هزيمة 14 آذار وانتصار حزب لله
أخر الأخبار

هزيمة 14 آذار... وانتصار "حزب لله"

المغرب اليوم -

هزيمة 14 آذار وانتصار حزب لله

بقلم: خيرالله خيرالله

اذا كان مطلوبا ان تعود الحياة الى لبنان، الأكيد ان ذلك لا يكون عبر النصائح والارشادات والتوجيهات والتعليمات التي اطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله عن كيفية مواجهة وباء كورونا. كشفت هذه النصائح والارشادات والتوجيهات والتعليمات ان نصرالله يعتبر نفسه "مرشد" الجمهورية اللبنانية والمرجعية الاولى والأخيرة في البلد. كذلك، كشفت انّه لا يمتلك الحد الأدنى من التواضع للاعتراف بانّ المسؤولية الأكبر لما وصل اليه لبنان من افلاس على كلّ المستويات، هو مسؤولية "حزب الله" ومن يقف خلفه في طهران.

لا يحتاج لبنان، في هذه الايّام، الى من يحدد له كيف مواجهة وباء كورونا. هناك خبراء في العالم يعرفون جيّدا كيف احتواء الوباء في انتظار إيجاد اللقاح الذي يمكن ان يولد في المختبرات قريبا او خلال بضعة اشهر. في المقابل، يحتاج لبنان قبل كلّ شيء الى الخروج من الوصاية الايرانية المفروضة عبر ميليشيا "حزب الله" التي لعبت دورها في تسهيل وصول كورونا الى لبنان عن طريق الحدود السائبة مع سوريا ومطار بيروت في الوقت ذاته.

جاء الخطاب الأمين العام لـ"حزب الله" المخصص، في معظمه، لوباء كورونا عشية ذكرى الرابع عشر من آذار. القى الخطاب مساء الثالث عشر من الشهر الجاري، متجاهلا ان اللبنانيين لم ينسوا بعد ماذا يعني انتهاء زمن الوصاية السورية نتيجة تظاهرة شارك فيها مئات الآلاف من كل الطوائف والمناطق وكل الطبقات الاجتماعية. كانت التظاهرة بعد شهر على اغتيال رفيق الحريري وكانت ردّا مباشرا من الشعب اللبناني على حسن نصرالله الذي نظّم حزبه في الثامن من آذار – مارس 2005 تظاهرة تحت عنوان "شكرا سوريا". بدا كأنّ المطلوب تمرير عملية اغتيال رفيق الحريري بالتي هي احسن. ولذلك، سارع رئيس الجمهورية وقتذاك، وكان يدعى اميل لحّود، الى وصف عملية الاغتيال بانّها "رذالة" وأعطى تعليمات بإزالة آثار التفجير، أي تنظيف مسرح الجريمة، بحجة حاجة الناس الى الانصراف مجدّدا الى اعمالها.

بين 14 آذار – مارس 2005 و14 آذار- مارس 2020، مرّت على لبنان احداث كثيرة وصولا الى يوم القاء حسن نصرالله خطابا عن وباء كورونا وظهوره في مظهر الاب الصالح الحريص على مصلحة اللبنانيين وعلى حالهم الصحّية. لا شكّ ان ذلك لم يكن ممكنا لولا هزيمة مشروع 14 آذار الذي كان المشروع قائما على فكرة الحرّية والسيادة والاستقلال.

الطريق الى هزيمة مشروع الاستقلال الثاني للبنان الذي ولد في العام 2005 دفع ثمنه عدد كبير من الشرفاء اللبنانيين. فقبل اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، على رأسهم باسل فليحان، جرت محاولة لاغتيال مروان حمادة، النائب الحالي والوزير السابق. نجا مروان الذي كان قريبا من رفيق الحريري ووليد جنبلاط من هذه المحاولة باعجوبة. كان المقصود وقتذاك توجيه رسالة الى صحيفة "النهار" المعادية للوجود السوري أيضا، ذلك ان حمادة كان خال جبران غسّان تويني، صاحب الجريدة في تلك المرحلة.

من اجل تغطية عملية تفجير موكب رفيق الحريري، كانت هناك حاجة الى جرائم كثيرة. اغتيل سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني والنائبان وليد عيدو وانطوان غانم والرائد وسام عيد واللواء وسام الحسن. كذلك اغتيل بيار امين الجميّل، بكلّ ما كان يمثّله على الصعيدين المسيحي والوطني، وأخيرا محمّد شطح الذي كان عقلا سياسيا استثنائيا.

كانت، ولا تزال، كلّ الضربات مسموحة من اجل وضع "حزب الله" يده على لبنان، بدءا بافتعال حرب صيف 2006 مع إسرائيل، وهي حرب عادت بالخراب على لبنان، وصولا الى التدخل في سوريا من منطلق مذهبي ليس الّا. لم تجد ايران افضل من "حزب الله" ترسله الى سوريا لمنع اخراج بشار الأسد ونظامه الاقلّوي من دمشق. بات "حزب الله" منذ العام 2012 شريكا مباشرا في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري، فيما العالم يتفرّج!

لا مفرّ من الاعتراف بانّ هزيمة لحقت بمشروع 14 آذار، وهي هزيمة تكرّست في آيار – مايو 2008 لدى حصول غزوة بيروت والجبل. ادّت تلك الغزوة التي سبقها اعتصام طويل في وسط بيروت مباشرة بعد انتهاء حرب صيف 2006 الى تبديل في موازين القوى، خصوصا ان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بدأ يشعر بدقة المرحلة التي يمر فيها البلد والضغوط التي تتعرّض لها طائفته المحدودة العدد التي تنتشر في قرى وبلدات ذات مواقع مهمّة في الجغرافيا اللبنانية وحتّى الاقليمية.

ما يؤكّد انتصار "حزب الله"، المتهم باغتيال رفيق الحريري، على لبنان انّه صار يستطيع فرض رئيس الجمهورية الذي يختاره على اللبنانيين. هذا ما حدث في تشرين الاوّل – أكتوبر 2016. اكثر من ذلك، صار الآن يختار من هو رئيس مجلس الوزراء السنّي. لم يعد سرّا ان الحكومة الحالية برئاسة حسّان دياب هي حكومة "حزب الله" لا اكثر.

ما نشهده حاليا هو استكمال لحرب صيف 2006 التي انتهت بانتصار ساحق ماحق للحزب الذي يتزعمّه حسن نصرالله، والذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الايراني، على لبنان واللبنانيين. في عزّ تلك الحرب وقف وليد جنبلاط وسأل: لمن سيهدي الحزب انتصاره؟

الثابت الآن انّه اهداه الى ايران. ما الذي استطاعت ايران عمله بهذا الانتصار؟ ما الذي يستطيع حسن نصرالله عمله عندما يكون لبنان مهزوما ومشروع الحرّية والسيادة والاستقلال يعاني من هزيمة منكرة لحقت به لاسباب كثيرة. قسم من هذه الاسباب عائد الى التركيبة الداخلية التي خرجت من رحمها حركة 14 آذار وقسم آخر يعود الى أسباب خارجية بعضها عربي...

الثابت الوحيد ان لبنان، في ظل ازمته الاقتصادية اشبه بمريض في غرفة العناية الفائقة. على الرغم من ذلك، ما زال لبنان يقاوم وما يزال فيه من يقول لا لحسن نصرالله بكلّ ما يمثّله.

عمليا، انتصرت ثقافة الموت على ثقافة الحياة في لبنان. هنيئا لصاحب الانتصار الذي لا يريد ان يرى انّ لغة المقاومة والممانعة، بشعاراتها الفارغة، لا تنفع في التصدّي لوباء كورونا. لا يريد ان يرى أيضا انّ "الجمهورية الإسلامية" لم تجد في نهاية المطاف سوى ان تطلب مساعدة قيمتها خمسة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي... الصندوق نفسه الذي لم يتردد "حزب الله" في شنّ حملة في غاية القساوة عليه. هل من معنى لمثل هذا النوع من الانتصارات التي لم يعد ينقصها غير رفع شعار "الموت للبنان أيضا"؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزيمة 14 آذار وانتصار حزب لله هزيمة 14 آذار وانتصار حزب لله



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib