حرب إسرائيل والسنوار

حرب إسرائيل والسنوار

المغرب اليوم -

حرب إسرائيل والسنوار

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

لا حدث في الشرق الأوسط برمته أهم في هذه المرحلة من الحرب في غزة، وتطوراتها الداخلية والإقليمية، والتهديدات باتساع رقعة الحرب إقليمياً بين إسرائيل وإيران. مواقف الدول العظمى في العالم وتصريحات مسؤوليها ومبادرات التهدئة والهدنة وإيقاف الحرب، والتغطيات الإعلامية الواسعة؛ كلها تؤكد ألا حدث أهم من هذه الحرب الطاحنة في غزة.

لدى نتنياهو موقف رافضٌ لـ«اتفاقية أوسلو» التي منحت الفلسطينيين شيئاً من حقوقهم، وسمحت بقيام السلطة الفلسطينية على أرض فلسطين لا خارجها، وهي الاتفاقية التي فتحت الباب لإيقاف حقبة الحروب بين العرب وإسرائيل، ورفضُ نتنياهو لها رفضٌ سياسي وآيديولوجيٌّ، فهو لا يريد أي دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، وهو يسعى جاهداً للقضاء المبرم على القضية الفلسطينية، وحين انقلبت حركة «حماس» على السلطة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2007، وكان انقلاباً دموياً وعنيفاً فرح به نتنياهو؛ لأنه يفرض الانقسام السياسي للفلسطينيين، وسمح حينها بدخول مليارات الدولارات عبر البنوك الإسرائيلية إلى حركة «حماس» حتى تبقى وتتطور وتعزّز الانقسام.

منذ 2007 وحتى 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ظلّت حكومات إسرائيل تتبع النهج ذاته تجاه «حماس» في غزة، وظلت حركة «حماس» تستفيد من حكمها لغزة، لفرض أجندتها السياسية على الفلسطينيين، وترفض السلطة الفلسطينية وترفض منظمة التحرير، وهي تستفزّ إسرائيل كل خمس سنواتٍ تقريباً لتدمّر أجزاء من قطاع غزة، وتستفيد الحركة بفرض نفسها إقليمياً على كل الدول، وتتفاهم معها الدول الكبرى في العالم.

الرئيس الأميركي بايدن يبشّر بقرب التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» بعد مفاوضاتٍ مضنية استمرت أشهراً بين الدوحة والقاهرة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس يَعِد بالذهاب إلى غزة بطريقة ما، وإذا نجحت المفاوضات فسيتم إطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين في مقابل إطلاق بعض الأسرى الفلسطينيين، ونتنياهو يماطل حتى يستطيع تدمير مزيد من قطاع غزة، ويحتاج إلى أقل من شهرين فقط، ليكمل عاماً من الحرب الشرسة والمدمرة على القطاع.

أي محللٍ سياسي يُدخل الآيديولوجيا والغيبيات في تحليله العلمي والسياسي فهو يزري بنفسه وبمن يقرأ له أو يتابعه، ومن دون الآيديولوجيا والغيبيات فإن ما جرى في 7 أكتوبر كان حماقة سياسية بكل المقاييس والمعايير، فبعد أشهرٍ من الحرب اضطر إسماعيل هنية قائد «حماس» قبل اغتياله إلى القول إن الحركة تقبل حل الدولتين الذي وافقت عليه السلطة الفلسطينية ودعّمتها كل الدول العربية، قبل ثلاثة عقودٍ، ولكن بعد ماذا؟ بعدما أحكمت الحركة سيطرتها على القطاع وبنت ولاءات إقليمية لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني ولا قضيته.

التدمير الذي طال قطاع غزة هائلٌ جداً وغير مسبوقٍ بهذا الشكل الذي أعاد القطاع سنواتٍ كثيرة إلى الوراء، فبأي مقياسٍ عسكري يمكن وصف هذا بالانتصار؟ ولأجل إطلاق بعض الأسرى الفلسطينيين قُتل أكثر من أربعين ألف فلسطيني، فبأي معيارٍ سياسي يمكن وصف هذا بالانتصار؟ والمحللون السياسيون الذين أيّدوا ما جرى في 7 أكتوبر لا يمتلكون شجاعة التراجع والاعتراف بالخطأ والراصد لطروحاتهم يجدهم اليوم يتسللون لواذاً ويختبئون خلف مفاهيم سياسية لزجة وغير متماسكة حتى لا يخرجوا وكأنهم مؤدلجون، ويمكن متابعة هذا التكلف والتعسف في كل طروحاتهم بحيث لا تخطئه عين مهما حاولت التغاضي.

هؤلاء المحللون هم تابعون لمحور المقاومة سيئ الذكر في العالم العربي، وبخاصة أنه محورٌ يداه ملطختان بدماء الشعوب العربية في أربع دولٍ وقتلى هذا المحور وجرحاه من العرب، يقاربون القتلى والجرحى العرب في مواجهات إسرائيل، ومن ليس تابعاً لهذا المحور فهو تابعٌ للمحور الأصولي في المنطقة الذي تقوده دولة إقليمية كبرى، وتنضوي تحته بعض الدول العربية الصغيرة وجميع حركات الإسلام السياسي، وهذا المحور لا يقل خطراً عن إسرائيل ولا عن محور المقاومة في قدرته على زعزعة الدول وضرب أمنها واستقرارها، وما كارثة «الربيع العربي» المشؤوم إلا مجرد مثالٍ على حجم هذا الخطر وقوة تأثيره.

المتطرفون يتخادمون، ولو سعى نتنياهو لتدمير غزة وقتل أربعين ألف فلسطيني لما استطاع، ولجلب على نفسه وعلى دولته مواقف دولية صارمة وقوية وغير مسبوقة، ولكن الذي قدّم له العذر الكامل والمبرر لصنع كل ذلك هو يحيى السنوار قائد «حماس» في قطاع غزة، والرجل القوي فيها منذ سنواتٍ ليست بالقصيرة، الذي أصبح قائدها بعد اغتيال هنية، فأخذ عشرات الأسرى من المدنيين ثم اختبأ في الأنفاق وترك نتنياهو وجيشه يحرقون غزة بشراً وشجراً وحجراً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب إسرائيل والسنوار حرب إسرائيل والسنوار



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib