«إسلامية المعرفة» المهمة المستحيلة

«إسلامية المعرفة» المهمة المستحيلة

المغرب اليوم -

«إسلامية المعرفة» المهمة المستحيلة

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

«إسلامية المعرفة» منتجٌ فكريٌ صحويٌ، ظل حاضراً لعقودٍ في العالمين العربي والإسلامي، ولكنه خفت مؤخراً بعدما تخلى عنه بعض منظريه والمؤسسات الداعمة له، ومفيدٌ استحضار شيء من الجدل حول ذلك المنتج وتياراته وأفكاره ورموزه. تأثراً باليسار، فقد أصبحت «الصحوة الإسلامية» وتياراتها تستخدم في وصف كثيرٍ من منتجاتها مصطلح «العالمية»، وهي توجد مخارج دينية وفقهية لتأصيل كل المفاهيم والأسماء التي تستخدمها، ومن تلك الأسماء، على سبيل المثال لا الحصر، «الندوة العالمية للشباب الإسلامي» و«رابطة الأدب الإسلامي العالمية» وغيرها الكثير، وفي «أسلمة المعرفة» هناك معهد سيد نقيب العطاس المسمّى «المعهد العالمي للفكر الإسلامي والحضارة»، وكذلك «المعهد العالمي للفكر الإسلامي» في فيرجينيا الأميركية، وهو الأشهر و«الجامعة الإسلامية العالمية» في ماليزيا، وقد تحدث حسن البنا مؤسس «جماعة الإخوان» قديماً عن «أستاذية العالم». خرجت من رحم «الصحوة الإسلامية» منتجات معرفية وهمية تدعي «النخبوية».
أما «إسلامية المعرفة» أو «أسلمة المعرفة» أو «أسلمة العلوم الحديثة» فهي أطروحةٌ لم تنجح نظرياً، وأصحابها مختلفون في توصيفها وتأطيرها وصياغتها، وهي على مدى عقودٍ من الزمن ومع غزارة الإنتاج والدعم والتمويل والاستقطاب لم تصل لأي نتيجةٍ مؤثرةٍ أو منهجية معرفية راسخة، وأكثر طرح أصحابها منصبٌ على الإغراق في التنظير والمنهجية، لا في التطبيق والتعامل المباشر مع العلوم الحديثة فهماً واستيعاباً وتطويراً، وهي فشلت لأنها «مهمةٌ مستحيلةٌ» منطقياً وغير قابلة للتطبيق واقعياً، فهي تشترط أمرين: استيعاب العلوم الشرعية على كثرتها واتساعها وتشعبها استيعاباً تاماً مع استيعاب العلوم الحديثة التي لا تحصى، ثم بعد ذلك كله صياغة علومٍ حديثةٍ مؤسلمةٍ، لا علم واحد فحسب، وتصور الفكرة يكفي في تبيّن استحالتها.
اعترافات بعض رموز الفكرة الكبار تظهر فشلها صراحةً، فبعد أكثر من أربعين عاماً من الجهود عاد «أنور إبراهيم» رئيس مجلس أمناء «المعهد العالمي للفكر الإسلامي» في كلمته في إسطنبول في 2019، وهي مثبتةٌ في الموقع الرسمي للمعهد إلى اليوم، ليكتب عن (التحول الملائم والمدروس من نموذج «أسلمة المعرفة» إلى نموذج «تكامل المعرفة»، وهنا يأتي تحول النموذج دليلًا على عزمنا على أن تلبي مؤسستنا احتياجات أزمنة متغيرة.
ولكي نشهد تحولاً مناسباً، علينا أن نتبنى ثقافة مستدامة للابتكار في التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي)، ولا أصرح من هذا الكلام في إيضاح فشل الفكرة، فجليٌ أن «تكامل المعرفة» نموذج مختلفٌ تماماً عن «إسلامية المعرفة» ولا علاقة له بها بأي حالٍ من الأحوال. أخيراً، فإن تصوّر الفكرة كافٍ في نقدها، حيث تشترط معرفة «العلوم الشرعية»، وهي بحر لا ساحل له ثم تشترط معرفة «العلوم الإنسانية»، وهي بحر لا حد له، ثم تشترط نقد الأخيرة نقداً علمياً دقيقاً ثم تشترط بناء «علوم إنسانية مؤسلمة» جديدةٍ، وهي كما هو ظاهر مهمة تنقضي الأعمار دون تحقيقها، وهي بالتأكيد لا يمكن أن تكون عملاً فردياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إسلامية المعرفة» المهمة المستحيلة «إسلامية المعرفة» المهمة المستحيلة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib