روسيا المفاجأة الكبرى أمام ترمب

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

المغرب اليوم -

روسيا المفاجأة الكبرى أمام ترمب

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

هل يستطيع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يجلب السلام إلى أوكرانيا في يوم واحد، كما أكد في أثناء الحملة الرئاسية حتى قبل دخوله البيت الأبيض؟ الإجابة الموجزة: لا. والمؤكد أن انتخابه ساعد على تغيير نبرة بطلَي القصة.

من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للعمل من أجل السلام عام 2025. كما أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إدخال كلمة «سلام» في قاموسه. إلا أن المشكلة أن كلا الزعيمين أضاف كذلك تعديلات تلقي بظلال كبيرة من الشك على مصداقية هذه الكلمة النبيلة.

تمثَّل تعديل زيلينسكي في إضافة كلمة «عادل»، بينما في الواقع لم يكن هناك، ولن يكون، سلام مقبول بوصفه عادلاً من قبل كلا طرفَي الحرب. ولن يكون السلام ممكناً إلا إذا جرى النظر فيه أو فرضه على نحو انفرادي، عارياً وخالياً من زخارف الأوصاف. وحتى الآن، لا توجد أي علامات على أن زيلينسكي أو بوتين على استعداد للتخلي عن الشروط التي يربطانها بأي تحرك نحو السلام.

السؤال الآتي: هل يستطيع ترمب إنهاء الحرب من دون سلام رسمي؟ مرة أخرى نجد أن الإجابة الموجزة: لا. لا يزال لدى الجانبين ما يكفي من الأسلحة والمال والطاقة، التي تغذيها الكراهية والدعم الأجنبي، لإبقاء آلة القتل عاملة. ولا يستطيع أي منهما أن يتحمل الهزيمة، لأن ذلك قد يكلف زيلينسكي حياته، وفي حالة بوتين قد يكبده نهاية مسيرته السياسية، على أقل تقدير.

جدير بالذكر، أن محاولات إنهاء هذه الحرب والتحرك نحو السلام، بدأت منذ اليوم الأول للغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022، فبعد يومين من الغزو اتصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ببوتين ليقدم نفسه بصفته صانع سلام. واستمرّ في جهود صنع السلام عبر الهاتف لأشهر عدة، حتى أدرك أن هناك أشياء في السماء والأرض أكبر مما يحلم به بطل قصر الإليزيه.

وقد تناول عدد لا يحصى من الخبراء والمسؤولين مسألة كيفية انتهاء الحرب. وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية البولندي، راديك سيكورسكي، إن بوتين وحده قادر على إنهاء هذه الحرب في غضون 15 دقيقة، عبر إصدار أمر بوقف إطلاق النار وإعلان النصر. أما الكاتبة الأميركية آن أبلبوم، فعبَّرت عن اعتقادها بأن الحرب ستنتهي بانتهاء مسيرة بوتين المهنية. واقترح الخبير البريطاني نيل فيرجسون، أن بوتين يجب أن يتعرض لهزيمة ساحقة في ساحة المعركة، كي يصبح من الممكن إنهاء الحرب. وتكهن آخرون بأن بوتين سوف ينهي الحرب بعد غزو مولدوفا وضم ترانسنيستريا، ما من شأنه أن يضمن له مكانة في صفوف الأبطال العسكريين الروس، من بطرس الأكبر إلى جوزيف ستالين.

من جهتها، تنصح الشخصيات المناهضة لأميركا الأوروبيين، بنبرة لا تخلو من سخرية، بتعلم كيفية خوض حروبهم بأنفسهم، متناسين «أميركا الأخ الأكبر». وبالتالي، فإنهم بذلك يشجعون حلم بوتين في فك الارتباط بين أوروبا والولايات المتحدة.

اللافت أنه منذ بداية الحرب، لم يتوقع أحد أن تستمر هذه الحرب طويلاً. ومع ذلك، فإنه في غضون بضعة أشهر، سرعان ما جرى استيعاب الحرب في إطار الفوضى المنظمة للوجود البشري، بوصفها «واحداً من تلك الأمور التي كثيراً ما تحدث».

ووجدت قوى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، أن التكلفة معقولة، مع الميزة الإضافية المتمثلة في منح صناعاتها العسكرية دفعة رائعة، وفي حالة الأوروبيين، تضاعف الإنفاق على الدفاع تقريباً من دون أن تضج دوائرهم الانتخابية بالشكوى. وربما تكون الصين، هي الأخرى، سعيدة برؤية الحرب تستمر لفترة أطول قليلاً. لقد ثقبت الحرب بالون القوة العظمى الروسية، ودفعت موسكو باتجاه الاعتماد على الصين؛ للحصول على الدعم السياسي، وبوصفها سوقاً للنفط والغاز الروسيَّين. وهذا بدوره يجبر إيران، على تقديم خصومات أكبر على النفط المبيع للصين. من ناحيتها، لدى أوروبا تاريخ طويل من الحروب الطويلة.

إذن، ماذا يستطيع ترمب أن يفعل؟ إنه لا يستطيع إحلال السلام، إذا لم يكن أي من الطرفين على استعداد لذلك. ولا يمكنه كذلك إنهاء الحرب، ما دامت لم تتجاوز عتبة الألم، ليس فقط في أوكرانيا وروسيا، وإنما على مستوى العالم.

في المقابل، ما يستطيع ترمب فعله، وقف الحرب، واقتراح إطار زمني للنظر في خيارات أخرى، بما في ذلك الوضع الراهن المؤقت. في كتابه الأكثر مبيعاً «فن الصفقة»، شدَّد ترمب على ضرورة عدم النظر إلى أي صفقة بوصفها مستحيلة. وبعد ذلك ينصح بتجنب محاولة التوصل إلى صفقة ما، إذا لم يكن المرء يتمتع بنفوذ.

سواء راق للبعض ذلك أم لا، فإن الولايات المتحدة تحت إدارة جادة تعي جيداً ما تريد، تتمتع بهذا النفوذ. في حالة أوكرانيا، لا يحتاج هذا إلى شرح. وفي حالة روسيا، فإن هذا النفوذ يتمثل في الوعد بمساعدة القوة العظمى السابقة، على إيجاد طريق للانضمام إلى النظام العالمي، بمكانة تتناسب مع تاريخها وأهميتها الجيوسياسية، وطموحاتها المشروعة.

إن التحدي الذي يواجهه ترمب أكبر بكثير من إنهاء الحرب في أوكرانيا، التي يمكن إنهاؤها عبر الأساليب الدبلوماسية المجربة التي سبق تجريبها في عدد من الحالات المماثلة بعد الحرب العالمية الثانية. يكمن التحدي الكبير في إخراج روسيا من العزلة، الأمر الذي أخذته الإدارات الأميركية المتعاقبة على محمل الجد.

والآن، هل يستطيع ترمب أن يفعل ذلك؟ عندما أطلق في ولايته الرئاسية الأولى خطة السلام الإبراهيمي، كنت من بين أولئك الذين شككوا في نجاحه. أما هذه المرة، فأتمنى له النجاح.

     

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا المفاجأة الكبرى أمام ترمب روسيا المفاجأة الكبرى أمام ترمب



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib