هل نحن واعون بمخاطر الإنترنت على الأطفال

هل نحن واعون بمخاطر الإنترنت على الأطفال؟

المغرب اليوم -

هل نحن واعون بمخاطر الإنترنت على الأطفال

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

هل يجب أن تخسر الإنسانية جيلاً كاملاً حتى يكتمل الوعي بخطورة ما نلاحظه من إدمان خطير للأطفال على الإنترنت والعالم الافتراضي؟

لا يبدو الوضع جيداً بالمرة ويستحق منّا صيحةَ فزعٍ حقيقية ومدويّة. فالأمر يتعلق بالأطفال وبمستقبل الإنسانية على وجه الأرض. ولا نعتقد أنه من صالح أي طرف تجاهل هذه الظاهرة والاكتفاء برصد التداعيات والآثار السلبية على صحة الأطفال.

عندما يتعلق الأمر بالطفل فإن المقاربة لتوسع المخاطر والتكلفة الزمنية من المهم أن تكون مختلفة جذرياً. هناك دروس لا يحق للإنسانية تجاهلها: رأينا كيف تم تجاهل موضوع التغيرات المناخية رغم أن تناوله بدأ من سنة 1995، واليوم فقط اقتنع الجميع بالمشكل، واليوم فقط بدأت التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ تلاحَظ بالعين المجردة وتتدخل في تشكيل الواقع الاقتصادي والفلاحي وطبعاً التداعيات الاجتماعية، بخاصة على الفئات ذات الهشاشة.

هل من صالح طرف ما أن نعيد تجربة التجاهل حتى نتحرك وننطلق في معالجة التأثيرات بالنسبة إلى مخاطر إدمان الأطفال على الإنترنت؟

أولاً من المهم التحلي بالدقة في الفهم والاستيعاب في توصيف الظاهرة بالإدمان. فهذا التوصيف ليس لغة إنشائية أو تعبيراً مجازياً بل إنه فعلاً إدمان بأتمّ معنى الكلمة. وإذا تم استيعاب أنه إدمان، وهو ما أظهرته دراسات علمية ذات مصداقية، فإنه يكفي أن نتخيل مصير العالم في المديين القريب والمتوسط، وتقريباً كل الأطفال في حالة إدمان على الإنترنت اليوم. لنتذكر أن كل ظاهرة سلبية لشكل من أشكال الإدمان تُعد مشكلاً وتحدياً رغم أنها تشمل عدداً معيناً في أقصى الحالات، في حين أننا أمام ظاهرة من نوع ضخم تكاد تطول كل الأطفال.

فأين تكمن الخطورة؟

تكمن الخطورة في حجم الزمن الذي يقضيه الطفل أمام شاشة الكومبيوتر وشاشة الهاتف وهو في حالة إبحار لا تتوقف ويمتد الإبحار إلى ساعات، مما يعني أن الطفل اليوم يقضي ساعات من يومه في عالم افتراضي، وذلك على حساب تحسس العالم الواقعي والطبيعي واكتشافه والانطلاق في تجربة ربط العلاقة مع الطبيعة والمحيط بشكل مادي وملموس... وهي مسألة ذات تأثير سلبي على الكفايات الذهنية ومن ثمَّ المعرفية. وأيضاً من أسباب ارتفاع ظاهرة السمنة بين الأطفال الأكل المصاحب لعملية الإبحار على الإنترنت، وكما هو معروف أن للسمنة آثاراً نعلمها جميعاً على الكهول وكبار السن، فما بالنا بالأطفال.

وبما أن سن الطفولة، حسب الاتفاقيات الدولية، هو عمر الطفل من سن الولادة إلى سن 18 عاماً، فإن الإدمان على الإنترنت وقضاء الساعات الطويلة في إبحار غير محدود، هو الأمر الذي أسهم في توتر العلاقة بين الأولياء والأطفال، خصوصاً المراهقين منهم، إذ يتضح فشل الأولياء في التصدي لهذه الظاهرة وممارسة سلطتهم الأدبية على أبنائهم الذين يعدّون العلاقة بالهواتف وأجهزة الحاسوب من خصوصياتهم.

فعلاً الأولياء في مأزق: إذا مارسوا سلطتهم وخوفهم على أطفالهم من هذا الإدمان الذي يؤثر في شخصياتهم ودراساتهم وصحتهم فإنهم يدخلون في علاقة توتر مع أطفالهم، وإذا تُرك الأطفال فريسة لهذا الإدمان فإنهم خاسرون صحياً وذهنياً وتكون علاقتهم بالعالم والبيئة الاجتماعية علاقة ذات ثغرات وأعطاب.

ومن المؤسف أن نشهد اليوم دعوات لجعل كل شيء في المدرسة خاضعاً للتكنولوجيا الحديثة، إضافةً إلى توجيه حملة ضد الكتاب والكراس. فهذه الدعوات ذات نتائج سلبية وتشير إلى أن علاقة أطفالنا بالمعرفة في تراجُع، والنسق المعرفي يعرف تحولات قاتلة للمعرفة نفسها.

السؤال: لماذا فقط التكنولوجيا الحديثة، وتحديداً الهواتف والحواسيب، شهدت هذا الرواج الساحق؟ هل لأن المسألة تتعلق بالسوق والتربح، إذ نرى البلدان الفقيرة ومحدودة الإمكانات تنتشر فيها هذه الابتكارات أكثر من الغنية نفسها؟ كيف نُفسّر الثمن الزهيد للإبحار على الإنترنت وارتفاع أسعار أجهزة الكومبيوتر التي يحتاج إليها الملايين من المرضى؟

في ظل الانتشار الذي تعرفه ابتكارات الإدمان على الإنترنت، هناك أمر يجعلنا نتساءل: لماذا لا تنتشر ابتكارات الأدوية وأجهزة الطبّ مثلاً فيما تظل بعيدة المنال ومحصورة أيضاً؟

لقد اكتفينا بالإشارة إلى مخاطر الإدمان على الإنترنت على صحة الطفل البدنية والذهنية وتعكيره العلاقة داخل الأسرة، ولم نتعرض إلى مخاطر الاعتداءات التي تهدد الطفل وهو يُبحر على الإنترنت غير الآمن معتقداً أنه في تمام الأمان بفعل الإدمان وتأثيره.

نحتاج إلى مؤتمرات دولية وإجراءات قوية من كل دولة لحماية الأطفال والمستقبل والإنسان. ولا يخفى كم ستكون الشركات منتجة هذه البضاعة الخطيرة بالمرصاد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نحن واعون بمخاطر الإنترنت على الأطفال هل نحن واعون بمخاطر الإنترنت على الأطفال



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib