هشاشة

هشاشة

المغرب اليوم -

هشاشة

بقلم: حسن طارق

أتابع بقدر الإمكان ما يكتبه يونس دافقير، محتفظا له دائما، بتقدير خاص على جهد موصول في الاجتهاد والتحليل، بعيدا عن الضحالة المعممة التي باتت مرادفا مناسبا للتحليل السياسي لدى الكثير من الكتبة المثيرين للقرف أو للشفقة أو لهما معا.

في تدوينة حديثة له، اعتبر أن “بنكيران كان تهديدا لديمقراطية هشة أكثر منه بطلا ديمقراطيا. إذ كان عليه أن يدفع ثمن تغوله وسطوته دون أن ينفي ذلك كل ميزاته التي لا ينكرها أحد..”، مضيفا أنه لم يحب أن “نعيش أردوغانية مستوردة”.

ولأن الصديق يونس قدر أن تحليله يحمل شيئا من “الصدمة والقسوة” المطلوبتين، فقد بدا مستعدا لنقاش حول الموضوع.

أقدم هنا بعض عناوينه السريعة:

– هل فعلا كان بنكيران تهديدا لديمقراطية هشة؟

قد يكون بنكيران – في تجربة السلطة – قد شكل فعليا تهديدا لأعراف وقواعد نظام سياسي لا يقبل “مغامرة” الانفتاح على الإرادة الشعبية، حتى ولو كان هذا الانفتاح محدودا ومراقبا وجزئيا، ولا يستسيغ حضور بعض إمكانيات التأويل البرلماني حتى ولو كانت محاطة بقواعد دستورية رئاسية راسخة.

كما قد يكون شكل تهديدا للحدود المرسومة للتمثيل السياسي الصاعد من “الأسفل”، داخل نسق مبني على نمط خاص من المشروعية.
 
لكنه بالتأكيد لم يشكل تهديدا لـ”ديمقراطية هشة”، ليس لأن مروره في الحكومة، تميز بحرص “مبالغ” على ثقافة التوافق وتقدير التوازنات، وليس لأنه استطاع طوال ولايته أن “يجمد” ما قد يبدو مقاومة ثقافية أو إيديولوجية للقيم “الديمقراطية”، ولكن بالأساس لأنه لم يتحول أبدا إلى عنصر كبح لتمرين ديمقراطي على قدر كبير من الارتباك.

هل أضيف هنا، أن هذه الديمقراطية الهشة التي يهددها سياسي -معتدل وإصلاحي-  مثل بنكيران، هي ديمقراطية غير قابلة للحياة، مادامت لا تحتمل إلا أشباه سياسيين غارقين في الهشاشة من فاقدي الإرادة والاستقلالية !
 
ومادامت الدولة، تصر على إعادتنا إلى ما قبل عصر الهشاشة الديمقراطية، كلما مرت بتجربة “تعايش صعب”، مع النزر القليل من هذه الهشاشة .
– هل كان على بنكيران أن يدفع ثمن تغوله وسطوته؟
 
نعم، كان يمكن لصناديق الاقتراع، أن تجعل بنكيران يدفع ثمن سياساته، وكان يمكن للناخبين معاقبته ديمقراطيا، لكنهم فعلوا العكس. أما عن التغول والسطوة، فأعتقد أن المقصود هنا هو الحد الأدنى من الدفاع عن القرار الحزبي، ومن احترام مؤسسة رئاسة الحكومة وتقدير “الإرادة الشعبية”.

بهذا التعريف الجديد للكلمات يمكن فعلا القول بكل اطمئنان إن بنكيران أدى الثمن !

يبقى طبعا، السؤال – الواجب أخلاقيا – هنا، هو هل التشفي هو الموقف الوحيد الملائم بالنسبة إلى الديمقراطيين المختلفين مع بنكيران في المرجعية.

– هل كنا، مع تجربة بنكيران نعيش أردوغانية مستوردة؟

ما أتصوره، هنا، هو أن سهولة المقارنات، قد تكون مضللة للفهم، ذلك أن سياقات التاريخ، هنا وهناك، مختلفة، وطبيعة هندسة النظام السياسي، في كلا البلدين متباينة، ولا شك أن استيراد مقولات جاهزة من سرديات مقارنة: التغول من المعجم المصري، والأردوغانية من المعجم التركي، وكلاهما يستعير صورة متخيلة لحركة إسلامية مغربية كمجرد امتداد بسيط لتجربة الإخوان المسلمين، لا يجعلنا نتمكن من فهم تعقد الحالة الإسلامية المغربية، والتي بالتأكيد هي ليست مجرد نسخة مكررة من المسار الشرقي .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هشاشة هشاشة



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib