التيه الجنسي

التيه الجنسي

المغرب اليوم -

التيه الجنسي

بقلم - لمرابط مبارك

يخامرني ظن شيطاني أن كثيرين بيننا يغبطون أولئك الفتية الطائشين الذين عبثوا بجسد تلك الفتاة المسكينة، ويتمنون، في وعيهم أو لاوعيهم، أن تسقط الأقدار بين أيديهم جسدا أنثويا يستحسن أن تكون صاحبته تعاني خللا نفسيا أو مرضا عقليا، حتى يتسنى لليافعين منهم تجريب فحولتهم الناشئة فيه، وللأكبر منهم إطفاء نار تلك الرغبة العطشى التي تسيل من العيون كل مر طيف أنثى هناك على الرصيف البعيد، وللأكبر منهم كثيرا استعادة وهم فحولة تلاشى مع الأيام.

ما حدث لتلك الفتاة المسكينة في تلك الحافلة تتعرض له فتيات وطفلات كثيرات أخريات، بل وفتيان وأطفال كثيرون أيضا. فقط من حسن حظ فتاة الطوبيس البيضاوي، وسوء حظ العابثين بجسدها، أن التكنولوجيات الحديثة كشفت لنا بشاعة ما يحدث لكل الأخريات والآخرين هناك في الخفاء.. نقلت لنا بشاعة ما جرى لتفضح صمتنا جميعا عن تلك الممارسات التي تجري خلف الجدران والأبواب الصماء والعمياء، ويذكرنا جميعا كذلك بتواطئنا المخجل معها.. نقلت بشاعة ما جرى لتذكرنا جميعا بأن المغاربة، في عمومهم، مازالت لديهم علاقات ملتبسة بجسد الأنثى، وتصور مبهم للجنس.

فالجسد الأنثوي بالنسبة إليهم -بشكل واعٍ مستفز أو لاوعٍ مثير للشفقة- ملك مباح للذكر، وليس كائنا مستقلا مثله، وبالتالي، هو الذي من حقه أن يحدد له نوعية حركته ومجالها، وهو «الداخل»، أما «الخارج» فهو محفوظ له، وأي تجاوز تعاقب عليه الأنثى بعقوبات تمتد من التحرش الصامت إلى العلني إلى الاعتداء اللفظي أو المادي، بل إنه استطاع أن يكرس في المجتمع -عن وعي أو لاوعي- أن كينونة هذه الأنثى لا تكتمل إلا باقترانها بالذكر. أما الجنس، فمازال تعامله معه يكتنفه الكثير من الغموض. ومازال يخلط كثيرا بين المتعة، التي لا يمكن أن تكون إلا بمشاركة طرفين، وبين تفريغ بسيط لشيء يثقل عليه، وهي عملية يمكن أن تتم مع أي كائن أو أي شيء.

إن حادثة «الطوبيس»، وقبلها حادثة «حمارة سيدي قاسم»، وحوادث أخرى لم يصل إلينا صداها، تؤكد جميعا أن الكائن المغربي مازال تائها جنسيا، وهذا خلل إضافي يعقد أكثر من أمل انتقاله في مستقبل ما إلى مرتبة الفرد الكامل في فردانيته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التيه الجنسي التيه الجنسي



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib