بقلم -أسامة الرنتيسي
بعد الصدمة التي أصابت العالم من فيروس الكورونا، وبعد خفوت القراءات التي تعتمد على عقلية المؤامرة، إلى قراءات جديدة تربط خيوط الفيروس بطريقة مختلفة عن التصنيع والتعليب والأهداف، بدأنا نسمع أشياء جديدة هي بالمحصلة فرصة لتمحيص الأفكار ومحاولة التحقق منها ما أمكن ذلك.
أعترف أن أطروحة البروفيسور الفلسطيني البريطاني مكرم خُوريْ – مَخُّول -محاولة لفك شيفرة حرب الكورونا – (منشورة في الأول نيوز) قد هزت قناعات كثيرة لدي، مثلما سمعت ذات الملحوظات من كثيرين، كانت أيضا مقالة طويلة للزميل ماهر سلامة – لعبة الكورونا صراع بين مَن ومَن ولِمَ.. ونحن إلى أين- (منشورة في الأول نيوز) قد فتحت آفاق تفكير جديدة حول ما يجري في العالم وإلى أين ستصل الصراعات؟.
هذه المقالات وغيرها وسّعت زاوية بيكار التفكير في القضية بعد سلسلة الأسماء العالمية الكبيرة التي ذُكرت فيها، وكيف أن هذه الأسماء قد تقدمت بمشروعات علمية وخيرية ومستقبلية لها وجهة نظر في العالم الجديد، والتركيز دائما على النمو السكاني في العالم وكيفية ضبط هذه الانفجارات السكانية خاصة في الدول النامية.
ما حيّرني أكثر من كل هذه الطروحات المعلوماتية التي تربط الأحداث ضمن سياقات زمنية معينة بدأت من أيام هينري كيسنجر مرورا بأغنى رجل في العالم بيل غيتس ومشروعات المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) ومؤسسة صديقنا في الأردن كلاوس شواب، هو ما خرج به مؤخرا أقرب المحسوبين على شواب وهو الشخصية المثير للجدل في الاردن باسم عوض الله.
عوض الله نشر مقالا مطوّلا مشاركة مع عادل مالك أستاذ التطور الاقتصادي في جامعة اوكسفورد في شبكة بروجيكت سندكت تحت عنوان “مأوى من عاصفة الشرق الأوسط” تحدثا خلالها عن الصعوبات التي ستواجه الشرق الأوسط بسبب جائحة الكورونا وهبوط أسعار النفط مقترِحَيْن أن تتم الاستفادة من هذه الأزمة بالتفكير بطريقة جديدة في التخطيط والإدارة في العالم العربي.
الجديد في أفكار عوض الله المتناقضة تماما مع ما كان يروّج له مع معلمه شواب وهو العولمة، بحيث يتراجع عوض الله في هذا المقال عن أفكار العولمة ولم يعد موضوع العولمة هو الحل بل يعود للوضع الإقليمي وربطهما معا كي يكونا هما الحل لِما نمر به من أزمات اليوم.
هذا الانقلاب في أفكار أحد مروجي مشروعات العولمة، يطرح الأسئلة عن ماذا حصل لهؤلاء حتى ينقلبوا على أفكارهم وعلى مشروعات المؤسسات الاقتصادية العالمية، ويعودوا للوضع الإقليمي والعربي والبحث عن حلول من خلاله ومن خلال التكامل العربي، وحتى مؤسسة الجامعة العربية التي تجاوزتها كل مفاهيم العولمة.
يقول عوض الله ومالك: “إن الوضع الاقتصادي سينهار ليس فقط في الدول المصدرة للنفط بل أيضا في دول غير نفطية بسبب تراجع العائد الذي كان يشكل مصدرًا مهمًا للدخل في الدول المختلفة. ويشير الكاتبان إلى أن الوضع يأتي في وقت لا تزال المنطقة تعاني من حروب في اليمن وليبيا وسورية وتحركٍ شعبي للشارع العربي في الجزائر والسودان والعراق ولبنان للأوضاع التي لم تجلب سوى الفساد وعدم استقرار مجتمعي.
ويخلص الكاتبان إلى ضرورة إيجاد حلول مبدعة لوضع صعب للغاية قد يكون الأصعب على المنطقة منذ الحرب العالمية، ما يتطلب رؤية وحدوية مختلفة عن نموذج الجامعة العربية الذي يتطلع لها العرب بأنها اجتماعات كلام غير مفيدة ومن دون أي عمل حقيقي.
ويختم عوض الله ومالك مقالهما المنشور بعدة لغات في أنحاء العالم بقولهما: إن جائحة الكورونا توفر فرصًا للتفكير بمستقبل مختلف مبني على الشراكات التي ستكون أسهل ووضع أسس لها في أوقات الأزمات. “الآن الوقت مناسب للعمل المشترك من خلال صياغة أجندة الحد الأدنى المتفق عليه مركّزين على الاهتمامات الإنسانية الأساسية، إنهاء النزاعات، دعم اللاجئين، العمل على إعادة البناء وتوفير فرصة للوصول إلى الأسواق للشركات المتأثرة بآخر جولة من الاضطرابات لأنه بعد ان تنتهي أزمة الكورونا الحالية سيكون العالم منشغلًا بأمور أخرى، فقط يستطيع العرب أن يساعدوا أنفسهم إن تعاونوا. وهذه رسالة أن على القادة البدء الآن.”.
الدايم الله…