«نهاية الصحوة» و«داعش خراسان»

«نهاية الصحوة» و«داعش خراسان»

المغرب اليوم -

«نهاية الصحوة» و«داعش خراسان»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

 

«الأولويات الأصولية» في تناول الشأن العام في العالمين العربي والإسلامي ما زلت حاضرة في المشهد، وبالذات في الدول العربية التي حظرت جماعات الإسلام السياسي مثل «جماعة الإخوان»، واللباس الأنيق واللحى المهذبة والحديث بمفرداتٍ حديثةٍ، ما هي إلا غطاء رقيق لتغطية نفس «الأولويات الأصولية» القديمة.
فإذا ترافق مع هذا اجتهاد البعض -عن سوء نية أو حسنها- في التأكيد على «نهاية الإرهاب» و«نهاية الصحوة» و«نهاية الإسلام السياسي»، فإن هذا لا معنى له إلا السماح بانتعاش «الأولويات الأصولية» المتطرفة دينياً وسياسياً وثقافياً، بما تشمله من «مفاهيم» و«مبادئ» و«أيديولوجيا»، وهو ما يمكن رصده بوضوح في أكثر من بلدٍ عربيٍ. يحسب البعض - مخلصاً- أن «النهضة التنموية» قادرةٌ - وحدها -على إنهاء «الأصولية» و«التطرف» و«الإرهاب»، وهو رأيٌ ربما يراد به إقناع القيادات السياسية بنجاحاتها المبهرة في زمنٍ قياسيٍ، ولكنه ينطوي على مغالطة لمنطق التاريخ وطبيعة الأفكار، والواقع يشهد بعكسه على أية حال، ولهذا يقف طارحو مثل هذا الرأي مشدوهين أمام أي عملٍ إرهابيٍ وكأنه مخالف لقوانين الطبيعة وسيرورة التاريخ، وبدل التراجع عن فكرة خاطئة يختارون غض الطرف عن الوقائع والحقائق، بل وأكثر من هذا يسعى بعضهم لمنع التعليق على الأحداث الساخنة إرهابياً في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على طريقة «النعامة» في دفن رأسها في التراب.
قبل سنواتٍ ثلاثٍ وفي منتصف أغسطس 2021 نشر كاتب هذه السطور مقالة في هذه الصحيفة بعنوان «عودة طالبان ومستقبل الأصولية»، يحذر فيها من تبعات الانسحاب الأميركي المستعجل من أفغانستان، وأنه سيكون سبباً لانتعاش الإرهاب و«الثورة الروحية» للإرهابيين والأصوليين، وجاء في المقال: «الثورة الروحية التي ستجري ضمن صفوف الأصوليين والإرهابيين ستكون خطيرة وواسعة وستعود مفاهيم ظنّ المستعجلون أنها انتهت، «الحق والباطل» و«انتصار الإسلام» و«العزة» و«الكرامة» و«استعلاء المؤمن» وغيرها الكثير ستعود للتداول، وسيتم تسويق «النصر» الإلهي وهزيمة «الحملة الصليبية» ضد الإسلام... وستصبح وسائل التواصل الاجتماعي مرتعاً خصباً للتحريض والتحشيد والتجنيد، وستنشأ آليات جديدة لجمع الأموال وبناء التنظيمات.
واليوم، «داعش خراسان» تشهد انتعاشاً وتشكل خطراً حقيقياً على العالم بأسره واستهدفت «موسكو» بعملية قتلت أكثر من 140 بريئاً وخططت لاستهداف ألمانيا وفرنسا وغيرهما، ولن تلبث طويلاً حتى تصل نيرانها للدول العربية، و«تنظيم القاعدة» ينتعش في اليمن، و«الإرهاب الشيعي» ينشر الدماء في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وفروع «داعش» تنشط في أكثر من بلد في أفريقيا، ووسائل التواصل الاجتماعي تعج بعشرات الحسابات التي تنشر التطرف والأصولية وتسعى للتحريض والتحشيد والتجنيد، وتكفي معرفة أن منفذي هجوم «موسكو» الإرهابي تم تجنيدهم عبر تطبيق «تلغرام».
«المستشار مؤتمن» ووعي القيادات السياسية في الدول العربية ونجاحاتها المبهرة ليس بحاجة إلى أي مجاملات من أي شكلٍ أو لونٍ، وقدرتها على حل أعقد المشكلات أكبر من بعض العقول - وإن حسنت النوايا - وقبل سنواتٍ ثلاثٍ سعى البعض لمنع التعليق على الانسحاب الأميركي الفاشل من أفغانستان، وها هي النتائج تظهر عياناً بياناً، وسعى البعض لمنع التعليق على أحداث «غزة»، وها هو الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره هناك يدفع ثمناً باهضاً كل يومٍ للأسف الشديد.
كتّاب الرأي والمثقفون والباحثون والمختصون الذين يفهمون تعقيدات الواقع ويغوصون في الخلفيات الأعمق تاريخياً ودينياً وسياسياً ويستشرفون المستقبل، إنما يعبرون عن آرائهم وتحليلاتهم وتنبؤاتهم، ولا يمثلون أي وسيلة إعلامية يعبرون من خلالها، فضلاً عن أن يعبروا عن سياسات دول قويةٍ لها مؤسساتها الراسخة ومواقفها الرسمية المعلنة. أخيراً، فتنظيم «داعش خراسان» شديد الخطورة وهو يعلّق الجرس لكل من كان له قلبٌ يعي وعقلٌ يقرأ ويحلل.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نهاية الصحوة» و«داعش خراسان» «نهاية الصحوة» و«داعش خراسان»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib