهّد بتطبيع العلاقات مع دمشق، وأنّ هذا التعهّد هو بالتحديد ما سمح بولادتها.

الحكومة نائب رئيسها قوميّ سوريّ ووزير ثقافتها من «حزب الله»، ومن لا يزال يساوره أدنى شكّ عليه بمراجعة غوغل: من هو وزير الإعلام الجديد السيّد جورج قرداحي؟ برنامج «من يربح المليون؟» الذي كان يؤدّيه ينمّ عن أفضل ما فيه. إنّه مثلاً وزير إعلام لا يستسيغ استضافة وسائل الإعلام لمعارضين. أهمّ من هذا أنّه يقطر إعجاباً بـ«سوريّا الأسد» وتباهياً بـ«تحطّم المؤامرات على أسوار دمشق»، و«على أسوار حلب» أيضاً. ربّما كانت لديه آراء أخرى في حرّيّات الإعلام السوريّ.
إنّ هذا الالتصاق بـ «سوريّا الأسد» التي تشهد التطوّرات المشار إليها أعلاه، له بالطبع شارحوه ومُبرّروه. وقد لا يجادل واحدنا في أنّ التردّي اللبنانيّ الرهيب، وصناعتُه ليست بريئة، أعطاهم مزيداً من الحجج وقوّى حججهم الأصليّة.

مع هذا، لا بدّ من ملاحظة تنبع من قلب تلك التطوّرات، وهي أنّ السياسة لم تنفصل عن الأخلاق على النحو الذي نشاهده الآن. وهذا أيضاً أحد مفاعيل الانهيار اللبنانيّ والانتكاس السوريّ اللذين خفضا الأخلاق إلى الدرك الذي انخفضت إليه.

السياسة ليست صنو الأخلاق؟ هذا صحيح، لكنّها أيضاً ليست ضدّ الأخلاق. بلوغ الانفصال هذا الحدّ أمرٌ ينبعي أن نتأمّل فيه، وأن يتأمّله خصوصاً اللبنانيّون الذين يوزّعون المكافآت والهدايا وهم صاغرون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقرير عن العلاقات السوريّة ـ اللبنانيّة في أسبوعين تقرير عن العلاقات السوريّة ـ اللبنانيّة في أسبوعين



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib