حول المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016

حول المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016

المغرب اليوم -

حول المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016

خالد الشرقاوي السموني

أثير مؤخرا نقاش قانوني وسياسي بخصوص المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016 ، خصوصا عنما تسربت معلومات عن الخلاف الذي حصل بين رئيس الحكومة ووزير في الفلاحة والصيد البحري بشأن مقتضيات هذه المادة خلال مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس 22 أكتوبر، والتي تنص على أن يكون الوزير المكلف بالفلاحة هو الآمر بالصرف لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية « FDRZM »، كما يمكن له أن يعين الولاة والعمال، وكذا رؤساء المصالح الخارجية التابعين للوزارات المعنية، كآمرين مساعدين بالصرف . هذا مع العلم أن رئيس الحكومة كان دائما آمرا بالصرف لهذا الحساب في ظل القوانين المالية السابقة.
 وقد اعتبر البعض هذا التعديل الجديد التي أتى به مشروع قانون المالية الجديد عبارة عن تهريب أموال صندوق التنمية القروية من رئيس الحكومة إلى وزير الفلاحة والصيد البحري، كما اعتبر البعض الآخر بأن من وراء هذا التعديل غايات سياسية وحزبية غير مكشوفة.

وقبل ابداء رأينا في الموضوع ، لابد من إلقاء نظرة عن الحساب الخصوصي المذكور:

تم إحداث الحساب المرصد لأمور خاصة الحامل عنوان "صندوق التنمية القروية" تحت رقم : 3.1.0.0.1.04.002 بمقتضى المادة 44 من قانون المالية لسنة 1994 بهدف ضبط حسابات البرامج المدمجة للتمية القروية ، وتم تعديله سنة 2000 بمقتضى المادة 33 من قانون المالية ، وأيضا سنة 2012 بمقتضى المادة 20 من قانون المالية من أجل تمكينه من التكفل كذلك بالبرامج المدمجة بالمناطق الجبلية، حيث أصبح يسمى " صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية". كما سيعدل بمقتضى المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016. ومنذ سنة 1994 ، كان دائما الآمر بالصرف لهذا الحساب الخصوصي هو الوزير الأول، إلى أن تغيرت تسميته برئيس الحكومة وفقا للدستور الجديد لسنة 2011.
وللعلم ، فإنه منذ سنة 2007 أعيد النظر في مفهوم التمية القروية وذلك في اطار رؤية جديدة لتمية التراب الوطني تهدف ، بالإضافة الى الجانب الفلاحي ، إلى إدخال الجوانب المتعلقة بتعزيز البنيات التحتية وتحسين الدخل والتمية البشرية .
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن موارد صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية ، إلى غاية سنة 2015 ، لم تتجاوز المليار ونصف مليون درهم ، فعلى سبيل المثال  تم تخصيص فقط  مليار و 324 مليون درهم لفائدة الصندوق في قانون المالية لسنة 2015. على خلاف مشروع قانون المالية لسنة 6102 ، الذي خصص له ميزانية تقدر بمبلغ 55 مليار درهم ، وهي ميزانية ضخمة جاءت تتويجا  للإرادة الملكية القوية لإنجاح برنامج تنمية العالم القروي والذي عبر عنه جلالة الملك في خطاب العرش هذه السنة ، حيث كلف الحكومة بوضع مخطط عمل مندمج في شأن برنامج تقليص الفوارق في العالم القروي.

و لإغناء للنقاش الدائر الآن في الأوساط السياسية والبرلمانية ، ارتأينا إبداء موقفنا المتواضع فيما لي :

1/ صندوق التنمية القروية لا يهم فقط قطاع الفلاحة والصيد البحري وانما قطاعات متعددة:
إن صندوق التمية القروية والمناطق الجبلية لا يهم فقد قطاع الفلاحة والصيد البحري ، وإنما يشمل عدة قطاعات حكومية ، كالتجهيز والنقل ، والسياحة ، والتربية الوطنية ، والطاقة والبيئة والماء، والسكنى والتعمير، والتشغيل والتكوين المهني ، والتنمية الاجتماعية، والصناعة التقليدية ، وغيرها.
إذن ما علاقة وزير الفلاحة والصيد البحري بهذه القطاعات ؟ وكيف يمكن له الاشراف على صندوق بميزانية جد مهمة تهم فطاعات حيوية تدخل في اختصاصات باقي الوزراء؟ ، حيث سيجد نفسه متدخلا في قطاعات لا خبرة له بها ، ولا يشرف عليها ، وحتى إن كانت هناك إمكانية لتفويضه لصلاحية الأمر بالصرف للولاة والعمال و رؤساء المصالح الخارجية للوزارات على مستوى الجهات و الأقاليم ، فإن ذلك سيطرح إشكالات قانونية ومالية وإدارية، ومن بينها أساسا أن هؤلاء الآمرين المساعدين بالصرف ستصيح لهم سلطة مالية مهمة لاتخاذ قرارات من الحجم الكبير في مجال نفوذهم الترابي في منأى عن رئيس الحكومة.
فمثلا ، ستصبح للوالي أو العامل سلطة مالية لتدبير نفقات وموارد صندوق التنمية القروية في إحدى القطاعات الحيوية بالإقليم بعيدا من مرأى وزير الداخلية ، كما سيصبح المندوب الجهوي أو الإقليمي لوزارة ما يتصرف في ميزانية مهمة بعيدا عن توجيه و رقابة الوزير التابع له ، وكل ذلك من شأنه تجريد سلطات رئيس الحكومة وباقي الوزراء من تدبيرهم لصندوق التنمية القروية ووضعه رهن إشارة وزير الفلاحة بمفرده، وكأن الحكومة أصبحت برأسين: رأس عبد الاله بن كيران  ورأس عزيز أخنوش.

2/ رئيس الحكومة هو الموجه للفريق الحكومي والمنسق للعمل الحكومي المشترك
إن الفصول من 87 إلى 93 من الدستور المغربي لسنة 2011 تمنح لرئيس الحكومة مجموعة من الامتيازات كرئيس للفريق الحكومي ، وهو الذي يوجه أعمال هذا الفريق ، وينسق أنشطته وكل أعضاء الحكومة يعملون تحت إشرافه، وأي خروج عن هذه القاعدة يعد تطاولا على اختصاصات رئيس الحكومة طبقا لأحكام الدستور.
كما أن العمل الحكومي المشترك في مجال تنمية العالم القروي منظم بمرسوم صادر في 8 فبراير 2013 يتعلق بإنشاء اللجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية. وبدأت هذه اللجنة تعقد اجتماعاتها منذ سنة 2013 تحت إشراف رئيس الحكومة كان آخرها اجتماع يوم الاثنين 13 يوليوز 2015 ، علما بأن هذه اللجنة واكبت مجموعة من الانجازات سواء تعلق الأمر بالمخطط الأخضر، أو بكل من رؤية 2020 للسياحة ورؤية 2015 للصناعة التقليدية أو من خلال برامج التنمية المجالية التي تشرف عليها وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، بالإضافة الى بعض البرامج القطاعية الخاصة ، كالبرنامج الوطني للطرق القروية، وبرامج الكهربة القروية ومد العالم القروي بالماء الصالح للشرب وتعزيز خدمات الصحة والتعليم.
وهكذا يتبين أن هناك لجنة وزارية يشرف عليها رئيس الحكومة أحدثت من أجل تفعيل صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، وحان الوقت أن تقوم هذه اللجنة بتحديد توجه استراتيجي واضح المعالم، اعتمادا على مقاربة شمولية وترابية تستحضر في تفعيلها خصوصية المجالات الترابية، وتمكن من تنسيق تدخلات الفاعلين عبر تفعيل مبدأ التعاقد ومن ترشيد الموارد المالية المهمة التي سيخصصها قانون المالية لسنة 2016.
 وأخيرا ، فإننا نرى أنه من غير المنطقي أن يشرف وزير الفلاحة والصيد البحري  على صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية الذي يهم أكثر من عشر قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية كبرى، مما يكون من الأجدر، من الناحية الدستورية والسياسية و الادارية، أن يكون الإشراف على هذا الصندوق لرئيس الحكومة ، الذي يمكن له أن يفوض صلاحية الأمر بالصرف الى الوزراء ومدراء المؤسسات العمومية ، كل حسب اختصاصه .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016 حول المادة 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2016



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 08:14 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
المغرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib