أوكرانيا العواقب غير المتعمدة
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

أوكرانيا: العواقب غير المتعمدة

المغرب اليوم -

أوكرانيا العواقب غير المتعمدة

أمير طاهري
بقلم : أمير طاهري

ماذا تفعل عندما تجد نفسك عالقاً في حرب لا تستطيع الانتصار فيها ولا حتى الخسارة؟ هذا هو السؤال الذي يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع دخول «عملياته الخاصة» عامها الثاني. الجواب: أن تقوم بحيلة خداع بصري لإخفاء حقيقة أنك عالق ولا تستطيع التحرك في أي اتجاه بسرعة.

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عزف بوتين وآلته الدعائية على وتر النصر بفضل «الجنرال شتاء»، الذي كان من المفترض أن ينتصر بمخالبه المجمدة. وعندما لم يحدث ذلك، اشتروا بعض العناوين الإيجابية بإقالة قائدهم في أوكرانيا وإلقاء قائدهم العسكري الأعلى، الجنرال غراسيموف، داخل عرين الأسد. ومع ذلك، بات من الواضح الآن أن غراسيموف، البيروقراطي الذي يرتدي الزي العسكري، ويحمل على صدره العديد من الميداليات، ليس بصانع معجزات.
هذا هو السبب في أننا نسمع الآن نغمة جديدة من الكرملين تقول إن هجوم الربيع من المفترض أن يقدم لروسيا نصراً كاملاً على طبق من فضة. إن الفكرة الخيالية التي ترى أن الربيع، مثلما يحيي الطبيعة، قادر على إهداء النصر للجانب الذي يفضله؛ قديمة قدم تاريخ الحرب ذاتها.
في الحرب التي دارت رحاها في القرن الرابع عشر بين إنجلترا وفرنسا، اعتقد الملك الإنجليزي إدوارد الثالث أن هجوم الربيع سينهي الملحمة الدموية. فقد هزم الفرنسيين في «بواتييه» وأسر ملكهم، لكن الحرب الطويلة أبت أن تضع أوزارها.
في الحرب الأهلية الأميركية، توغل سلاح الفرسان التابع للجنرال شيريدان في عمق «أراضي العدو» كجزء من هجوم الربيع للجنرال يوليسيس غرانت. ومنذ ذلك الحين، أصبح «القيام بعملية شيريدان» مثلاً عسكرياً، لكن الحرب بين الأشقاء لم تنته عند هذا الحد.
عام 1918، ظهرت نسخة ألمانية من هجوم الربيع الذي تحول إلى آلة للموت، لكن على نطاق وطني.
المأساة في أوكرانيا - سمّها عملية خاصة إن أردت أن تسعد بوتين - تطورت إلى حرب موضعية صغيرة تتسم بالتقدم لمسافات صغيرة تدريجياً والتراجع، على نحو أقرب للحرب العالمية الأولى منه لحروب القرن الحادي والعشرين.
في الواقع، ظلت جبهة الحرب التي تأسست عام 2014، مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وإقامة جيب انفصالي في «دونباس»، من دون تغيير إلى حد كبير. ومن غير المرجح أن يغير هجوم الربيع، الذي تدق الدعاية الروسية طبوله، هذا الوضع.
قد يكون من المثير للاهتمام دراسة العواقب غير المتعمدة لهذه الملحمة المأساوية. إحدى هذه النتائج هي إعادة الحرب إلى طاولة الحوار الدولي كواقع مكاني وزماني. إن فكرة أن الحرب يمكن بطريقة ما انتزاعها من فصول قصة البشرية، على غرار ما حدث مع العبودية، أصبحت حقيقتها واضحة: مجرد فكرة خيالية خطيرة. وقد أدى ذلك إلى تأملات في مذاهب عسكرية من الماضي ظن الكثيرون أو كانوا يأملون أنها اختفت.
منذ حوالي نصف قرن مضى، ألغت الولايات المتحدة التجنيد الإلزامي لصالح قوة كل قوامها من المتطوعين، وقد حذت غالبية الدول الديمقراطية الأخرى وبعض الدول النامية حذوها. ورغم ذلك، ظهر شكل من أشكال العودة إلى هذا النظام، وتجري مناقشته علناً في العديد من العواصم. والإنفاق الدفاعي الذي كان يُنظر له يوماً ما باعتباره رفاهية، بات اليوم أمراً حيوياً للأمن القومي وضمان الاستقلال.
قبل مأساة أوكرانيا، كان خفض الإنفاق العسكري أداة قياسية لخفض العجز في الميزانية. غير أنه في عام 2022، قامت أكثر من 40 دولة بزيادة ميزانياتها العسكرية، وشرعت في تنفيذ برامج ضخمة لتحديث ترساناتها العسكرية وتطوير أنظمة تسليح حديثة.
وبالتالي، قد تكون إحدى النتائج غير المتعمدة لمأساة أوكرانيا، اندلاع سباق تسلح جديد لا نعرف ما إذا كانت روسيا قادرة على الفوز به. وقد تجد الصين نفسها أمام خيار صعب بين الانضمام لسباق التسلح، وبالتالي تحجيم مصادر المفترض استغلالها لإخراج المزيد من شعبها من حالة الفقر، أو الخروج من السباق، وبالتالي تحجيم طموحها في تولي زمام قيادة العالم.
النتيجة الأخرى غير المتعمدة قد تكون خفض مستوى الدبلوماسية، بحيث لم تعد الأداة الرئيسية لحل النزاعات على المستوى العالمي. ومع تهميش الأمم المتحدة بالفعل، فإن قدرة الدبلوماسية الدولية على إنهاء، أو على الأقل، تخفيف حدة العديد من النزاعات الإقليمية الصغيرة أو الكبيرة، ستتراجع أكثر.
كما عززت المأساة الأوكرانية اتجاهاً بدأ في الأيام الأولى من القرن الجديد، يتمثل في التحرك تجاه خصخصة الحرب، وتكشف المعلومات المتاحة أنَّ الحروب الخاصة أصبحت مشروعاً عالمياً مربحاً يعمل فيه عشرات الآلاف من الأشخاص، ويؤثر على أكثر من عشر دول في أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط. في بعض المناطق، مثل المناطق الشرقية من الكونغو (كينشاسا)، أصبحت الحروب الخاصة عاملاً جوهرياً في التحكم في الوصول إلى الموارد المعدنية النادرة ذات الأهمية الاستراتيجية.
ثمة نتيجة أخرى غير متعمدة تتمثَّل في ظهور علامة استفهام كبيرة حول اندماج روسيا كلاعب كبير فيما وصفه ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلسين بـ«بيتنا الأوروبي الواحد». إن الجدل الروسي الكلاسيكي بين أنصار السلافية وأنصار الغرب، يعكس الواقع الروسي بتناقضاته المتأصلة. ها هو بوتين يقدم نسخة مصطنعة من السلافية (الدول السلافية اندمجت بالفعل في البيت الأوروبي الواحد)، مما لا يترك لروسيا أي خيار سوى النظر شرقاً إلى الصين، وقبول لعب دور ثانٍ لقوة ذات هياكل وطموحات غريبة عن الطموحات الروسية العادية.
وربما تكون النتيجة غير المتعمدة الأكثر أهمية لمأساة أوكرانيا، هي خروج ما يسمى عملية العولمة عن مسارها، فقبل عقدين من الزمان، كان الحديث منصباً على الميزة النسبية وإلغاء التوطين. إلا أن الناس اليوم يتحدثون عن إعادة التوطين، وإعادة بناء «صناعتنا الخاصة». وقد يدفع ذلك باتجاه العودة إلى العقلية الاقتصادية الحمائية التي يمكن أن تتسبب في كارثة للعديد من البلدان، أو تقدم تصحيحاً متأخراً للعولمة التي خرجت عن مسارها.
كان اجتياح أوكرانيا خطوة غير ضرورية، من وجهة نظر القائد العسكري الفرنسي تاليران، أسوأ من مجرد ارتكاب خطأ، لأنها أخرجت الأمور عن السيطرة، وبات من الصعب إعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
حسناً، الربيع ليس ببعيد وقد يشن بوتين هجومه. لكن يبقى السؤال: ثم ماذا بعد؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا العواقب غير المتعمدة أوكرانيا العواقب غير المتعمدة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib