إسرائيل المغامِرة وأميركا وقنبلة ايران

إسرائيل المغامِرة وأميركا.... وقنبلة ايران

المغرب اليوم -

إسرائيل المغامِرة وأميركا وقنبلة ايران

خيرالله خيرالله
بقلم :خيرالله خيرالله

تطلق إسرائيل هذه الايّام تهديدات علنية تتحدّث فيها عن خطورة المشروع النووي الإيراني واقتراب "الجمهوريّة الاسلاميّة" من الحصول على القنبلة الذرّية. تتحدّث إسرائيل ايضا عن احتمال توجيه ضربة عسكريّة الى ايران لمنعها من الحصول على القنبلة. هل تستطيع إسرائيل شنّ أي هجوم مباشر على ايران وتدمير قدراتها النوويّة؟ مثل هذا السؤال موضع اخذ وردّ طويلين. ما ليس موضع اخذ وردّ الحاجة الى غطاء أميركي لايّ عمل عسكري تقدم عليه إسرائيل، علما انّ مثل هذا العمل العسكري سيكون من دون شك اقرب الى مغامرة لأسباب عدّة.

من بين هذه الأسباب ان ايران تهدّد اسرائيل من جهات عدّة وهي مستعدّة للرد عليها من مواقع مختلفة. ابرز هذه المواقع لبنان حيث لا يخفي "حزب الله"، وهو لواء في "الحرس الثوري" الإيراني، امتلاك آلاف الصواريخ الدقيقة الموجّهة الى إسرائيل.

هناك جنوب سوريا حيث لا يزال لإيران وجود قويّ على الرغم من كل الجهود الإسرائيلية لإزالة هذا الوجود في ظلّ موقف روسي متذبذب. تتعاون روسيا مع إسرائيل، لكنّها لا تريد الذهاب بعيدا في تقليص الوجود العسكري الإيراني في الجنوب السوري. لا تستطيع روسيا في نهاية المطاف تجاهل العلاقة التاريخيّة التي اقامتها مع النظام العلوي في سوريا الذي يزيد عمره على نصف قرن والذي يلقى دعما إيرانيا لا حدود له.

من يحتاج الى دليل على عمق العلاقة بين موسكو ونظام الأسد، بنسختي الاب والابن، يستطيع العودة الى موقف الاتحاد السوفياتي عندما اغتال النظام السوري كمال جنبلاط في العام 1977. كان كمال جنبلاط، الزعيم الدرزي اللبناني، بين اقرب الناس الى موسكو وكان حائزا على وسام لينين. في الخيار بين النظام السوري وكمال جنبلاط، لم يتردّد الكرملين. وقف الكرملين مع النظام السوري وتجاوز سريعا موضوع اغتيال كمال جنبلاط الذي تمّ بموجب قرار مباشر اتخذه حافظ الأسد. تولّى الضابط السوري إبراهيم حويجي تنفيذ القرار.

فوق ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل صواريخ "حماس" في غزّة، وهي صواريخ ايرانيّة في نهاية المطاف. اثبتت هذه الصواريخ فعاليتها في حرب ايّار – مايو الماضي وذلك عندما أجبرت إسرائيل على اغلاق مطار بن غوريون في اللد لبعض الوقت. يصعب ان تغلّب "حماس" مصلحة فلسطين واهل غزّة على مصلحة ايران وذلك على الرغم من وجود جناح وطني داخلها. عبّر هذا الجناح عن أولوياته الفلسطينية في اثناء الحرب الأخيرة عندما اعترف، أخيرا، بالدور الكبير لياسر عرفات على صعيد وضع فلسطين على الخريطة السياسيّة للمنطقة والعالم. لكنّ هذا الموقف المستجدّ لـ"حماس" لم يدم طويلا للأسف الشديد. 

يبدو واضحا ان الهدف من التهديدات الاسرائيليّة لإيران الضغط على الإدارة الأميركية من اجل الحؤول دون التوصل معها إلى اتفاق جديد يحيي بطريقة او بأخرى اتفاق العام 2015 الذي مزقه الرئيس دونالد ترامب في ايّار – مايو من العام 2018. اعتبر ترامب وقتذاك اتفاق 2015 بين مجموعة الخمسة زائدا واحدا وايران "أسوأ اتفاق من نوعه". القى كلّ اللوم على إدارة باراك أوباما التي لم يكن لديها من همّ سوى استرضاء "الجمهوريّة الاسلاميّة" والتوصل الى اتفاق في شأن ملفّها النووي.

هناك منذ احد عشر شهرا إدارة اميركيّة مختلفة كلّيا عن إدارة ترامب. واضح ان إدارة جو بايدن، تعتبر ان تمزيق الرئيس السابق الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني كان خطأ كبيرا. ترغب إدارة بايدن بكلّ بساطة في العودة الى اتفاق 2015 مع بعض التعديلات الطفيفة التي تأخذ في الاعتبار المستجدات التي طرأت بين 2015 و2021 والتي من ابرزها ظهور الصواريخ الباليسيتية الايرانيّة والطائرات المسيّرة والزيادة التي طرأت على العدوانيّة الايرانيّة في كلّ انحاء المنطقة اكان ذلك في العراق او سوريا او لبنان او اليمن، على وجه التحديد.

سيكون ايّ هجوم إسرائيلي على ايران بمثابة مغامرة. يقول المنطق ان إسرائيل لا يمكن ان تقدم على مغامرة هذا النوع من دون غطاء أميركي على الرغم من انّها دولة نوويّة من جهة ومن امتلاكها لأسلحة متطورة مثل طائرات "ف – 35" وغواصات وقنابل ضخمة من جهة أخرى. ثمة حاجة الى دعم أميركي لمثل هذه المغامرة المكلفة التي ستكون لها انعكاساتها على دول المنطقة كلّها وعلى التوازن الإقليمي خصوصا.

سيتوقف الكثير على ما ستسفر عنه المفاوضات غير المباشرة الدائرة في فيينا بين الولايات المتحدة وايران. ثمّة جولة أخرى قريبا بعد الجولة الأخيرة التي كانت نتائجها مخيّبة، خصوصا في ضوء الموقف الإيراني المتشدّد. يعبّر هذا الموقف عن وجود سيطرة كاملة لـ"الحرس الثوري" على مفاصل السلطة في ايران في ضوء انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا للجمهوريّة وتولي امير حسين عبداللهيان موقع وزير الخارجيّة. سيتوقف الكثير أيضا على ما اذا كان الرهان الإيراني في محلّه. تراهن ايران على الإدارة الأميركية في حال ضياع وتعاني من تجاذبات داخليّة. لا يمكن لادارة من هذا النوع ان ترفض شروطها، خصوصا انّ لا هدف لدى هذه الإدارة سوى العودة الى اتفاق 2015، حتّى لو كان ذلك بشروط تناسب "الجمهوريّة الاسلاميّة" في ايران.

يبقى سؤال في غاية الاهمّية. يتعلّق هذا السؤال بما اذا كانت الإدارة الأميركية قادرة على التملّص من الضغوط الداخليّة التي تمارس عليها من اجل رفض الاستسلام امام ايران. ليس اللوبي الإسرائيلي وحده الذي يمارس هذه الضغوط. هناك أيضا الكونغرس الأميركي بمجلسيه. يوجد في مجلسي الكونغرس عدد لا باس به من النواب والشيوخ المنحازين الى الموقف الإسرائيلي والى ضرورة التعاطي الجدّي مع البرنامج النووي الإيراني.

لم يعد سرّا انّ عودة الإدارة الأميركية الى الحديث عن المواطنين الاميركيين الذين خطفوا في لبنان، في ثمانينات القرن الماضي على يد "حزب الله" وعن جائزة ماليّة لمن يدلّ على الخاطفين، لم يأت من فراغ. يتبيّن يوميا ان الإدارة الاميركيّة تواجه صعوبات في الرضوخ لإيران وشروطها. الامر ليس مرتبطا بإسرائيل وحدها، خصوصا مع ظهور تغيير في الموقف الأوروبي من البرنامج النووي الإيراني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل المغامِرة وأميركا وقنبلة ايران إسرائيل المغامِرة وأميركا وقنبلة ايران



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib