إيران الضربة آتية من الداخل

إيران... الضربة آتية من الداخل

المغرب اليوم -

إيران الضربة آتية من الداخل

بقلم - مصطفى فحص

في تصريحات وصفتها وسائل إعلام إيرانية بغير المسبوقة، حذر عضو مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) جليل رحيمي جهان آبادي من مصير الاتحاد السوفياتي، وقال في جلسة البرلمان يوم الأحد الفائت إنه «عندما سقط الاتحاد السوفياتي كان يملك 13 ألف صاروخ نووي ونفوذا في 20 دولة في العالم ومحطة فضائية لكنه تفكك في شوارع موسكو»، منبها النظام من ضرورة خفض إنفاقه الداخلي والخارجي وإلا سيتلقى الهزيمة داخل طهران. 

إلا أن سلوك النظام لا يوحي بأنه مستعد للاستفادة من التجربة السوفياتية بقدر ما هو مصر على تكرارها، فطهران التي تتقن ممارسة استراتيجية التحدي مستفيدة من مظلة التوازنات الدولية والإقليمية المعقدة، يدفعها غرورها المفرط إلى المناورة على حافة المواجهة دون تجاوز الخطوط الحمر تجنبا لعواقب وخيمة جرّاء أي اشتباك مباشر مع القوى الكبرى، لكنها رغم اختلال موازين القوى تتصرف كأنها كيان إمبراطوري يستطيع الوصول إلى حيث يشاء، ولا حدود لطموحاته التوسعية ولو على حساب الداخل. 

بين التحدي والغرور أعلنت طهران عن نيتها إرسال قطع من سفنها الحربية إلى غرب المحيط الأطلسي، وأعلن نائب قائد البحرية أنه ابتداء من شهر مارس (آذار) ستوسع إيران نطاق عمل قواتها البحرية بحيث تصبح على مقربة من الولايات المتحدة، وعلى غرار الاتحاد السوفياتي الذي أنشأ أول محطة فضائية دائمة «مير» سنة 1986. كشفت طهران عن بدء العمل بخطتها العشرية الثانية لاكتشاف الفضاء والتي ستنتهي سنة 2026، حيث أعلن المدير العام للتقنية الفضائية الإيرانية مجتبى سرداقي أن بلاده على وشك إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء على بعد 500 كيلومتر من المحطة الأرضية.

في نفس السياق أكد قائد القوة الجوية بالحرس الثوري الجنرال علي حاجي زاده أن بلاده تجري شهرياً ما بين 30 إلى 40 تجربة صاروخية، وهو استنساخ كامل للعقيدة الصاروخية السوفياتية التي اعتبرت أن نفوذ موسكو يصل إلى حيث يصل مدى صواريخها التي عبرت القارات، حيث هدد نظام صواريخ S18 ستانا «الشيطان» بإبادة مدينة بحجم نيويورك، غير أن قرار طهران استئناف تجاربها الصاروخية ومشاريعها الفضائية يعتبر خرقاً واضحاً للقرار الأممي 2231 والذي يمنعها من اختبار صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى تحذيرها من عواقب إعلانها خططاً لإطلاق ثلاثة صواريخ خلال الأشهر المقبلة إلى الفضاء، حيث شدد بومبيو في بيان على أن «الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي وهي تراقب سياسات النظام الإيراني المدمّرة التي تضع الاستقرار والأمن الدوليين في خطر».

فبين سباق تسلح شبيه بمرحلة الحرب الباردة ما بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وخسائر اقتصادية نتيجة الإنفاق العسكري جرّاء التورط في نزاعات المنطقة في تطبيق كامل للتجربة السوفياتية، يضاعف النظام الإيراني الأعباء المالية على دورة الاقتصاد الوطني، بهدف تغطية تكلفة نفوذه الخارجي وحماية مصالحه التوسعية التي تتطلب توفير موارد ضخمة لتغطية الإنفاق الكبير على القوات المسلحة وعلى الحلفاء الخارجيين في لبنان وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان وغزة من دون السعي إلى تحسين الوضع المعيشي للمواطن الإيراني، الذي يعاني من انعدام فرص العمل نتيجة الركود الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة وتردي الأوضاع الصحية، خصوصا بعد إعلان حكومة حسن روحاني عن تقليص حصة قطاع الصحة والعلاج في الميزانية الجديدة، وهو ما دفع عضو اللجنة الاجتماعية في مجلس الشورى الإيراني النائب رسول خضري إلى المطالبة بأن تكون ميزانية الصحة ملائمة مع توقعات المرضى والعلاج في البلاد، خضري كشف في حديث له نقلته وكالة (مهر) شبه الرسمية عن أن نحو 40 مليون إيراني يعيشون دون خط الفقر. 

ففي بلد يعيش أكثر من نصف سكانه دون خط الفقر نتيجة اندفاع النظام في الخارج وتمسكه بتنفيذ مشاريع توسعية ورغبة جامحة في فرض الهيمنة على جواره وتعزيز حضوره في المنطقة، هناك طموحات بات لها أثمان باهظة في الداخل.

عود على بدء، إلى ما حذر منه النائب جليل رحيمي جهان آبادي من أن «اليوم يواجه الناس صعوبة في الحصول على مصادر رزقهم وملء بطون أطفالهم إذا لم نتمكن من تخفيض التكاليف الإضافية للسياسة الداخلية والخارجية، فإننا سندفع تكاليف باهظة وأن الضرر الذي يلحق بأمننا القومي لن يكون عن طريق الأعداء بل سيأتينا من الداخل». 

وأمام هذا التحذير لم يعد مستبعداً أن ترفع راية الاستسلام في شوارع طهران كما رفعت في موسكو.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الضربة آتية من الداخل إيران الضربة آتية من الداخل



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib