إيران وحربها الثقافية
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

إيران وحربها الثقافية

المغرب اليوم -

إيران وحربها الثقافية

أمير طاهري
بقلم : أمير طاهري

 

كان من المفترض أن يكون الأمر مجرد إعادة روتينية لعشرات التقارير الصحافية التي يقدمها التلفزيون الرسمي كل عام. والصيغة المستخدمة بسيطة: قاعة حفلات عامرة بجمهور مُنتقى بعناية من الحضور الذين يرددون: «الله أكبر، تحية للمرشد الأعلى!»، ثم يدخل «المرشد الأعلى»، ترافقه حاشيته من العسكر ورجال الدين، ليجلس على كرسي عالٍ، على منصة مرتفعة تواجه الجمهور في الأسفل من مسافة 10 أمتار.
مع دوران الكاميرات، يكرر «المرشد الأعلى» كلماته حول إذلال «الشيطان الأعظم» الأميركي ومسح «الكيان الصهيوني» من الوجود، وهو يدعو الشبان الحضور إلى الاستعداد للشهادة كسبيل مختصر إلى مكان مضمون في الجنة في العالم الآخر. وفي نهاية الاحتفال يصرخ الجميع: «تحية للمرشد الأعلى»، بينما يغادر «المرشد الأعلى» المنصة ترتسم على وجهه ابتسامة النصر.
لكن، في الأسبوع الماضي، لم تكن تلك الفقرة من ذلك المسلسل التلفزيوني، الذي يعود تاريخه إلى 34 عاماً، متوافقة مع السيناريو. في البداية، بدا الجمهور، المؤلف من مجندين شباب في «وحدة الباسيج»، العنصر الأساسي في الأمن، مترددين في الوقوف مع وصول «المرشد»، والأسوأ من ذلك، كانوا مترددين للغاية في الإعراب عن فرحتهم العارمة بوجوده.
حتى في ذلك الوقت، كان الأسوأ قادماً.
عندما طرح «المرشد الأعلى» حجته ضد التشاور مع الناس عبر الاستفتاء، شرع بعض الشباب من الحضور في الاستهزاء والاستهجان. وقد دُهش المرشد للغاية، وعلى نحو واضح، حين قال: «لا ينبغي لنا أن نضرب رؤوسنا في مواجهة بعضنا البعض». بعد ذلك، بينما استمرت صيحات الاستهجان في التوالي، وإن كانت بصورة مكتومة، أُعلن أن الجلسة انتهت، وتوجه على عجل إلى باب الخروج.
المشهد المذهل، الذي بُث على الهواء مباشرة، أُزيل في وقت لاحق من المواقع الرسمية، لكن ليس من دون الإعلان عن مرحلة جديدة من الصدام بين جيل جديد من الإيرانيين، وحكم الشيوخ الذي يترأسه آية الله علي خامنئي.
أكثر من 50 مليوناً من سكان إيران، البالغ عددهم 87 مليون نسمة، لم يولدوا عندما استولى الملالي على السلطة عام 1979، وهناك 10 ملايين آخرين من الأطفال أو المراهقين الذين يشعرون بالغربة في عالم يتخيله الملالي الطاعنون في السن، الذين يبدو أنهم ينتمون إلى عصر آخر، إن لم يكن إلى كوكب آخر تماماً.
كان للتوسع المذهل للفضاء الإلكتروني في إيران تأثيران حاسمان: أنهى احتكار الحكومة لمصادر المعلومات، وفتح نافذة على العالم الخارجي الذي يبدو أنه يعيش في منطقة زمنية مغايرة بالكلية. وكلّ مِن هاتين الحقيقتين الواقعيتين تعملان ضد نظام فشل في تطوير أي آلية للإصلاح، بعد أن أصابه الضمور الآيديولوجي منذ زمن.
اليوم، يشاهد التلفزيون الرسمي أقل من 20 في المائة من الإيرانيين، في حين أن المحطات التلفزيونية الفضائية الأجنبية، التي تُبث من بريطانيا والولايات المتحدة قد ضمنت جمهور المشاهدين في كل ركن من أركان البلاد تقريباً. ورغم الجهود المتكررة لإغلاق شبكة الإنترنت، فإن محطات التلفزيون الناطقة باللغة الفارسية في الخارج تزعم أن جمهور المشاهدين يتجاوز حاجز المليون مشاهد، حتى في برامج الأسئلة والأجوبة، حيث ينفق الإيرانيون ثروة طائلة على فواتير الهواتف للتعبير عن مظالمهم على شاشات البث التلفزيوني الحي.
لكن هذا ليس كل شيء. بفضل الوصول إلى الفضاء الإلكتروني، نجح بعض المؤثرين الإيرانيين في تأمين جمهور ضخم؛ الفتيات الصغيرات اللاتي يملكن حسابات على «تويتر» أو على «إنستغرام» يصلن إلى عدد من الناس أكبر من ذلك الذي يصل إليه «المرشد الأعلى» عبر وسائل الإعلام الرسمية باهظة التكاليف.
الموسيقيون الشعبيون يجتذبون جمهوراً أكبر بكثير من القرّاء الرسميين للنصوص الدينية أو الدعاة الذين تدفع لهم الحكومة أجورهم. تحولت أغنية بسيطة لنجم الأغنية الشعبية، الشاب شيروين هاجيبور، إلى ترنيمة وطنية بديلة، لتتفوق على النشيد الوطني الذي دام 44 عاماً من الإشادة بالإمام الخميني. وقد باع الشاعر والملحن الشهير شاهين نجفي مؤخراً أكثر من مليون نسخة في غضون بضعة أسابيع.
الصورة الجديدة التي ظهرت بها إيران في الفضاء الإلكتروني تجد أصداء في الحياة الواقعية. في آخر أعياد رأس السنة الإيرانية، في مارس (آذار)، تصدرت المواقع الإيرانية التاريخية، مثل «برسيبوليس»، عاصمة الإمبراطورية الأخمينية، و«باسارغاديا»، موضع دفن «كورش الكبير»، قائمة أكثر الأماكن زيارة في عموم البلاد. ووفقاً للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الإرشاد والسياحة، فقد اجتذبت أضرحة الشعراء، مثل «سعدي» و«حافظ» عدداً أكبر من الزوار مقارنة بضريح الإمام الثامن في مدينة «مشهد».
ثمة نوع آخر من البدع الجديدة، وهو أن يرتدي الشباب الإيرانيون أحدث الملابس والأزياء على الطراز العالمي، وأن يلتقطوا الصور الذاتية (سيلفي) لنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. والفكرة هنا تتلخص في إظهار أن العديد من الشباب الإيرانيين، إن لم يكن الأغلبية، يرفضون نمط الحياة «الإسلامية» الأحادية الذي حاول النظام فرضه لأكثر من 4 عقود من الزمان. قالت فتاة صغيرة من بلدة ساحلية صغيرة في برنامج تلفزيوني مباشر مؤخراً: «نحن نعيش في القرن الـ21. وكل ما نطلبه هو أن نقرر لأنفسنا ما نرتديه، وكيف نعيش حياتنا دون أن نؤذي أحداً».
صورت وسائل الإعلام الدولية التوتر الحالي في المجتمع الإيراني بأنه حركة شعبية ضد غطاء الرأس المفروض رسمياً، المعروف باسم «الحجاب». لكن نظرة أدق تعكس أن هناك على المحك ما هو أكثر من ذلك بكثير. ففي كل يوم يمر يزداد عدد النساء اللواتي يتخلين عن «الحجاب»، في حين يتساءل الملالي ماذا يفعلون إزاء ذلك.
منذ بدء الاحتجاجات قبل 6 أشهر تقريباً، سقط 600 مواطن صريعاً على الأقل على أيدي قوات الأمن، واعتقل النظام 22 ألفاً آخرين، بحسب الأرقام الرسمية.
إنها حرب ثقافية تدور رحاها ما بين وجهة نظر عالمية واحدة يروج لها منظّرون خمينيون، ووجهة نظر أخرى يُدافع عنها أبطال ما يُسمى بـ«القومية الإيرانية».
بالنسبة للخمينيين، فإن إيران ليست أكثر من جزء من كيان عالمي مهمته نشر «الرسالة الحقيقية» إلى كل ركن من أركان العالم. يقول الدكتور حسن عباسي، أحد المنظرين البارزين للخمينية، المعروف باسم «كيسنجر الإسلام»، إن مصير إيران الواضح تحويل البيت الأبيض في واشنطن إلى حسينية، وإنهاء الهيمنة الأميركية العالمية! ويتحدث الرئيس الإسلامي إبراهيم رئيسي عن «إحراق تل أبيب ومسح حيفا من على وجه الأرض».
يرى الشباب الإيرانيون أن إيران تشكل واقعاً حقيقياً يتجاوز الجزء الإسلامي من هويتها المعقدة؛ فإيران هي «الكل»، بينما الإسلام في نسخته الخمينية هو مجرد «جزء» فقط.
تُظهر سلسلة من استطلاعات الرأي، على مدى العقود الثلاثة الماضية، أن «الشيطان الأعظم» الأميركي أكثر شعبية في إيران من فرنسا وألمانيا.
فجأة، أصبحت كل الأشياء الإيرانية موضع تقدير شديد. النصوص التقليدية حرفياً يُعاد تحريرها لتصل إلى القراء الذين نادراً ما شوهدوا يطالعونها من قبل. العمارة، والموسيقى، والفن، وحتى أساليب الطهي التقليدية تُعيد تأكيد وجودها كعناصر للهوية الإيرانية التي عادت إلى الحياة من جديد.
تُذكّرنا المساجلة الحالية ما بين الملالي الخمينيين والجيل الجديد من الإيرانيين بالحرب الثقافية (Kulturkampf) التي عاشتها ألمانيا إبان القرن التاسع عشر، عندما كان القصد من «العودة إلى أنفسنا» الحفاظ على الهوية الألمانية، في حين كانت الكنيسة الكاثوليكية تبشر بالتواصل وتبادل الأفكار والمشاعر من خلال المسيحية فقط.
لقد انتصر الألمان في تلك الحرب. وبقي علينا أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سوف ينتصرون في معركتهم الثقافية في إيران.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وحربها الثقافية إيران وحربها الثقافية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib