جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه

جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه

المغرب اليوم -

جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

منذ إعلانها عن تأسيس ما يسمى بـ«طلائع طوفان الأقصى» على الساحة اللبنانية، أثارت حركة «حماس» مخاوف اللبنانيين جميعاً وخصوصاً أهل الجنوب من عودة الكفاح المسلح الفلسطيني من خارج فلسطين إلى داخلها عبر الحدود اللبنانية فقط، فالبيان الذي سارعت قيادتها إلى توضيحه اعتبره جزء كبير من اللبنانيين إشهاراً بإعادة عسكرة اللجوء الفلسطيني خارج المخيمات ومشروعاً لتغيير الطبيعة السياسية والعقائدية لهذا اللجوء داخلها -أي المخيمات.

من غزة إلى خارجها، يكشف البيان أن من أصدره بدأ الإعداد لمرحلة ما بعد حرب غزة بمعزل عن نتائجها السياسية والعسكرية وبعيداً عن شكل التسوية المقبلة، فالأرجح أن «حماس» وحلفاءها الإقليميين يعملان على استدراك واقع جديد سياسي وأمني ستفرضه آلة القتل الإسرائيلية في الداخل، يتطلب فرض بديل في الخارج، يعوض على «حماس» إضعاف قدرتها على الاشتباك المباشر مع الإسرائيليين في الداخل وانتقاله إلى الخارج، ويعوّض أيضاً على داعميها خسارة ورقة احتكاكهم الخشن غير المباشر مع تل أبيب في الداخل ونقله إلى الحدود اللبنانية عبر الفصائل الفلسطينية تحديداً، في محاولة للحفاظ على ضبط النزاع، مستفيدة من غياب تام لمشروع حلّ يحافظ على ما تبقى من حقوق للشعب ومن تعنت إسرائيلي يرفض بشكل تام إعطاء الحد الأدنى من هذه الحقوق.

من داخل المخيمات، ينسجم البيان مع التوضيح الذي أصدرته «حماس» بأنها إزاء مشروع ثقافي اجتماعي وليس عسكرياً، ولكن هذا في الظاهر، أما في باطنه فإن مخاوف لبنانية - فلسطينية مشتركة بدأت قبل أشهر من اندلاع المواجهة في غزة، من مخطط لتغيير الطبيعة السياسية للجوء الفلسطيني في لبنان، وكان واضحاً حينها القرار بتحجيم دور منظمة التحرير وحركة فتح السياسي والأمني لصالح فصائل مناهضة لهما، مستغلين ترهل «فتح» وتخبط ممثلي السلطة الوطنية في لبنان وفشلهم في إدارة ملف المخيمات من جهة، ومن جهة أخرى كانت قوى إقليمية ومحلية لبنانية مؤثرة جداً تخطط مبكراً للقبض على الورقة الفلسطينية في لبنان بحال حصلت انفراجة كانت متوقعة في موضوع السلام والتوصل إلى حلّ الدولتين الأمر الذي كان سيضعف موقعها وتأثيرها في النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

من خارج المخيمات، أي التهيئة إلى عودة العمل الفدائي الفلسطيني الذي انطلق في لبنان سنة 1965 وانتهى 1982، والذي عادت ملامحه قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشكل ضعيف عبر إطلاق الصواريخ من لبنان إلى الداخل الفلسطيني المحتل تحت غطاء ما تسمى وحدة الساحات وتوسع بعد 7 أكتوبر وبشكل علني ورسمي وبغطاء داخلي، وهذا ما أثار مخاوف جميع اللبنانيين حتى البيئة المؤيدة للكفاح المسلح من تحويل مناطقها إلى ساحات اشتباك مفتوحة كما كانت قبل عام 1982، ففي السابق كان لبنان ملاذاً لمقاتلي حركات التحرر العالمي المتضامنين مع القضية الفلسطينية، لكن الآن وبعد سقوط مقاتلين تركيين في صفوف «حماس» في جنوب لبنان فإن الأحداث المقبلة قد تجعل من لبنان ملاذاً لمقاتلي الحركات الجهادية تحت ذريعة التضامن مع القضية الفلسطينية، وهذا ما يشكل تهديداً أكبر للنسيج اللبناني خصوصاً أن هذه الجماعات لا يمكن ضبطها أو التحكم بتوجهاتها.

من لبنان وإليه، يبدو أن محاولات منع توسع الاشتباك خارج غزة تتراجع، فتل أبيب تضغط دبلوماسياً من أجل تنفيذ القرار الأممي 1701 أي تراجع «حزب الله» عن الحدود الدولية نحو الضفة الشمالية لنهر الليطاني، فيما يبدو أن الحزب يعد العدة لمواجهة قد تكون مفتوحة إذا لجأ الجيش الإسرائيلي إلى خيارات أخرى، ما يعني أن وجود «حماس» إلى جانبه وغيرها من الفصائل المسلحة بات «تحصيل حاصل»... وللحديث بقية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه جدلية الكفاح المسلح من جنوب لبنان وإليه



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib