زيارة إيرانية مُسيئة

زيارة إيرانية مُسيئة

المغرب اليوم -

زيارة إيرانية مُسيئة

خيرالله خيرالله
بقلم: خيرالله خيرالله

زيارة علي لاريجاني للبنان كانت مسيئة لإيران وللبنان في الوقت ذاته. ليست زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، للبنان سوى تعبير عن سياسة إيرانية ذات طابع عدواني من جهة، وعاجزة عن الاستفادة من تجارب الماضي من جهة أخرى. إنّها زيارة تعبّر عن فَشَليْن. الفشل الإيراني الداخلي على كلّ صعيد، والفشل اللبناني الفاقع الذي تسببت به “الجمهورية الإسلامية”. بكلام أوضح، هناك دولة محورية في المنطقة قرّرت منذ 41 عاما، أي منذ سقوط نظام الشاه امتلاك مشروع توسّعي مبني على إثارة الغرائز المذهبية وإنشاء ميليشيات في كلّ مكان تمتلك نفوذا فيه مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، وحتّى في أفغانستان وباكستان. في سياق هذا المشروع، يتبيّن أنّه حيثما حلّت إيران، يحلُّ الدمار ولا شيء آخر. لعلّ الجانب الملفت في كلام لاريجاني ذلك المتعلّق بمساعدة لبنان في الخروج من أزمته الاقتصادية. هناك بكلّ بساطة انهيار اقتصادي في لبنان. الأخطر من ذلك، يتمثّل في غياب القدرة لدى كبار المسؤولين، مثل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، على استيعاب خطورة المرحلة التي يمرّ فيها البلد في ضوء ما أصاب النظام المصرفي. بلغ الوضع من الخطورة غياب المسؤول الذي يستطيع القول للمواطن اللبناني أو العربي أو الأجنبي ماذا حلّ بماله الموجود في المصارف اللبنانية. لا يوجد في العالم كلّه، في الوقت الراهن، بلد مثل لبنان. لا يمتلك البلد قيادة سياسية تمتلك حدّا أدنى من القدرة على التفكير في أمور في غاية البساطة. في طليعة هذه الأمور أن لا حلّ يمكن أن يؤدي في المدى الطويل إلى الخروج من حال الانهيار في غياب الدعم العربي للبنان. ولا مجال لهذا الدعم من دون استعادة لبنان لوضعه الطبيعي كعضو في جامعة الدول العربية، بدل أن يكون الناطق باسم إيران في الاجتماعات التي يعقدها مجلس الجامعة. جاء لاريجاني، وهو شخصيّة مهمّة في إيران، ليؤكّد أن لبنان جرم يدور في الفلك الإيراني. جاء إلى بيروت من دمشق. انتقل بعد ذلك إلى بغداد على الرغم من الرفض الشعبي العراقي للنفوذ الإيراني الذي يمارس على كلّ المستويات في بلاد الرافدين. ليس سرّا أن لاريجاني الذي حرص على لقاء حسن نصرالله، الأمين العام لـ”حزب الله”، إضافة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب ورئيس الحكومة، إنّما جاء للقول إن إيران ما زالت موجودة. هل ينطلي ذلك على اللبناني العادي الذي يعرف أن إيران في وضع صعب وأنّ ليس في استطاعتها مساعدة لبنان. لعلّ ما يعرفه المواطن اللبناني العادي قبل غيره، وأكثر من غيره، أن إيران تعيش في الماضي وأن “الجمهورية الإسلامية” قبل تصفية الأميركيين لقائد “فيلق القدس” قاسم سليماني قبل شهرين، ليست إيران ما بعد عملية الاغتيال. تبيّن أن إيران لا تستطيع الردّ على الأميركيين وأنّه ليست لديها بضاعة قابلة للتصدير باستثناء الميليشيات المذهبية. يفسّر هذا الإفلاس الإيراني الخطاب الأخير الذي ألقاه حسن نصرالله في أربعين قاسم سليماني وأبومهدي المهندس، نائب قائد “الحشد الشعبي” في العراق الذي قتل معه. تضمّن هذا الخطاب حملة شديدة على الولايات المتحدة ودعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية. كشف كلام نصرالله كم أن الرجل يعيش في دائرة صغيرة معزولة عمّا يدور في العالم. ربّما يحتاج الأمين العام لـ”حزب الله” إلى من يخبره أن حجم الاقتصاد الأميركي يساوي تقريبا ربع اقتصاد العالم، وأن ثمن كميات الـ”هامبرغر” التي يستهلكها الأميركيون سنويا تبلغ مليارات الدولارات، على حد تعبير صديق يتابع مجريات الأوضاع الأميركية عن كثب. إن ثمن ما يستهلكه الأميركيون من لحوم تستخدم في صنع الـ”برغر” هو ثلاثة أضعاف الموازنة الإيرانية، بما في ذلك مدخول النفط والغاز… كانت زيارة لاريجاني للبنان مسيئة لإيران وللبنان في الوقت ذاته. هناك من يريد تعويم بلد غير قابل للتعويم. هذا الطرف الذي يريد تعويم لبنان يحتاج هو الآخر إلى تعويم. في النهاية، ليس لدى إيران ما تقدّمه للبنان، وليس لدى لبنان ما يقدّمه لإيران باستثناء دعوة حسن نصرالله إلى العراقيين من أجل الالتفاف حول “الحشد الشعبي”. ماذا لدى “الحشد الشعبي” يقدّمه للعراق والعراقيين غير تجربة “الحرس الثوري” في إيران، وهي تجربة جعلت معظم الإيرانيين يترحّمون على عهد الشاه ومعظم العراقيين يترّحمون على صدام؟ للمرّة الألف، أن تعرف كيف تخسر في السياسة أهمّ بكثير من أن تعرف كيف تربح. من الواضح أن إيران لا تعرف لا كيف تخسر ولا كيف تربح. الدليل على ذلك انّ أميركا قدمت لها العراق على صحن من فضّة في العام 2003. في السنة 2020 تبدو إيران مرفوضة في الشارع العراقي، بما في ذلك الشارع الشيعي، أكثر من أيّ وقت. لعلّ أكثر ما يفيد إيران في هذه الأيّام هو التصالح مع نفسها أوّلا، وأن تسعى إلى التصرّف كدولة طبيعية ثانيا وأخيرا. هذا يعني أن تعرف حجمها وأن تعترف بحجم الآخرين، خصوصا حجم “الشيطان الأكبر” الأميركي. تكمن أهمّية إدارة دونالد ترامب الذي ليس ما يشير في غياب مفاجأة ضخمة، إلى أنّ ثمة ما يعيق عودته إلى البيت الأبيض لسنوات أربع أخرى بعد انتخابات تشرين الثاني – نوفمبر المقبل، في أنها عرفت إيران على حقيقتها. المهمّ أن تعرف إيران نفسها ما هي حقيقة إيران وما هو حجمها. هناك شروط كي تصبح إيران مقبولة أميركيا وهناك شروط عربّية كي تعود العلاقات إلى ما يفترض أن تكون عليه. ففي مؤتمر ميونخ للأمن، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان كلاما يفترض في إيران أن تفهم معناه. ما يفترض أن تفهمه أوّلا أنّ العرب لا يركضون خلفها، وأن ليس صحيحا ما تروّجه عن قنوات مع السعودية. أوضح وزير الخارجية السعودي أن الرياض لم ترسل أي “رسائل سرية” إلى طهران، وشدد على أن الحوار مع إيران لن يكون مُجدياً قبل تغيير سلوكها. أضاف في جلسة نقاشية خلال مؤتمر ميونخ، إن “الخطر والتوتر” في المنطقة ما زالا قائمين، لكنه أشار إلى أن السعودية لا تسعى إلى التصعيد مع إيران. بعض الهدوء والتواضع أكثر من ضروري هذه الأيّام. لن تقدّم زيارة لاريجاني لبيروت ولن تؤخّر. لبنان مفلس وإيران مفلسة. كلّ ما في الأمر أنّ الزيارة أكدت أن حكومة حسّان دياب هي “حكومة حزب الله”، وأن العهد القائم هو عهد “حزب الله”!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة إيرانية مُسيئة زيارة إيرانية مُسيئة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ المغرب اليوم

GMT 07:54 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 09:49 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة

GMT 10:25 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري
المغرب اليوم - بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية

GMT 09:11 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

توقعات أحوال الطقس في تمارة الأحد

GMT 00:50 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة التحاق الممثل "أمين الناجي" بتنظيم "داعش"

GMT 04:17 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

العثور على آثار من مصر والهند شرق إثيوبيا

GMT 16:07 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يذبح غريمه في بني ملال ويُرسله للطوارئ في حالة حرجة

GMT 00:17 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كاظم الساهر يغني في منتجع "مازاغان" الشهر المقبل

GMT 12:00 2016 الثلاثاء ,26 إبريل / نيسان

نجوم بوليوود في عيد ميلاد فارون دهاون

GMT 02:08 2017 الخميس ,16 شباط / فبراير

كيمبرلي تايلور أول امرأة بريطانية تحارب "داعش"

GMT 01:39 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

دونالد ترامب يؤكد أن فترة كيم جونغ أون لن تطول

GMT 00:14 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

فؤاد العماري ابن البراري يصعد للنجومية عن طريق أخيه إلياس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib