الإمارات إدارة الأزمة بفعالية

الإمارات.. إدارة الأزمة بفعالية

المغرب اليوم -

الإمارات إدارة الأزمة بفعالية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

للنجاح معايير وللإنجاز مقاييس، وللإمارات في ذلك القدح المعلّى، فقد شهدت لها الشعوب العربية أنها تمثل النموذج الذي يحلمون به، وشهدت لها القيادات المتطلعة للمستقبل والمتوثبة للحلم في المنطقة بالأسبقية. كوارث الطبيعة تحدث في كل مكانٍ، ولا تفرق بين بلدٍ غنيٍ وآخر فقيرٍ، وتتباين الدول في استجابتها لكوارث الطبيعة بين دولة مستعدةٍ ومهيأةٍ وأخرى لا تملك ذات الاستعداد ونفس التهيئة، وقد ضرب دولة الإمارات العربية المتحدة منخفض جوي هو «منخفض الهدير» وبما أني أسكن وأعيش في هذه الدولة الكريمة منذ عقدين من الزمان، فإني لم أر مثله من قبل في غزارة الأمطار واستمراريتها في الهطول، وأكثر من تجربتي الشخصية وعمري بأكمله، فقد خرجت المصادر الرسمية لتؤكد أنه لم يحدث مثله في الدولة منذ خمسة وسبعين عاماً. جاءت الحالة الجوية والإمارات مهيأة بأقصى استعداداتها لمواجهتها والتعامل معها، وحين فاقت كل التوقعات قامت الدولة بإدارة الأزمة بفعالية وتولّت كل إدارة مسؤوليتها في الشرطة والدفاع المدني والمؤسسات الأمنية والمدنية، وبادرت الفرق المدربة والمحترفة بأعمالها، كلٌّ في مجاله وتخصصه، وتهافت الناس زرافاتٍ ووحداناً للعمل التطوعي الداعم لعمل الحكومة، وتكاتف القطاع الخاص والعام، وتمت السيطرة على الأزمة التي شكلت تحدياً ولكنها مرّت بأقل الخسائر.

الدول لا تتهيأ للنادر والشاذ من ظروف المناخ وتغيراته، ولو هبت عاصفة ترابية من تلك التي تشهدها منطقتنا على الدول الاسكندنافية الغنية لما استطاعت التعامل معها، وقد كان كاتب هذه السطور في العاصمة البريطانية لندن فهبط الثلج الأبيض وغطى كل شيء فتعطلت وسائل النقل العام والخاص وفرغت الشوارع من الباصات والسيارات وفي الصباح كانت طفلةٌ من «السويد» تستغرب من هذا البلد الذي يتوقف فيه كل شيء لمجرد قليل من الثلج بينما في بلدها السويد يكون الثلج كثيفاً وتستمر الحياة بشكلٍ طبيعي، ولم تدرك لسنها الصغير أن الدول تستعد لمناخها المعتاد زيادةً ونقصاً ولكنه حين يصبح نادراً يشكل استثناء لا تكون الدول مستعدةً له، وبريطانيا ليست السويد. وقد قامت الدولة بدورها، ووجه رئيس الدولة «الجهات المعنية بسرعة العمل على دراسة حالة البنية التحتية في مختلف مناطق الدولة وحصر الأضرار التي سببتها الأمطار الغزيرة القياسية التي شهدتها البلاد والتي تعد الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات المناخية في عام 1949».

كما وجه «بتقديم الدعم اللازم إلى جميع الأسر المتضررة من آثار الأمطار في مختلف مناطق الدولة، وأمر بنقل الأسر المتضررة إلى مواقع آمنة بالتعاون مع الجهات المحلية». وتحولت هذه التوجيهات سريعاً إلى برامج عمل تولتها الجهات المحلية حكوميةً كانت أم من القطاع الخاص. يتناقل المواطنون والمقيمون صوراً ومقاطع فيديو لما أظهرته الأمطار الغزيرة من أوديةٍ قديمةٍ مندثرةٍ تحت الرمال وأفلاجٍ وآثارٍ أبانت عنها المياه الجارية، بينما قامت لدى الشانئين لدولة الإمارات وللنجاح والإنجاز سوق الشماتة فأخذوا يفتشون ويشنعون على بعض المقاطع والصور بقدر صدمتهم من تخلف دولهم  بعكس الطريق الذي تسلكه الإمارات بخطى ثابتةٍ نحو التقدم والرقي. أخيراً، فقبل عقد ونصف العقد من الزمان كتبت مقالة في هذه الصحيفة بعنوان «دبي الفقاعة النموذج» قلت فيها: «ليت أن لنا في كل بلدٍ فقاعةً مثل دبي يذوق الناس فيها قيمة التنمية والنجاح والفردانية والإنجاز»، ومثل هذه الكارثة الطبيعية، تؤكد ما قلته من قبل، والأزمات للقوي تشكل تحدياً برسم التجاوز لا عائقاً برسم الإحباط، ولا عزاء للشامتين

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإمارات إدارة الأزمة بفعالية الإمارات إدارة الأزمة بفعالية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib