خطاب نصرالله يكشف مدى تضايق إيران

خطاب نصرالله يكشف مدى تضايق إيران

المغرب اليوم -

خطاب نصرالله يكشف مدى تضايق إيران

خيرالله خيرالله


لهجة الخطاب تكشف التضايق الإيراني من 'عاصفة الحزم' التي تقودها السعودية في اليمن بمشاركة عربية وإسلامية ودولية بهدف العودة إلى الخيار السياسي والحوار في ظروف طبيعية.

ما علاقة “حزب الله” باليمن وما سر اهتمامه به؟ هل يكفي أن تكون إيران متضايقة من السياسة السعودية في اليمن كي يشنّ الحزب هجوما بعد الهجوم عليها، غير آبه بالعلاقة التاريخية التي تربط لبنان واللبنانيين بالمملكة؟

باستثناء مزيد من التصعيد مع المملكة العربية السعودية، ليس هناك، في العمق، أي جديد في الكلام الأخير للسيّد حسن نصرالله الأمين العام لـ“حزب الله” في لبنان عن اليمن. ملخص الخطاب، أنّ هناك هجوما على المملكة العربية السعودية تجاوز ما ورد في الخطابات السابقة وذلك بتركيز نصرالله على الملك عبدالعزيز بن سعود الذي أسّس المملكة، إضافة إلى الاستفاضة بمهاجمة الفكر الوهابي من منطلق أنّه في أساس الفكر الداعشي. وهذا غير صحيح إطلاقا، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار العداء الذي تكنّه المملكة لكلّ التنظيمات المتطرّفة، على رأسها “داعش”. السعودية شريكة في الحرب على “داعش”، كما سبق لها أن تصدّت منذ أيام الملك عبدالعزيز لكلّ الظواهر التي تتسم بالتطرف. هل من يتذكّر معركة عبدالعزيز مع “الإخوان” في السبلة؟

يبقى أن هناك جانبا مفيدا في خطاب نصرالله. تكشف لهجة الخطاب مدى التضايق الإيراني من “عاصفة الحزم” التي تقودها السعودية في اليمن بمشاركة عربية وإسلامية ودولية بهدف واضح. يتمثّل هذا الهدف في العودة إلى الخيار السياسي والحوار في ظروف طبيعية. تعني الظروف الطبيعية ألا يفرض طرف مرتبط بإيران شروطه على الآخرين بقوّة السلاح، بحجة وجود شيء اسمه “الشرعية الثورية”.

أدّت “عاصفة الحزم” الجانب الأساسي المطلوب منها يمنيا وذلك بكبحها الانطلاقة الإيرانية في اليمن. هذه الانطلاقة الإيرانية بلغت عدن، وكان يمكن أن تبلغ كلّ الجنوب بعدما حصل الحوثيون، أي “أنصار الله” على دعم واضح من القوى العسكرية التي لا تزال موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

ما قد يكون ضايق إيران أكثر من ذلك بكثير، أن “عاصفة الحزم”، التي هي أيضا عاصفة العزم العربي، أظهرت أنّ هناك قوّة عربية على استعداد للمبادرة بدل التفرّج على التمدّد الإيراني في كلّ الاتجاهات. لم يعد ممكنا الاستهانة بهذه القوّة القادرة على القيام بنحو مئة طلعة جوّية يومية، بل أكثر من ذلك.

يعبّر حسن نصرالله عن التضايق الإيراني من وجود مثل هذه القوّة من جهة، والاستفاقة العربية من جهة أخرى. كان مفترضا بالعرب أن يبقوا نياما، كي يرتاح الأمين العام لـ“حزب الله”، وكي يفرض النظام الإيراني شروطه على جيرانه العرب بدءا بالبحرين وصولا إلى اليمن، مرورا بالعراق وسوريا ولبنان.

تبدو “عاصفة الحزم” تعبيرا عن امتلاك العرب القدرة على المقاومة، ورغبتهم في التصدي للمشروع التوسّعي الإيراني. هذا ما يجعل نصرالله يذهب بعيدا، بل بعيدا جدّا، في الحملة التي يشنّها على المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وعلى الدول العربية المشاركة في “عاصفة الحزم” بشكل عام.

في النهاية، لا يعرف الأمين العام لـ“حزب الله” الكثير عن اليمن وتعقيداته، وذلك على الرغم من أن العلاقة القائمة بين حزبه والحوثيين قديمة جدا وعمرها يزيد على خمسة عشر عاما. ليس سرّا أن الفضائية التابعة للحوثيين، واسمها “المسيرة”، تبث من منطقة نفوذ “حزب الله” في بيروت، وليس من مكان آخر. هذا شيء والغوص في التفاصيل اليمنية شيء آخر. في الواقع، دخول اليمن، وإن بأعداد قليلة من الخبراء، شيء والخروج منه شيء آخر.

لا يزال الموضوع اليمني في بدايته، لكنّ ما يخشاه حسن نصرالله ومن خلفه إيران، أن يكون اليمن بداية وليس نهاية كما تتمنّى طهران. إنها بداية لتفكير عربي جديد في كيفية التعاطي مع الأزمات القائمة في العراق وسوريا ولبنان. بكلام أوضح، تخشى إيران أن يصبح الموقف العربي مختلفا في العراق وسوريا ولبنان.

الملفت أنّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حاول في واشنطن الكلام عن السيادة العراقية موجّها انتقادات، وإن بحياء وخفر، إلى ظهور القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في صور تشير إلى أنّه كان يقود المعركة في تكريت. صحيح أنّ الأيّام ستكشف أن العبادي لا يختلف في شيء عن سلفه نوري المالكي، لكن الصحيح أيضا أنّ العبادي يبدو مضطرا، خلال وجوده في العاصمة الأميركية، إلى الظهور في مظهر من يسعى إلى المحافظة على الحدّ الأدنى من الاستقلالية عن إيران، ومشروعها التوسّعي المبني على إثارة الغرائز المذهبية!

الملفت أيضا أن الوضع في سوريا يتغيّر على الأرض لمصلحة الشعب السوري الذي يشارك “حزب الله” ومن خلفه إيران في عمليات ذبحه بشكل يومي. هل الخطاب عن اليمن تعبير عن عمق المأزق الذي بات “حزب الله” يجد نفسه فيه نتيجة تجاهله الحدود اللبنانية – السورية وانغماسه في الحرب التي يشنّها نظام على شعب مظلوم؟

الملفت أخيرا وليس آخرا، أنّه ما كاد نصرالله ينهي خطابه حتّى كان الرئيس سعد الحريري يفنّد كلّ نقطة فيه، بما يؤكّد أن لبنان يرفض أن يكون مستعمرة إيرانية وذيلا لـ”محور الممانعة”.

هناك ما هو أبعد من اليمن الذي يحاول “حزب الله” التركيز عليه. نعم، اليمن مهمّ. تعود أهمّيته، في جانب منها، إلى أنّه يمكن لإيران أن تستخدمه في استكمال تطويق المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية، إضافة إلى التحكّم بالملاحة في البحر الأحمر.

ما هو أبعد من اليمن، القرار العربي بعدم الاستسلام لإيران. وهذا ما يفسّر، إلى حد كبير، اللهجة الاستفزازية في خطاب حسن نصرالله الذي صار فجأة حريصا على الأقلّيات في المنطقة!

منذ متى هناك حرص لدى “حزب الله” على الأقلّيات وعلى المسيحيين في لبنان؟ من يعرف بعض ما تعرّض له المسيحيون من تهجير وتنكيل في بيروت الغربية، في مرحلة ما بعد تغلغل “حزب الله” في أحياء هذا الجزء من المدينة، لا يعود يتساءل عن الفارق بين ممارسات هذه الميليشيا المذهبية، وما تعرّض له المسيحيون في العراق على يد “داعش” وغير “داعش” من ميليشيات سنّية وشيعية…

بعض الحياء ضروري بين حين وآخر. قبل أن يبدي “حزب الله”، بلسان أمينه العام، حرصه على اليمن واليمنيين، لماذا لا يسهّل عملية انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. هل لأن الرئيس في لبنان مسيحي، وهو رئيس الدولة المسيحي الوحيد في هذه المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى ما بعد الخليج العربي الذي تصرّ إيران على أنّه فارسي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب نصرالله يكشف مدى تضايق إيران خطاب نصرالله يكشف مدى تضايق إيران



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib