الضحك على رمز البراءة في غزة

الضحك على رمز البراءة في غزة

المغرب اليوم -

الضحك على رمز البراءة في غزة

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

منذ انطلاق العدوان في غزة وارتفاع الأصوات المندّدة بالحرب المشتعلة ضد الأطفال والنساء، وكيف أنَّ ثلث شهداء الحرب هم أطفال، بالإضافة إلى أنَّ كل أطفال غزة هم ضحايا هذا العدوان، فمَن لا تحصدهم آلة الحرب القاتلة يموتون رعباً، ويُحرمون من أبسط شروط تأمين حياة آمنة للأطفال؛ مما يجعل طفولتهم ليست أكثر من انتماء إلى فئة عمرية، وليست مرحلة تُعاش كما يجب أن يعيشها أي طفل.

الأمر لم يقف عند قتل الأطفال والاستخفاف بأرواحهم، وباكتواء أوليائهم وأسرهم عليهم، بل إنَّ توخي سلوك انفصامي أصبح يهيمن بدوره على معالجة تداعيات هذه الجريمة في حق القصّر، والحال أنَّ العالم يتشدّق بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وباليوم الدولي لحقوق الطفل...

الخبر الصاعقة والقاهر هو ما قالته أول من أمس «منظمة الصحة العالمية» من أنَّ إسرائيل و«حماس» وافقتا على ثلاث هدن منفصلة مؤقتة للقتال في أماكن محددة بغزة، للسماح بتطعيم 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.

السؤال: هل يمكن لمن يقتل آلاف الأطفال الأبرياء أن يفهم روزنامة تلقيح الأطفال؟ ثم ماذا يعني السماح بتطعيم الأطفال ضد الشلل وهم يعيشون في وضع مهددين فيه بالقتل واليتم؟

هل يستقيم مثل هذا الطلب من جلاد؟

أظن أنَّه في بلد قُتل فيه الآلاف من الأطفال لا يمكن التركيز إلا على طلب واحد: الوقف الفوري للعدوان واستهداف النساء، والأطفال، والرجال، والشباب. إنَّها مسألة مبدئية وأساسية، فإذا لم نركز على هذا الطلب، فإننا مع الأسف نكون كمن يطعّم الأطفال كي يُقتلوا وهم يتناولون تطعيماً ضد الشلل.

لا شيء يستقيم في وضع الحرب فيه مستمرة وضحاياها رقم واحد الأطفال، وبين طلب السماح بتطعيم أطفال غزة. فالطلب وكأنه يتناول منطقة خارج الحرب، وكأنه يستهدف منطقة نائية بعيدة تتطلّب توفير الحق لأطفالها في التطعيم.

لا أظن أننا انتقلنا من الضحك على الذقون إلى الضحك على الأطفال.

كان من المفروض أن تهتزّ الإنسانية جمعاء بمجرد رؤية صور الأطفال المهينة لضمير العالم. إننا نتساءل حول ما بعد تطعيم هؤلاء الأطفال ومدى ضمان أن ينعموا بالحياة، وألا يموتوا كأبشع ما يكون.

لا نعتقد أنَّ الحق في الصحة بالنسبة إلى الأطفال في غزة، إنما يمثّل أولوية أو مصلحة من مصالح إسرائيل. فالحق في الحياة مُغتصَب. والأطفال أحياء إلى حين.

فالتعامل مع الأطفال لا يستقيم باستخدام خطاب الهدنة: لا هدنة مع الأطفال، بل الواجب هو توفير بيئة آمنة لهم، وهذا يعني تجنيبهم أن يكونوا ضحايا حرب بكل المعاني.

من جهة ثانية، يبدو الحديث عن مساعٍ للتوصل إلى هدنة إنسانية، كي يتسنّى تطعيم أطفال غزة، متنكراً لحقائق أثبتها الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني في الآونة الأخيرة، أكثر من أي وقت سابق في تاريخ الصراع.

من هذه الحقائق أن إسرائيل تستهدف مستقبل فلسطين والأطفال هم المستقبل. لذلك فإنَّ جريمة استهداف المدنيين من الأطفال والنساء، تندرج ضمن الضرب الديموغرافي لقطاع غزة، واستنزافه من أجل تعميق الخسارات بحيث يتضاءل الأمل والنضال. فالدولة التي تستهدف قرابة 13 ألف طفل في أقل من سنة، لا يمكن أن تكون معنية بجدية بتطعيم أطفال غزة وحمايتهم من خطر الإصابة بشلل الأطفال.

كما أنَّ استهداف الأطفال والأمهات هو عمل ممنهج ومخطط له، قصد القضاء على إحدى نقاط قوة الفلسطينيين والمتمثلة في معدل الخصوبة. وأتذكر جيداً في حديث مع وزير الملف الاجتماعي في فلسطين من أكثر من سنة، أنه ذكر لي أن معدل الخصوبة يتجاوز 3.7، وهو معدل ممتاز جداً اليوم، إذ إن تونس مثلاً معدل الخصوبة لديها شهد تراجعاً ليبلغ 1.8، الشيء الذي أدَّى إلى بداية تهرُّم، تقوم الدولة التونسية بمجهودات جيدة من أجل التصدي لها، ومن آخر هذه المجهودات صدور قانون «تنظيم عطلة الأمومة والأبوة»، الذي كان لي شرف الاشتغال عليه ومناقشته في مجلس الشعب، والظفر بالتصديق عليه بأغلبية جيدة.

لذلك فإنَّ صمود الخصوبة الديموغرافية في غزة، رغم كل العراقيل والشهداء استوجب من إسرائيل أن تضربَ عامل القوة بشدة والذهاب إلى النساء المستأمنات على دورة المجتمع الديموغرافية وعملية الإنجاب، واستمرار المجتمع والحياة وأيضاً لمضاعفة النتائج تم استهداف الأطفال وقتلهم أمام مرأى العالم، للتقليص من عدد الأطفال، ومن ثم الشباب بعد فترة ومن عدد السكان في نهاية المطاف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضحك على رمز البراءة في غزة الضحك على رمز البراءة في غزة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib