ميشيل روكار ، أو يسار بلا «تنوعير»
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

ميشيل روكار ، أو يسار بلا «تنوعير»!

المغرب اليوم -

ميشيل روكار ، أو يسار بلا «تنوعير»

بقلم : عبد الحميد الجماهري

مَرَّ الراحل ميشيل روكار ،بكل ما قد يحلم به الإطار السياسي في بلاد مثل فرنسا، من البرلمان إلى الوزارات إلى الوزارة الأولى، لكنه في عمقه ظل .. مناضلا. 
بهذه الصفة التي لا تخضع صلاحيتها لتقدير الخدمة، ولا لجدولها الزمني، لهذا كانت حياته درسا… 
وبهكذا توصيف يتم تأبينه، في الوسط اليساري الفرنسي، لأن نضاليته أفضل بكثير من خدمته للدولة، حتى وإن ظل يفكر من داخل منطقها ومؤسساتها ، ومن خدمته لمساره السياسي وللوزارة ولحلاواتها..حتى وإن كانت في خدمة البلاد!
روكار، في الإجماع الفرنسي حول رحيله، كان هو الاستقامة والمصداقية والنزاهة…
خاصم أحيانا الرئيس الموحد واليساري الفرنسي فرانسوا ميتران ، وكان له منافسا أحيانا أخرى، لكنه لم يكن يرى ضرورة لوضع هذا التنافس في خدمة النزعة الفردانية ،أو النجاح الشخصي أو في تمجيد ألبوم العائلة.. 
رجل "اليسار الثاني"، النقي لا المتهافت كان رائد الاشتراكية الديمقراطية المبدعة، لا المتراخية فوق حبال النشر، مثل منديل صحي، لهذا ظل حريصا على "اخلاق الفعل"la morale de l’action، وهذا ما ورثه عنه جيل من اليساريين الذين خبروا العمل الحكومي وحققوا إصلاحات بالجملة لكنها شكلت ، كما كتب مدير تحرير "ليبراسيون" الفرنسية، "عملا ميدانيا محصنا بالأخلاق"، و"نموذجا للذين يريدون الحكم"..
رجل رشاش، عندما يفكر في بلاده، ولم يسجل عنه أنه سرق الأفكار من فم المناضلين أو من أفواه المتدخلين الذين ينصت إليهم.. ولم تقم لديه حاجة "إلى الحيلة" كما تقتضيها ممارسة السلطة، كما تُعرِّفها الانتهازية المراوغة والجبانة!
مؤسس "الحزب الاشتراكي المستقل" ! كان يعرف معنى التسميات ،ويسمي الأشياء بمسمياتها في زمن الحرب الجزائرية، زمن اليسار الاستعماري يا ويلتاه، والذي عانده وقاومه ورفض أطروحته.. واختبر المؤسس الجديد "الحزب الاشتراكي الموحد" في 1966، وبه رفع الوحدة اليسارية إلى مرتبة القوة النافرة، إلى جانب ميتران ابتداء من 1974!
الجيل الذي نحن منه رآه متألقا، ذات فبراير من تسعينيات القرن الماضي، عندما وقف وسط تصفيقات حارة لتأبين الفقيد الكبير عبد الرحيم.
ولعل صداقته مع الفقيد بوعبيد تعود إلى أنهما انتميا إلى مدرسة متميزة "الاشتراكية الأخلاقية"، لا تتساهل في المبادئ والقيم والأفق السياسي الذي لا تُبْطل طهارته تلك، مناورات المكاسب الظرفية والعاجلة(التنوعير المغربية)!
وقد حدث أن حدثه عبد الرحيم في قضايا فرنسية محضة، ومنها ما رواه مناضلون حضروا اللقاء الذي جمع بينهما في مؤتمر الاتحاد في ثمانينيات القرن الماضي، والاستعداد للرئاسيات الفرنسية الثانية في عهد ميتران إذا خاطبه الفقيد بالقول: "إذا كنت تريد أن ينجح اليسار، لا تتقدم ضد فرانسوا ميتران..".
فوجد ضالته في حكمة الذي سيحضر تأبينه في ذكرى أربعينيته يوم 16 فبراير 1992.
وقتها اتخذت الكلمات كل المعاني وهو يقول "شرفني عبد الرحيم بوعبيد بصداقته لمدة 35سنة، وأنا أعجز عن تحديد أول لقاء معه، وإن كنت أعرف بأن تحملي 
مسؤولية الطلبة الفرنسيين، المحلية في 1951 ثم الوطنية في 1953 جعلتني أحتك بالوسط الطلابي لتحسيسه لمناهضة السياسة الاستعمارية ..".
رأى ميشيل روكار في عبد الرحيم صورته في مرآة المتوسط الجنوبية، رأى فيه "
رجل قناعات وشجاعة ومسؤولية، له فكرة عملاقة عن هذا البلد المغرب ، كابْنِ لتاريخ شجاع ونبيل ، رجل لا يخاف المخاطرة .."!
كان يعطي أمام الآلاف الذين حجوا إلى حفل التأبين، بورتريه الرجل الذي كنا نبكيه في صمت ملتبس الأحاسيس والتعريفات..
عبد الرحيم، قال روكار:"رجل لا يتساهل مع … الشرف،
ولم تزعزعه مظاهر الجاه والسلطة عما اعتبره مسألة كرامة وعدالة.."
….,
… رجل قناعة، رجل شجاعة، رجل كفاءة وأيضا رجل مسؤولية: إن القناعات والذكاء والشجاعة صفات نجدها كثيرا في الصراع السياسي، لكن روح المسؤولية نجدها بشكل أقل..
والجمع بين القدرة الخلاقة والاصلاحية عندما تمارس السلطة للحفاظ على حس الدولة عندما تكون في المعارضة، لهذه فضيلة سياسية نادرة جدا.
.. 
وعبد الرحيم بوعبيد، كان ذلك يوم، ربما سنة 1954 ضيف مؤتمر كنت قد نظمته، وأتذكر قوة كلماته الصافية، والوضوح المدهش الذي يشرح به نظرته للمغرب المستقل غدا، وأتذكر بالخصوص البساطة الحميمية التي كان يتحدث بها لنا نحن الطلبة الشباب. لقد استطاع ان يكسبنا جميعا، وظل مرجعنا ليس فقط في ما يخص المغرب ولكن المغرب العربي والعالم العربي الذي كنا نريد أن نراه مستقلا، مسلما وعصريا، وقد ظل عبد الرحيم منذ ذلك الحين صديقي.
لقد رأيته في ما بعد أكثر من عشر مرات، وهي غير كافية لبناء حميمية خاصة ولكنها كافية للاختبار الدائم لحرارة وكثافة صداقة سياسية حقيقية ووثيقة.
التقيته مثلا حينما كنت أعمل في ديوان ألان سافاري الذي كان مفاوض استقلال المغرب، ثم بعد ذلك بمناسبة عدة مؤتمرات للأممية الاشتراكية حيث أتيحت له فرصة تمثيل المغرب عدة مرات. ولكن هنا في بلده المغرب أساسا، أتيحت لنا فرصة إجراء أحسن وأطول محادثاتنا.
وأنا شخصيا مدين للسي عبد الرحيم بوعبيد ولقوة مثاله. وبما أنه يوجد بيننا هنا العديد ممن هم مؤهلون أكثر مني ليتحدثوا عما قدمه لشعبه ولحزبه وللمغرب كله، أريد أن أقتصر من جانبي على إثارة ما أحتفظ به حول شخصيته: لقد كان رجل قناعة، رجل الحنكة، رجل الشجاعة ورجل المسؤولية.
رجل القناعة أولا القناعة الدينية، لقد كان مسلما. وأعتقد أنه في إطار ناد لحفظة القرآن بدأ يفهم التعبير الوطني والقومي الذي كان يقوده إليه إيمانه ونظرته الى الاشياء، لكن الدين بالنسبة إليه كان مسألة خاصة. وكان يحترم بعمق الاسلام، ولكن كانت له فيه ما نسميه ممارسة علمانية، ولم يكن يقتنع أبدا بأن يفرض الاسلام على من لا يشاطره هذا الإيمان.
::::::
أبدا لم يستطع ترف السلطة ولا تشريفاتها أن تزيحه عما كان يعتقد أنه حق."
ونكتشف أن الرجلين معا ضد كل "تنوعير" محصن بالرطانة الايديولوجية ، والسطحية والاندفاعية التجريبية التي تفتقد إلى حس إنساني..
عندما فقده اليسار، إلى جانب الكبار من أمثال جاك دولور، الأب الروحي للاتحاد الأوروبي وجاك جوليار ..وغيرهما،اضمحل وتآكل.. لأن الفكرة اليسارية، حقا لا تعيش في المياه الراكدة، ولا تُعاش بالأحاسيس الآسنة.. وبالفعل عندما عجز ميتران عن هزمه ،أطلق عليه .. بيرنار طابي، السياسي الذي دخل السجن بسبب فضائح مالية، كما اعتدنا في كل قصص الاغتيال التي تتم عبر خدمات المرتشين وأصحاب المصالح الضيقة والمالية الوسخة.. ولهذا، وأيضا، ظل يجوب العالم مناضلا ضد فساد السياسة.. وسياسة الفساد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميشيل روكار ، أو يسار بلا «تنوعير» ميشيل روكار ، أو يسار بلا «تنوعير»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib