أزمة ثقة بأميركا قبل أي شيء

أزمة ثقة بأميركا قبل أي شيء

المغرب اليوم -

أزمة ثقة بأميركا قبل أي شيء

خيرالله خيرالله
بقلم - خير الله خير الله

بعد سنة على الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان، يتبيّن كم أن الإدارة الحالية في واشنطن بعيدة عن فهم الشرق الأوسط والخليج وابعاد الدور الإيراني في المنطقة.

كان لا بدّ من ظهور إرهابي من نوع أيمن الظواهري في كابول كي يتأكّد الأميركيون من أنّ حركة مثل «طالبان» لا يمكن أن تتغيّر.

استطاع الأميركيون التخلّص أخيراً من الظواهري شريك أسامة بن لادن في التخطيط لغزوتي نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر 2001.

كشف ظهور الظواهري في كابول أن «طالبان» و«القاعدة» توأمان وأنّ حرب أفغانستان التي استمرت عشرين عاماً لم تحقّق أيّاً من أهدافها.

في النهاية، عادت «طالبان» إلى حكم أفغانستان وعادت توفّر ملاذاً للإرهابيين من «القاعدة» وغير «القاعدة».

كلّ ما في الأمر، أن أميركا لم تعد قادرة على تحمّل استمرار تلك الحرب المكلفة في ضوء الفشل الذريع في إقامة نظام عصري قابل للحياة في كابول. كان الانسحاب من أفغانستان ضرورة أميركيّة، لكنّ الأحداث كشفت أنّ مثل هذا الانسحاب، بالطريقة التي تم بها، بعث كلّ الإشارات الخطأ إلى حلفاء أميركا في المنطقة.

شعر هؤلاء الحلفاء أن الإدارة الأميركية لا تمتلك استراتيجية بعيدة المدى في منطقة حيويّة تمتلك كميات كبيرة من مصادر الطاقة. التي ما لبثت أن عادت إلى الاهتمام بالمنطقة في ضوء الحرب الأوكرانيّة وأزمة الطاقة التي تسبّبت بها.

من حقّ هؤلاء الحلفاء الذين يجدون أنفسهم أمام إدارة عاجزة عن تقدير خطورة المشروع التوسعي الإيراني وضع يدهم على قلوبهم، خصوصاً بعدما بدا أنّ إدارة بايدن تتجه إلى توقيع صفقة مع ايران في شأن ملفّها النووي.

تكشف مثل هذه الصفقة أن «الجمهوريّة الإسلاميّة» في ايران في وضع لا تحسد عليه بسبب الفشل الداخلي على الصعيد الاقتصادي قبل أي شيء آخر.

قدمت «الجمهوريّة الإسلاميّة» تنازلات كبيرة لأميركا بعدما اكتشفت أنّ إدارة بايدن لا تستطيع الموافقة على رفع «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب.

لكنّ ما لا يمكن تجاهله أن إدارة بايدن تجاهلت المشروع التوسّعي الأميركي وأدواته وتجاهلت خصوصاً برنامج الصواريخ والمسيّرات الإيراني.

مثل هذا البرنامج يشكلّ تهديداً لكلّ دولة من دول المنطقة. هذا ما ظهر واضحاً عندما راحت ايران، قبل فترة قصيرة، تطلق صواريخ بعيدة المدى ومسيّرات من اليمن في اتجاه الأراضي السعوديّة والإماراتية.

ثمّة توجه أميركي وايراني إلى عقد صفقة توفّر لإيران الحصول على أموال هي في أشد الحاجة إليها.

هناك أطراف عدّة تلعب دوراً في إطار تشجيع مثل هذه الصفقة. هناك اللوبي الإيراني في واشنطن، وهو لوبي لا يمكن الاستهانة به، وهناك دول في المنطقة تمتلك مصالح مباشرة مع إيران...

متى ستجد إيران أنّ الوقت بات مناسباً لعقد الصفقة مع «الشيطان الأكبر»؟

أسئلة كثيرة تطرح نفسها في وقت تبدو «الجمهوريّة الإسلاميّة» في حاجة أكثر من أي وقت لرفع جانب من العقوبات الأميركيّة عنها.

عقدت الصفقة أم لم تعقد، سيظلّ مطروحاً كيف التعاطي مع المشروع التوسّعي الإيراني الذي تعتقد «الجمهوريّة الإسلاميّة» أنّه علة وجود النظام فيها، لا لشيء سوى لأن هذا النظام في حال هروب مستمرّة إلى خارج حدوده.

تفسّر حال الهروب هذه التصعيد الإيراني في العراق، كذلك التصعيد في سورية ولبنان واليمن حيث يمارس الحوثيون لعبة في غاية الخطورة. إنّهم مهتمون باستمرار الهدنة اليمنيّة من جهة لكنّهم يتابعون حملة تجييش وتعبئة من جهة أخرى.

يصرّ الحوثيون، الذين ليسوا سوى أداة إيرانيّة، على نشر أشرطة عن تخريج مئات المقاتلين الجدد الذين يمتلكون أسلحة

حديثة وآليات ودبابات.

ما الذي سيفعله الحوثيون بهؤلاء المقاتلين؟ هل يعدون العدة لجولات قتال جديدة... أم أنّ هدفهم يقتصر على تهديد دول الجوار، في مقدّمتها المملكة العربيّة السعوديّة؟

فشلت الولايات المتحدة في طمأنة حلفائها في المنطقة. نجحت إدارة بايدن في إغراق فلاديمير بوتين في الوحول الأوكرانية.

لكنّ ذلك لم يحل، بعد ستّة أشهر من بدء الحرب الروسيّة على أوكرانيا، دون تعميق الأزمة الغذائية وأزمة الطاقة في العالم.

كلّ ما يمكن قوله إنّ حسابات الإدارة الأميركية قد لا تكون في مكانها عندما تعتبر أنّ الغاز والنفط الإيرانيين سيساهمان في التخفيف من حدّة أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم.

في أحسن الأحوال، سيساعد ذلك في خفض سعر غالون البنزين في الولايات المتحدة نفسها مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل.

ستكون لنتائج هذه الانتخابات أهمّية كبيرة في مجال تحديد مستقبل جو بايدن وادارته التي تسيطر في الوقت الراهن على مجلسي الكونغرس.

لدى عرض شريط الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض، يتبيّن أننا أمام إدارة حائرة لم تستطع امتلاك زمام المبادرة في يوم من الأيّام.

تريد هذه الإدارة مواجهة الصين وهي لا تعرف أن الصين باتت مرتبطة بعلاقات استراتيجيّة مع دول عدّة في المنطقة.

تعرف هذه الدول تماماً أن أميركا على استعداد لارتكاب كلّ الأخطاء التي يمكن ارتكابها من أجل خدمة المشروع التوسعي الإيراني.

يؤكّد ذلك ذهاب إدارة بوش الابن إلى العراق في العام 2003 قبل انتهاء المهمة التي ذهب إليها الجيش الأميركي في أفغانستان.

سلّمت اميركا العراق على صحن من فضّة إلى «الجمهوريّة الإسلاميّة».

كل ما تلا ذلك مجرّد تفاصيل تدفع دول المنطقة ثمنها في الوقت الحاضر. تدفع دول المنطقة، بكل بساطة، ثمن أزمة الثقة في التعامل مع اميركا، قبل أي شيء آخر.

في ضوء غياب الثقة ليس مستبعدا أن تثير صفقة اميركيّة - إيرانيّة كل أنواع المخاوف في غياب أي جواب عن سؤال بدهي: ما الموقف الأميركي من سلوك إيران خارج حدودها ومن برنامجها الصاروخي ومن مسيّراتها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة ثقة بأميركا قبل أي شيء أزمة ثقة بأميركا قبل أي شيء



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib