لحظة تشاؤم ماكرون
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

لحظة تشاؤم ماكرون

المغرب اليوم -

لحظة تشاؤم ماكرون

أمير طاهري
بقلم : أمير طاهري

 

«استعدوا لنهاية الوفرة!» - هذه هي الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أول تصريح له بعد انتهاء عطلته، الأسبوع الماضي. ومع أن حديث ماكرون من المفترض أن يكون موجهاً للشعب الفرنسي، بدا أن رثاءه يضع في الاعتبار «العالم الغربي» بأكمله. وتبعاً لما أعلنه ماكرون، فإن عصر رأس المال المتاح بسهولة والموارد الطبيعية التي تبدو دونما نهاية، ولا سيما النفط والغاز الطبيعي، قد انتهى بالفعل. والآن، أصبح لزاماً على «العالم الغربي» أن يتعلم كيفية العيش بطريقة مختلفة. على الرغم من أن ماكرون لم يستخدم العبارة المبتذلة القديمة حول الثقافة «الاستهلاكية» التي تستنزف موارد الكوكب وتتسبب في تغيير المناخ، بدا من الواضح أن جزءاً من اهتمامه كان موجهاً لعالم البيئة. والآن، لماذا يشجع زعيم بلد ديمقراطي مشاعر التشاؤم، إن لم يكن الكرب، في اللحظة ذاتها التي نتجه فيها، تبعاً لتحليله الوهمي، نحو مآزق رهيبة؟

يمكن العثور على جزء من الإجابة في النكسة التي عانى منها حزب ماكرون، وهو خليط من المجموعات المنتمية لمختلف الأطياف السياسية، في الانتخابات العامة الأخيرة.جدير بالذكر، أنه قبل ست سنوات، بنى ماكرون نجاحه المفاجئ من خلال محاولة تقويض السياسة الفرنسية، ورأب الصدع الكلاسيكي بين اليسار واليمين القائم منذ 200 عام. ويبدو أن ما حدث في السنوات الخمس الأولى من رئاسة ماكرون يؤكد افتراضه بأن فرنسا مستعدة لأن تحرر نفسها من الآيديولوجيا. في تلك الفترة، أصبح اللون الأحمر والشيوعيون والاشتراكيون من مختلف الأطياف أقرب إلى اللون الوردي، بينما أصبح اللون الأزرق والأحزاب اليمينية والديغولية التقليدية باللون الفيروزي، وأصبح السود واليمين المتشدد والمجموعات الفاشية الجديدة رمادية اللون.

ومع ذلك، فإن التغيير الذي أحدثته «ثورة» ماكرون فتح الطريق أمام آيديولوجيا جديدة في مجتمع يبدو أنه غير قادر على الاستغناء عن الآيديولوجيا الشاملة. كانت هذه الآيديولوجيا كامنة على الهامش لعقود تحت مسميات مختلفة، ولا سيما البيئة والانحدار والصواب السياسي أو النسخة الأميركية من الوعي. وتبعاً لما يعتقده المنظّر السياسي الألماني كارل شميدت، يحتاج كل مجتمع إلى ما يسميه «نوموس» وهي الكلمة اليونانية المعبرة عن المبدأ التنظيمي للحياة المادية والثقافية للمجتمع. يمكن أن يكون لهذا الـ«نوموس» توجه ديناميكي، بل وعدواني. ويمكن كذلك أن يعكس «نوموس» شعوراً بالخمول، أو حتى الخوف من فقدان الحياة أو وسائل المعيشة المادية. ويمكن وصف «نوموس» في نسخته الحالية، التي تحاول السيطرة على جميع المجتمعات الغربية تقريباً، بالميل للعب دور الضحية.

وتبعاً لهذه النسخة من «نوموس»، فإن الكوكب ضحية للبشرية بنهمها الشره تجاه الاستهلاك، في الوقت الذي تعد البشرية نفسها ضحية الجشع الذي تولده الرأسمالية التي تعتبر هي الأخرى ضحية الأسواق المتقلبة. وبالمثل، فإن النساء ضحايا الرجال، بينما الشباب، الذين يشكلون غالبية الفقراء، ضحايا الأغنياء كبار السن. كما أن أحفاد العبيد السابقين هم ضحايا أحفاد مالكي العبيد السابقين. أيضاً، فإن أولئك الذين يتبعون «أنماط حياة بديلة» هم ضحايا أولئك الذين يفضّلون منصب القس. وتنطلق هذه النسخة من «نوموس» في حالة من البحث المستمر عن ضحايا دينية واجتماعية واقتصادية وعرقية وضحايا آخرين لا نهاية لها. وتبعاً لهذا الـ«نوموس»؛ فإنه يجب تقسيم المجتمع إلى شرائح لا حصر لها جميعها متساوية، لكن في الوقت نفسه مختلفة عن جميع الشرائح الأخرى.

من جانبهم، أساء النازيون الألمان ودعاة «الطريق الثالثة» استخدام «نوموس» شميدت وعمدوا إلى استغلاله كأداة لحل المجتمع المدني، بينما تلتهم الدولة الأمة قبل أن تلفظها في أتون حرب ما. من ناحية أخرى، يبدو أن نسخة «نوموس» الجديدة مصممة لإضعاف الدولة وتحويلها إلى مهرج يعمل على تسلية لمجتمع يجري تعريفه باعتباره ائتلافاً من مجموعات من الضحايا. لقد ولّت الأيام التي أخبر فيها فريدريك باستيات البرلمان الفرنسي في القرن التاسع عشر، أن «الدولة التي تنزع عنها القدسية» يمكن أن تصبح خطراً يهدد الحرية. اليوم، ربما كان فرنسوا غيزو، الذي نصح الفرنسيين قائلاً «انطلقوا نحو الثراء» مادياً وثقافياً، في غير المكان المناسب له في باريس. اليوم، نسمع أصداء أدولف تيير، الرجل الذي سحق ثورة كومونة باريس، عندما أخبر البرلمان أن «الحياة السهلة ليست جيدة للجميع»!

ظهر مؤخراً على التلفزيون الفرنسي المملوك للدولة، صحافيان تفاخرا برفضهما ارتداء أربطة العنق والبدلات الرسمية لمقابلة الرئيس ماكرون، وكيف امتنعا عن مخاطبته بـ«السيد الرئيس»، ومن المفترض أنهما فعلا ذلك للثأر لجيل أقدم من مراسلي التلفزيون أصبحوا اليوم ضحايا، وكان عليهم الانصياع للرؤساء ديغول أو ميتران أو شيراك. في إطار ثقافة لعب دور الضحية أو الشعور بالمظلومية، يجري النظر إلى الدولة باعتبارها مجرد آلة ضخ أموال تعمل على توزيع المال بين الضحايا، في الوقت الذي تقدم لهم الاعتذارات. وخلال السنوات القليلة الماضية، وزعت الدول الغربية، في كل من أوروبا وأميركا الشمالية، تريليونات لا حصر لها من الدولارات من أجل تعزيز شرعيتها المهتزة.

وقد حاول بعض الفلاسفة، بينهم الألماني يورغن هابرماس، إضفاء صبغة مسيحية على فكرة لعب دور الضحية. وفي رؤيتهم، فإن العالم الغربي، بعد فترة طويلة من تبني ما يسمى النظام «العلماني»، بدأ يتذكر المسيحية كمدرسة للاقتصاد والتعاطف مع المضطهدين والتكفير عن الخطايا التي يرمز إليها المسيح.وتكمن مشكلة هذه القراءة في أنها أقرب إلى المفهوم اليوناني عن الضحية، أو كبش الفداء، عن المفهوم المسيحي للفادي. في المفهوم اليوناني، يعتبر كبش الفداء مخطئاً حقاً والتضحية تطهر المجتمع بأسره. أما في المفهوم المسيحي، فإن الفادي بريء، ويجري النظر إلى تضحيته كإمارة على النعمة الإلهية.

وتعدّ فكرة لعب دور الضحية جزءاً من المسيحية التي أسيء فهمها، وهي نسخة مشوهة من الماركسية، والفكر الداعم للبيئة لكن على نحو متطرف، وكذلك الليبرالية المتشددة التي يتبناها في الغالب أناس ذوو نوايا حسنة، وميسورون ولكنْ متشائمون. ومع شعار «الأقل أفضل من الأكثر»، يحذر هؤلاء من أن النمو الاقتصادي يقود البشرية إلى الانتحار الجماعي. ومن الآن فصاعداً، ربما حتى نهاية العالم، يجب أن نختار «لا مزيد من النمو». أما النصيحة الكبرى لهذا التيار، فهي «الرغبة فيما لديك» و«إعادة تدوير ما لا تريده».والمثير للدهشة، أن الحضارات التي كانت تخشى النمو، وتفضل إعادة التدوير، وكبح الرغبات، كما نرى في ذلك الكتاب المهم «جلجامش»، كان مصيرها الانهيار والموت.

أما النبأ السار هنا، أن فكرة المظلومية، على الرغم من أنها أقوى عن أي وقت مضى في المجتمعات الغربية، لم تنجح في القضاء على التفاؤل الأساسي الذي تقوم عليه الحضارة الغربية، والتوق إلى الحرية الفردية والابتكار والنمو. وعليه، فإن تشاؤم ماكرون، سواء كان حقيقياً أو زائفاً، يمكن أن يتحول نهاية الأمر إلى مجرد سحابة عابرة.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة تشاؤم ماكرون لحظة تشاؤم ماكرون



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib