الجهوية الموسعة ونزاع الصحراء

الجهوية الموسعة ونزاع الصحراء

المغرب اليوم -

الجهوية الموسعة ونزاع الصحراء

يوسف بلال

مشروع الجهوية الموسعة يمثل بالنسبة إلى العديد من الفاعلين السياسيين المغاربة أفضل اقتراح للخروج من نزاع الصحراء.
ومن المؤكد أن الجهوية الموسعة تشكل خطوة هامة في هذا الاتجاه، حيث إنها، إذا نفذت بشكل مناسب، ستكون مفتاحا لتغيير علاقة الدولة المركزية بالجهات في اتجاه اللامركزية واللاتمركز وتقريب مراكز القرار من المواطنين. وفي سياق عربي مضطرب احتدمت فيه الصراعات المسلحة، يشكل مشروع الجهوية جوابا سياسيا عن النزاع حول الأراضي الصحراوية. لكن السؤال المطروح الآن هو: هل من شأن مشروع الجهوية الموسعة أن يقنع الصحراويين الانفصاليين بالتخلي عن فكرة الانفصال عن المغرب؟
يجب طرح هذا السؤال لأن نزاع الصحراء، منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار سنة 1991، انتقل من كونه صراعا عسكريا بين الجيش المغربي والجماعات المسلحة التابعة للحركة الانفصالية المدعومة من قبل الجزائر إلى صراع ذي صبغة سياسية بين النظام المغربي وجبهة البوليساريو ومعها النظام الجزائري في الفضاءات الدبلوماسية والإعلامية. وقبل عشر سنوات، انتقل الصراع إلى الأراضي الصحراوية نفسها مع ظهور جيل جديد من النشطاء الصحراويين الذين ينشطون في جمعيات حقوقية يشاطرون جبهة البوليساريو مشروعها الانفصالي، لكنهم ليسوا منتمين بالضرورة إلى أجهزتها السياسية؛ وبالتالي فإنه لا يمكن الخروج من نزاع الصحراء فقط بتكثيف المجهودات الدبلوماسية وتنزيل مشروع الجهوية الموسعة، لأن وضع حد نهائي لهذا النزاع المفتعل يتطلب العمل على إقناع أغلبية الصحراويين الانفصاليين أو المترددين بمصداقية المبادرة المغربية.
والشروع في تطبيق مشروع الجهوية الموسعة في الأراضي الصحراوية من شأنه أن يساهم في بناء المصداقية المغربية، شريطة أن يضع المغرب حدا لاقتصاد الريع الذي أفسد علاقة الصحراويين بالمغرب لأن الانتماء إليه أصبح بالنسبة إلى العديد منهم مرتبطا بالاستفادة من الامتيازات عوض أن يكون نابعا من قناعات راسخة تبناها السكان الصحراويون. ودون شك، فإن الصحراويين، في قطاع واسع منهم، يعتبرون أنفسهم مغاربة. ومهمة المغرب الآن تتجلى أساسا في إقناع الصحراويين المترددين بين انتمائهم إلى المغرب، من جهة، وانحيازهم إلى أفكار البوليساريو.
ومن أهم الخطوات التي يمكن للمغرب أن يتخذها في الاتجاه الصحيح احترامُ الحقوق السياسية للصحراويين الانفصاليين والسماح لهم بممارسة حقهم في التعبير عن الرأي، ولو كان مناهضا للنظام المغربي، لأن الالتزام بالقواعد الديمقراطية يظل أفضل سلاح سياسي في هذا الصراع. ودون شك، فإن تأسيس آليات جهوية لتتبع وضع حقوق الإنسان بالصحراء من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان يشكل خطوة إيجابية في هذا الاتجاه، لكنه يظل غير كاف لبناء مصداقية المغرب في شأن حقوق الإنسان بالصحراء والاحترام الفعلي لحقوق الصحراويين. والالتزام بحقوق الإنسان لا يهم المغرب فحسب، بل يطرح حتى بالنسبة إلى البوليساريو وتسييره لمخيمات تندوف التي تظل تحت وطأة نظام عسكري. والإشكال، إذن، لا يكمن فقط في الأرض الصحراوية فحسب، وإنما هو مرتبط بقدرة جميع الأطراف، المغرب والبوليساريو والجزائر، على تجاوز صراعات الماضي والتوجه إلى المستقبل بمشروع جماعي ديمقراطي يتجاوز الوطنية الضيقة ويوحد شعوب المنطقة ويسمح لها بمواجهة أهم تحدياتها التنموية والسياسية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهوية الموسعة ونزاع الصحراء الجهوية الموسعة ونزاع الصحراء



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib