في العبودية المعاناة ليست حكراً على أحد
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

في العبودية... المعاناة ليست حكراً على أحد

المغرب اليوم -

في العبودية المعاناة ليست حكراً على أحد

بقلم - أمير طاهري

هل تدين الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا، بثرواتها للعبيد السود من أفريقيا؟
اكتسب هذا السؤال وغيره من الأسئلة ذات الصلة والمتداولة منذ سنوات زخماً جديداً في الأسابيع الأخيرة بفضل مسيرات الاحتجاج في الولايات المتحدة وأوروبا.
في عام 2009 في ندوة دولية استضافها الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي في «إيفيان»، استمعنا بدهشة لحديث القس جيسي جاكسون، الناشط في مجال حقوق السود في الولايات المتحدة، أمام الجمهور حين قال، إن العبيد الأفارقة بنوا أميركا كوطن تبين لاحقاً أنه سجن.
في عام 2016، ذكرت سيدة أميركا الأولى ميشيل أوباما أمام جمهور التلفزيون كيف أنها كانت تستيقظ كل صباح في البيت الأبيض وتفكر في أنه «بيت بناه العبيد». والأسبوع الماضي، أدلى عمدة لندن صادق خان بدلوه حين قال «إنها حقيقة محزنة أن الكثير من ثرواتنا مستمدة من تجارة الرقيق».
هناك ثلاث مشكلات على الأقل في هذا الخطاب: الأول هو أنه إذا تم بناء المجتمعات الأغنى في التاريخ من قبل العبيد، فلا ينبغي اعتبار العبودية شراً مطلقاً. المشكلة الثانية هي أنها تفترض أن الغالبية العظمى من الناس الذين لم يكونوا عبيداً قد استفادوا من العبودية بالاكتفاء بالجلوس المريح وترك العبيد يفعلون كل شيء. لكن ملايين البشر من غير العبيد سيرون ذلك غير عادل، أقصد الذين عارضوا العبودية منذ زمن الإمبراطورية الرومانية، وفي بعض الأحيان حاربوا جنباً إلى جنب مع العبيد لإنهائها. المشكلة الثالثة وهي الأهم، هي أن جاكسون وخان وميشيل أوباما جميعهم مخطئون بكل بساطة.
لنبدأ بمزاعم ميشيل أوباما، الأسهل للدحض. فالبيت الأبيض الذي عاشت فيه طيلة ثماني سنوات قد أعيد بناؤه لأول مرة عام 1902، واكتسب شكله الحالي في الخمسينات، بعد فترة طويلة من إلغاء الولايات المتحدة للعبودية عام 1865 ومنح الجنسية للعبيد السابقين عام 1869. وكان هناك بعض السود الذين عرفوا وسط فئة عمال البناء باسم الأميركان الأفارقة، لكنهم لم يكونوا عبيداً.
إن الادعاء بأن العبيد السود بنوا أميركا بمفردهم تقريباً أمر مشكوك فيه أيضاً.
فالعبيد السود لم يكونوا بتلك الأعداد التي تمكنهم من السيطرة على قارة ضخمة وتحويلها إلى أكبر اقتصاد في العالم. فقد استوعبت 13 مستعمرة بريطانية - من المفترض أن تصبح الولايات المتحدة - نحو 320 ألفاً من العبيد الأفارقة. في زمن حرب الانفصال التي يصفها الأميركيون بالحرب الأهلية، كان العبيد السود يمثلون نحو ثلاثة في المائة من السكان الذين يتركزون في الدول المالكة للعبيد. ولم يحقق الجزء الأسود من سكان الولايات المتحدة نمواً سكانياً كبيراً إلا بعد الحرب الأهلية.
اليوم، يمثل السود 12 في المائة من السكان، غالبيتهم جاءوا من أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك منطقة البحر الكاريبي، وبالتالي لا يوجد أصل للرقيق في الولايات المتحدة. من بين هؤلاء شخصيات بارزة مثل باراك أوباما وكولن باول وسوزان رايس وأحد المطربين المفضلين هاري بيلافونتي.
بنيت القوة الاقتصادية الأميركية استناداً إلى وفرة الموارد الطبيعية والإمدادات التي لا نهاية لها من العمال المهاجرين حتى حقبة السبعينات غالبيتهم من أوروبا. لكن مفتاح النجاح الأميركي كان العمل الحر الذي نشأ في بداياته في سياق فوضوي، لكنه مع الوقت سمح للابتكار والمشاريع الضخمة التي ظهرت جميعها بعد إلغاء الرق. (لعب عمال النقل الصينيون الحقيقيون أشباه الرقيق دوراً كبيراً في بناء شبكة السكك الحديدية الأميركية).
في فترات النمو الاقتصادي العظيم في الولايات المتحدة، لم يكن بإمكان السود لعب دور في بناء الولايات المتحدة، ويعود ذلك جزئياً إلى إعاقتهم من خلال استمرار التحيز العنصري ونقص الفرص التعليمية أمامهم؛ ولذلك لم يكن بمقدورهم لعب دورهم الكامل في بناء البلاد.
أما بالنسبة لبريطانيا، فقد بدأ النمو الاقتصادي بما يعرف بحركة الضم التي تعني أن الأرض يمكن أن تتحول إلى ضمانات لزيادة رأس المال، في وقت لم يكن فيه سود في الجزيرة. فتح إبطال «قوانين الذُرة» الطريق للتجارة الحرة وتحويل أسطول القراصنة إلى أسطول للبحرية التجارية؛ مما مكّن الإنجليز ومن بعدهم الاسكوتلنديون من شق أول طرق التجارة العالمية.
مرة أخرى، لم يكن للسود دور تقريباً؛ فقد كانت تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي ومزارع قصب السكر الكاريبية المرتبطة بها تنتج ثروة ضخمة، لكن فقط لعشرات العائلات تحديداً في لندن وليفربول وبريستول. كان على غالبية الإنجليز تسكين ذلك الوضع من خلال الضرائب لإبقاء بريطانيا طافية فوق الأمواج وفرض القانون بقواربهم الحربية.
كان الفساد يسود البرلمانات والأحياء، حيث كان بإمكان تجار العبيد شراء مقاعد في البرلمان البريطاني، رغم أن الثروة الناتجة من تجارة الرقيق كانت أقل من ثلاثة في المائة من الاستثمارات في الاقتصاد البريطاني.
لم يكن الاقتصاد البريطاني هو الوحيد الذي تأثر سلباً بالعبودية؛ إذ يمكن القول إن تجارة الرق قد استعبدت الاقتصاد العالمي بأكمله حتى فتحت الثورة الصناعية حقبة جديدة في القرن التاسع عشر.
في هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي الفرنسي مارك فلورباي في بيانه بعنوان «بيان من أجل التقدم الاجتماعي»، كيف أن نهاية العبودية أطلقت طاقات إنتاجية هائلة في جميع أنحاء العالم.
في الألفية الأولى، عندما كان الرق من جميع الألوان منتشرين في كل مكان، زاد الناتج المحلي الإجمالي العالمي 15 مرة؛ مما يعني أنه تضاعف مره كل 66 عاماً. وبعد إلغاء الرق، تضاعف الناتج المحلي الإجمالي العالمي كل 15 سنة.
جاءت أول انطلاقة اقتصادية عالمية عام 1892 مع الثورة الصناعية. لكن الانطلاقة الثانية والأهم جاءت عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية. وبين عامي 1950 - 2008، تضاعف حجم الاقتصاد البريطاني ثلاث مرات.
أطلقت الفترة التي عرفت باسم «العصر الذهبي» الطاقات الإبداعية للرأسمالية بصورة غير مسبوقة. فالرأسمالية بطبيعتها مناهضة للعبودية لأنها تسعى إلى أقصى قدر من الحركة والتنقل في وسائل الإنتاج: الأرض والعمل ورأس المال. إذا كانت قطعة الأرض قادرة على إنتاج المزيد من الأرباح بطريقة أخرى، فسيتم تغيير استخدامها الحالي. وإذا كان استثمارك يمكن أن يحقق عائداً أكبر، فلن تبقيه في مكانه الحالي. لكن العبودية بجميع أشكالها، بما في ذلك بناء الأكواخ، وعمل الحمالين في الموانئ وما إلى ذلك، جميعها أعمال تحول دون التنقل. وبالتالي فهي ليست مقبولة لدى الرأسمالي الذي يريد نظاماً يستطيع بمقتضاه التوظيف عند الحاجة والتسريح من العمل عند الحاجة.
كما استفادت دول أخرى من نهاية العبودية. فقد بدأت روسيا التصنيع عندما خرجت من النظام الذي ورد ذكره تفصيلاً في كتاب «أرواح الموتى» للكاتب غوغول، وحققت معدلات نمو تزيد على 10 في المائة سنوياً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وحققت الهند أداءً أفضل، حيث تضاعف حجم اقتصادها خمس مرات خلال 60 عاماً بعدما اهتز نظامها الطبقي الذي كان أحد أشكال العبودية. في إيران، ألغيت تجارة الرقيق عام 1895، لكن لم يتم تحرير العبيد ومنحهم الجنسية حتى عام 1929، ليجعل من إيران دولة وطنية حديثة.
كانت العبودية شراً أعاق التقدم البشري وبالتالي أضر بالجميع. فالعبيد، وغالبيتهم في التاريخ كانوا من البيض وليس السود، لم يكونوا الضحايا الوحيدين. فحتى الأشخاص الذين لم يكونوا عبيداً أو مالكي عبيد دفعوا ثمناً باهظاً في التنمية الاقتصادية البطيئة والفقر. فالمعاناة في العبودية ليست حكراً على أحد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في العبودية المعاناة ليست حكراً على أحد في العبودية المعاناة ليست حكراً على أحد



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib