خطوات مترنحة واعدة

خطوات مترنحة.. واعدة

المغرب اليوم -

خطوات مترنحة واعدة

بقلم : لمرابط مبارك

أنا من الذين ذكّرتهم مسيرة الأحد الماضي، بذلك الأمل الأزرق الذي ولدته فينا قبل ست سنوات مسيرات 20 فبراير. 

لم تسعفني ظروف عملي بالمشاركة فيها هذه المرة، ولكنها بددت ذلك الشك الذي يتسلل مرة مرة إلى إيماني الطري بأن شيئا ما حدث في هذه البلاد، وأن شيئا ما يسري في الكائن المغربي.. شيئا يدفعه إلى التحرر من ذلك الخوف الذي طالما سكن واو الروح ومازال يصر على التشبث بذيلها.. شيئا كما أتمنى أن يكون في ثناياه إرهاصات أولى لتحول هذا المغربي من مجرد كائن خائف خاضع للجماعة وجبروتها، وتجاوزات سلطتها ورجال سلطتها، إلى مواطن فرد يحس أن له صوت وكلمة، يتمسك بحقوقه ولا يتهاون في كل واجباته، لا يخشى الصدح برفضه للاستبداد والفساد.. لا يخشى الإلحاح على مطالبه المتواضعة.. لا يخشى حتى امتلاك الشارع الذي حرم منه دائما.

صحيح أن إرهاصات هذا الكائن الذي أحلم به مازالت متلعثمة، مترددة، مترنحة تماما مثل الخطوات الأولى للأطفال، ولكنها مفعمة بالأمل تماما مثل الخطوات الأولى للأطفال.

في تقديري، ما يعيشه الكائن المغربي منذ خرجات 20 فبراير 2011، يؤشر على بذور جيل جديد يسعى إلى إحداث قطيعة حقيقية مع هذا الجهاز الهلامي الشبحي المسمى المخزن، ومع قيمه القائمة على قاعدة الراعي مالك العصا، والرعية المحتاجة دوما إلى الضبط والصرامة والعنف لتواصل السير على الصراط المرسوم لها.

 ويدفعني أمل إلى الجزم بأن مسيرة الأحد الماضي بالرباط – وبغض النظر عمن قادها أو هيمن عليها – واحتجاجات الحسيمة والمناطق المحيطة بها تؤكد أن هذا المخزن، ورغم تجربته الطويلة جدا في امتصاص الصدمات وقدرته الهائلة في احتواء وتفتيت كل ما يعتبره تهديدا، لم يفلح هذه المرة في إخماد جذوة ذلك الأمل الأزرق. قد يكون نجح، في السنين الأخيرة، في احتواء بعض من حماس الكائن المغربي لبلوغ وجود مختلف، ولكن لم يطفئ صوته الذي أخذ يتعود على الانزلاق الحر على أمواج كل الاحتجاجات (على غلاء المعيشة.. على غياب الخدمات الصحية والأمنية.. على غياب الطريق والمدرسة.. غصب حق النساء السلاليات.. التهميش المجالي والجهوي.. إلخ).

وهذا واحد من الإرهاصات – الهشة والمترنحة أكيد- المبشرة بتفتق مغربي جديد.. مغربي يرتقي من مرتبة الكائن إلى مكانة المواطن المعتز بوطنيته.

يقول المفكر المغربي عبدالله العروي: “إن الوطنية شعور وسلوك وتطلع”، ويوضح في كتابه التأملي “استبانة” أن الشعور هو “الاعتزاز بالذات وبالأجداد”، والسلوك هو “الإيثار والتضحية”، والتطلع هو “طلب الحرية والتقدم والرفاهية”.

كل هذه العناصر “العروية” أعلاه، أحس ببوادرها تلوح في سماء هذه البلاد مثل تلك الزرقة الخفيفة التي تتسلل إلى ظلمة الفجر. فالكائن المغربي، كلما جمع ما في الصدر من أمل وشجاعة، صار لا يتردد في التعبير عن اعتزازه بالذات ولم يعد يخاف من التضحية من أجل مطالبه، وأصبح يشدد على حقه في الحرية والتقدم والرفاهية.

نعم، كل هذا مازال في مرحلة “الخطوات المترنحة”، ولكنها خطوات طفل لا يستسلم إن سقط، بل يصر على الوقوف والمشي قدما…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطوات مترنحة واعدة خطوات مترنحة واعدة



GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 14:20 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 13:58 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

بايدن والسعودية

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:17 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الرميد يشن هجومًا على هيئة المحامين في المغرب

GMT 14:53 2023 السبت ,04 شباط / فبراير

إطلالات ساحرة لأنابيلا هلال باللون الأحمر

GMT 04:08 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

مصادر تكشف عن إمكانية انقطاع الماء في مراكش صباح الخميس

GMT 12:56 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

إطلالات نادين نجيم تُلهم الفتيات بمكياجها الناعم

GMT 09:42 2024 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

النقل تعلن تسجيل هزة أرضية في محافظة البصرة العراقية

GMT 22:45 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

"ألمانيا" تظفر بكأس يونايتد لكرة المضرّب

GMT 12:27 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

الصين تفرض عقوبات على 5 شركات عسكرية أميركية

GMT 03:42 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

الأسهم السعودية تُسجل قفزة في آخر تداولات رمضان

GMT 12:38 2023 الخميس ,16 شباط / فبراير

المؤشر نيكي يفتح على ارتفاع 0.56 %
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib