مصارحة الشعب ومكاشفته لا مصارعته

مصارحة الشعب ومكاشفته لا مصارعته

المغرب اليوم -

مصارحة الشعب ومكاشفته لا مصارعته

بقلم - أسامة الرنتيسي

تختلف استراتيجية الأمن القومي للدول بناء على مساحتها وموقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية وأهميتها العسكرية والسياسية. ونحن في الأردن لنا أهمية استراتيجية كبيرة تبدأ من الأمن الغذائي وتنتهي بما وراء الحدود الاردنية لتأمين الداخل الاردني أمنيا. ينبغي على الحكومات بين الفينة والاخرى أن تعي أن عليها مصارحة الشعب والشفافية مع كل شرائحه لأنه لم يعد هناك ما يمكن اخفاؤه. فوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي جعلت الأمور مكشوفة.

ليس عيباً ان تعلن الحكومة عن المصاعب الاقتصادية ولكن عليها كذلك أن تقر بأن الفشل الاقتصادي كان جراء تراكمات لعدة سنوات عملت حكومات عديدة على ترحيل الازمات المالية الى الحكومة التي تليها وهكذا تماما كما فعل ترامب بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. فالقرار ليس جديدا بل كان مقرا له منذ منتصف التسعينات في القرن الماضي ولكن لم يجرؤ أحد من الرؤساء الاميركيين على الاعلان عن القدس عاصمة لدولة اسرائيل لأن الاتفاق — وفق أوسلو للسلام– كان ينص على ترك قضية القدس حتى المرحلة النهائية من المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.

واليوم، ونحن على اعتاب ازمة اقتصادية وسياسية خانقة في الاردن، يرى الاردنيون ان الحكومات الاردنية قد همشتهم وأنها تمارس الضغط عليهم لتوقف المساعدات الموعودة من دول شقيقة وصديقة او لتأخرها. كل ذلك يؤثر ولا بد على معيشة المواطن الأردني الذي لا يكفيه وأسرته راتب مقداره 400 دولار اميركي وفق التقارير الدولية لصندوق النقد والبنك الدولي. ولكن كيف يمكن أن يكفي هذا  المبلغ  المواطن مع فرض المزيد من الضرائب ذات المسميات المختلفة؟

ليس المهم المظاهرات أو المسيرات الاحتجاجية لأن الصوت والصورة قد وصلت لصانع القرار ولكن المهم هنا هو الهوة بين الطبقات التي زادت وبات هناك اقل من 1/1000 ممن يُدعون بالطبقة الوسطى وهذا خلل بنيوي كبير في منظومة المجتمع لأن الطبقات المهمة هي الطبقة الوسطى وما دونها وهما المنتجتان. كما أن هناك مسافة كبيرة بين المسؤول والمواطن. فالسلطات التنفيذية تعلم أن حال المواطن لا يسر صديقا ولا عدو وأن المشرعين باتوا منفذين للقرارات بموافقتهم على ما ليس في صالح المواطن. لذلك كان لا بد من التأني لأن صمام امان الاردن ليس الأمن العام ولا الدرك ولا المخابرات العامة ولا الجيش، بل المواطن الأردني الذي ورغم كل ما حصل في دول الجوار من ربيع أمطر قنابل على رؤوس أبنائها وقف الشعب الاردني خلف قيادته وناصرها يدا بيد وكتفا بكتف.

حل القضية لا يكمن في الاعتماد الدائم على المساعدات لانها مسيسة كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني ولكن الحل يكمن في المصارحة والمكاشفة ومحاسبة المسؤولين عن كل ما أضاعوه من ثروات للبلاد والعباد بدءا من المشاريع الفاشلة وسوء استثمار الموارد “المحدودة” من فوسفات وبوتاس وغيرها وتشجيع المزارعين الذين رغم الضيم وسوء الحال وقلة ذات اليد ما زالوا يزرعون ويحصدون. لا أنسى أنه قبيل عدة سنوات من زيارتي للأردن أن بعضا من الحكومات — دون تسمية رؤسائها — قد عملت ومع سبق اصرار وترصد بفتح المجال أمام المنتجات من الدول الأخرى في وقت حصاد المزارع الاردني لمحصوله. كيف للعاقل أن يتصور أن هذا في صالح المواطن وفي صالح المزارع؟

الحلول تكمن في تسهيل حركة النقد بين الناس من خلال الاستثمار العاجل في عدة جوانب وهنا  لا اتحدث عن السوق المالي الذي فقدت اسهمه جزءا كبيرا من قيمتها بل الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات لأنه هو المدر للدخل وهو الذي يزيد من سرعة العائد على راس المال. والأردن يزخر بخريجي تكنولوجيا المعلومات ممن لا يجدون فرص عمل في تخصصاتهم.

لن أقول أكثر مما يقوله الأخرون من كتاب ومحللين بل أترك العمل للحكومة وفق رؤى جلالته وإنني على يقين بأنه لو كان الجميع على قلب واحد لأنجزنا ما هو مستحيل ولأحلنا المعضلة التي نمر بها حاليا كمواطنين الى نعمة وانجاز كبيرين يعودان على المواطن والوطن بالمنفعة. ولكن على الحكومة ان تصارح الشعب لا أن تتصارع معه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصارحة الشعب ومكاشفته لا مصارعته مصارحة الشعب ومكاشفته لا مصارعته



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib