الأردن ما بين سقراط والمتنبي

الأردن ما بين سقراط والمتنبي

المغرب اليوم -

الأردن ما بين سقراط والمتنبي

بقلم - شهاب المكاحله

بالأمس استرجعت ما قرأته للفيلسوف اليوناني سقراط وخصوصاً تلك المقولة: “إذا لم تحصل على ما تُريد، فسوف تُعاني، ولو حصلت على ما لا تُريد فسوف تُعاني، وحتى لو حصلت على ما تُريده تماماً فأنت سوف تُعاني أيضاً لأنك لن تكون قادراً على الحفاظ على هذا الشيء للأبد، عقلك هو سبب المشكلة، فالعقول لا تحُب تغير الأحوال وتريد أن تكون خالية من الألم ومن الإلتزامات التي تفرضها علينا الحياة والموت، ولكن في النهاية التغُير هو قانون الحياة والتظاهر بأن ذلك غير صحيح لن يُغير من الأمر شيئاً”.

تلك المقولة أو الحكمة تعني أن الثابت في هذه الدنيا هو التغيير حتى لو لم يتقبله العقل والمنطق.  في الأردن، ومنذ بضعة أعوام، تطور المجتمع شاقولياً وأفقياً ولكن لم يتغير المجتمع بل “مَكانُك ِسرْ” لأسباب تتعلق بالفساد وغيره من المُعضلات التي تعيق التغيير والتحديث والتطوير لأن مصلحة المتنفذين إبقاء الحال على ما هو عليه. فالجديد يعني نزع مكتسبات هذه الفئة من ذوي المصالح وتسليمها إلى الآخر. فالإحساس بالظلم هو واقع الكثير من أبناء الأردن الشرفاء. فالظلم والفساد عَدُوانِ للتقدم والتطور لأنهما قاتلان للهمم ومثبطان للعزائم لأن الفاسدين ليسوا من المريخ أو زحل بل من كوكب الأرض وليس للموارد الطبيعية أية علاقة بتسمية دول بالمتقدمة أو دون ذلك بل يعود الأمر إلى الإدارة أي السلوك الذي يعكس الشفافية والأمانة وغيرها.

في بلادنا كُتاب مرموقون وفنانون مخضرمون وممثلون وإعلاميون ولكن حين تسمع الراقصة والمُهرب واللِص والجاسوس والعميل والخائن وسمسار الوطن وتجار القضية والهوية والطبَال يتحدثون عن الوطن وهمومه، فالأفضل لنا نحن الكُتاب والإعلاميين والمفكرين السكوت والامتناع عن الكتابة والتعليق لأن تعليقاتنا لا تليق بما يجري لأنهم يُشعروننا بأننا لا ننتمي للوطن وأن الوطن هم ولهم. تلك هي الفئة التي تبيع بأرخص الأثمان أوطانها من أجل حفنة من الدنانير فلا تحترم عرفاً ولا تقليداً ولا قانوناً.

الشعب الأردني الطيب يُذكرني بما قاله يوماً برنارد شو: “الطيبون لا تتغير صفاتهم حتى لو تغيرت أحوالهم”. نعم، الأردنيون لم يتغيروا حتى مع اشتداد المصائب من حولهم ومع تكالب أعدائهم عليهم من الداخل والخارج لأن صبرهم مهارة تستحق التقدير. حين وصف العالم الانجليزي توماس هكسلي ذات يوم وقُبيل وفاته عن الطبيعة والمجتمع بالقول: “رقعة الشطرنج هي العالم، والقطع هي ظواهر الكون وقواعد اللعبة هي ما نسميه قوانين الطبيعة، أما اللاعب المقابل لنا فليس باستطاعتنا رؤيته”. بالتأكيد كان حتماً يرمز إلى القوى المقاومة للتيار والنهج والإصلاح والتحديث. 

وأخيراً ومع احترامي وتقديري للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي  الذي لو كان اليوم بين ظهرانينا حين قال:

لا السيفُ يفعلُ بي ما أنتِ فاعلةٌ .. ولا لقاءُ عدوَّي مثلَ لُقياكِ ،

 لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي .. ما نالَ مِنَّيَ ما نالتْهُ عيناكِ

لكان التلميح في الشعر مقصوداً به الفساد والفاسدون لأن الفساد مثل الزنا الجميع ينتقده علناً لكن الكثيرون يمارسونه في الخفاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن ما بين سقراط والمتنبي الأردن ما بين سقراط والمتنبي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib