ترامب بين روسيا وأوروبا وتحذير فوكوياما

ترامب بين روسيا وأوروبا.. وتحذير فوكوياما

المغرب اليوم -

ترامب بين روسيا وأوروبا وتحذير فوكوياما

بقلم : مصطفى فحص

في مقال نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز»٬ حذر المفكر الأميركي فرانسيس فوكوياما من أن فترة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب «ستؤذن بانتهاء العهد الذي كانت فيه الولايات المتحدة تشكل رمًزا للديمقراطية نفسها في أعين الشعوب التي ترزح تحت حكم الأنظمة السلطوية في مختلف أرجاء العالم»٬ ولم يستبعد فوكوياما أن يكون ترامب قد وقع تحت تأثير بوتين٬ وهذا ما يفسر محاولاته الانتقال من معسكر الليبرالية العالمية إلى معسكر القومية الشعوبية. وهو ما تصفه النخبة الغربية حالًيا بانقلاب كامل على المعايير الأخلاقية التي نظمت علاقة الولايات المتحدة بحلفائها الغربيين.
ولهذا لم تتأخر لندن في الرد غير المباشر على ما قاله الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن احتمال تفاهم إدارته الكامل مع روسيا حول سوريا٬ وإمكانية تراجع واشنطن عن دعم المعارضة السورية المعتدلة٬ حيث ل ّمحت جهات حكومية بريطانية إلى أن لندن باتت على عتبة أزمة دبلوماسية مع واشنطن على خلفية خطط ترامب الرامية إلى التحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في دعم النظام السوري٬ وقد نقلت صحيفة «تليغراف» عن مصادر في الخارجية البريطانية «أن الدبلوماسيين البريطانيين سوف يطلقون مفاوضات معقدة للغاية٬ وصعبة إلى حد اللامعقول مع ترامب في الفترة المقبلة حول موقفه تجاه روسيا٬ وأن لندن لا تعتزم تغيير نهجها على هذا الصعيد». من جهتها٬ دعت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون در لاين٬ الرئيس الأميركي المنتخب٬ إلى الاستمرار في ممارسة سياسة التشدد مع موسكو٬ وقالت إن «ترامب يجب أن يحدد بوضوح٬ مع أي جانب هو: مع العدالة٬ السلام والديمقراطية ­ أم مع صداقته الرجالية؟».
مما لا شك فيه أن دول أوروبا الثلاث العملاقة؛ ألمانيا وإنجلترا وفرنسا٬ تستعد إلى مرحلة يسودها عدم التوازن في العلاقة مع واشنطن تحت إدارة دونالد ترامب٬ الذي يخطط إلى التراجع عن المسلمات التي حكمت العلاقات بين ضفتي الأطلسي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية٬ على كل الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية٬ فتلويح ترامب بالتخلي عن الـ«ناتو»٬ هو بمثابة تراجع عن التزام واشنطن بحماية حلفائها التاريخيين من التهديدات الروسية الدائمة والداهمة على حدودهم٬ خصو ًصا أن فلاديمير بوتين يعتمد في سياسته التوسعية الجديدة على نشر عدم الاستقرار في الدول الصغيرة والضعيفة الواقعة ضمن مجاله الاستراتيجي٬ وعلى دعم الجماعات الانفصالية من أجل إضعاف الحكومات المركزية٬ بانتظار الفرصة التي تمكنه من استتباعها على غرار ما جرى للقرم. وإذا كانت بريطانيا قد أرسلت قبل أيام من انتخاب ترامب رئي ًسا للولايات المتحدة ألف جندي بكامل عتادهم إلى البلطيق٬ كرسالة تحٍد لمشاريع فلاديمير بوتين التوسعية٬ فإن ألمانيا المعنية مباشرة بمواجهة التمدد الروسي باتجاه شرق ووسط القارة الأوروبية٬ تمتلك قدرات عسكرية متدنية جًدا لمواجهة الآلة العسكرية الروسية٬ ففي تعليق له على تحليق القاذفات الاستراتيجية الروسية فوق بحر البلطيق٬ كشف الجنرال السابق في الجيش الألماني٬ هارلد كويات٬ أن كل قدرات بلاده العسكرية تكفي للصمود لمدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع فقط٬ في حال قررت موسكو اجتياح أوروبا الشرقية٬ ويكمن التخوف الأوروبي من نجاح ترامب في تقليص دور واشنطن في الـ«ناتو»٬ مما يجعل القارة الأوروبية في مواجهة خطرين؛ الأول استراتيجي يتمثل في إطلاق يد روسيا في مناطق شرق أوروبا حتى وسطها٬ والثاني خطر استمرار تدفق اللاجئين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط وخصو ًصا سوريا٬ حيث بات من المحتمل أن تلقى إذا قرر ترامب تسليمهما إلى روسيا.
وأوكرانيا مصي ًرا مجهولاً بالنسبة للأوروبيين٬ تسليم أوكرانيا وسوريا لموسكو هو بمثابة إعادة اعتبار لها غير مبرر٬ وإعطائها دو ًرا لا تستحقه على الساحة الدولية٬ سيتسبب في انعكاسات سلبية على المستوى الأوروبي الداخلي٬ مما سيعزز دور اليمين المتطرف٬ وسيرفع من حدة التباين في المواقف داخل الاتحاد٬ مما سوف يشجع بعض الدول على طرح فكرة الانفصال ا إلى الوراء٬ مما يهدد مصالح
 جغرافي مشتعل٬ تسوده الحروب العرقية والدينية٬ تمزق وحدة دوله وتعيدها قرونً على غرار ما جرى مع بريطانيا. فأوروبا المحاطة بجوا
الأوروبيين التاريخية في الشرق الأوسط خاصة٬ حيث تصبح الدعوة إلى مواجهة روسيا في سوريا ضرورة للدفاع عما تبقى لهم من دور ونفوذ٬ وحماية لاتفاق «سايكس ­ بيكو»٬ باعتباره الخيار الأكثر واقعية للمنطقة في مواجهة محاولات روسية لإسقاطه سياسًيا وديموغرافًيا٬ ودعوات أميركية تطلقها شخصيات مرشحة٬ لأن تكون في صلب ا لشروط اللاعبين الجدد على الساحة الدولية٬ دون الأخذ بعين الاعتبار الحسابات الإقليمية
صناعة القرار الأميركي في عهد ترامب٬ تدعو إلى إعادة رسم خرائط المنطقة وفقً وتقسيم سوريا والعراق على أساس إثني ومذهبي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب بين روسيا وأوروبا وتحذير فوكوياما ترامب بين روسيا وأوروبا وتحذير فوكوياما



GMT 11:49 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

قاليباف... عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان

GMT 17:50 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

ذاكرة لأسفارنا الأليمة

GMT 18:41 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

إيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً

GMT 17:46 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

طهران ــ تل أبيب... مسار التصعيد

GMT 13:06 2024 الجمعة ,27 أيلول / سبتمبر

إيران لا تريد الحرب

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib