سببان لغياب التغيير في لبنان

سببان لغياب التغيير في لبنان

المغرب اليوم -

سببان لغياب التغيير في لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

 

لا تغيير ولا من يحزنون. لم تغيّر الانتخابات النيابيّة اللبنانيّة شيئا. كلّما تغيرت الأمور كلّما بقيت على حالها. هكذا يقول المثل الفرنسي المعروف الذي ينطبق على مجلس النواب الجديد اكثر من أي وقت. لم يحصل التغيير لسببين. أولهما القانون الإنتخابي المعمول به، وهو قانون فصّل على قياس "حزب الله". أما السبب الثاني، فيعود إلى ان السلاح يظلّ اقوى من الانتخابات. لا معنى لأيّ انتخابات في ظلّ سلاح غير شرعي لدى ميليشيا مذهبيّة مرتبطة مباشرة بـ"الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران.

مثله مثل المجلس المنبثق عن انتخابات ايّار – مايو 2018، اعاد المجلس الجديد انتخاب نبيه برّي رئيسا له. فعل ذلك هذه المرّة من منطلق مختلف بعدما احتكر "حزب الله" التمثيل الشيعي في البرلمان بإصراره على ان يكون لديه 27 نائبا شيعيا في المجلس من اصل 27.

لم يكن من خيار آخر امام النوّاب، في حال كان مطلوبا بقاء مجلس النواب مفتوحا، سوى إيصال نبيه برّي إلى موقع رئيس مجلس النواب. لكنّ المفارقة أنّ المواطن العادي اكتشف فجأة، بعيدا عن إعادة انتخاب نبيه برّي رئيسا لمجلس النواب للمرّة السابعة، انّ هناك اكثريّة في تصرّف "حزب الله" في المجلس. تضمّ هذه الأكثرية ما لا يقلّ عن 65 نائبا صوتوا لمصلحة عضوين في "التيّار الوطني الحر"، احدهما، صار يشغل موقع نائب رئيس مجلس النوّاب وآخر لأمانة السر في هيئة المجلس. إن دلّ ذلك على شيء، فهو يدلّ على أن لبنان مقبل على مرحلة من الإنسداد السياسي على كلّ صعيد. سيقرّر "حزب الله" شكل الحكومة الجديدة وما إذا كان ممكنا تشكيل مثل هذه الحكومة في الظروف الراهنة مع اقتراب موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للثنائي الرئاسي ميشال عون – جبران باسيل.

اخطر ما في الأمر أنّ لا إصلاحات في بلد يسيطر عليه "حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الأيراني ولا شيء آخر غير ذلك. بعبارة واحدة، إنّ مجلس النوّاب اللبناني تعبير عن الاحتلال الإيراني للبنان، وهو احتلال تكرّس خطوة خطوة منذ اغتيال رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط – فبراير 2014. استطاع "حزب الله"، ومن خلفه "الجمهوريّة الإسلاميّة" في ايران، ملء الفراغ الذي نجم عن الانسحاب العسكري والأمني السوري من لبنان. خرج البلد رويدا رويدا من الاحتلال السوري المباشر إلى الاحتلال الإيراني المكشوف الذي برز بوضوح من خلال ما جرى في الجلسة الأولى لمجلس النوّاب الجديد ومن خلال التوازنات الواضحة في داخل المجلس. تبيّن انّ "حزب الله" لا يمتلك اختراقا مسيحيا فحسب، بل لديه فروع داخل الطائفة السنّية، وهي الطائفة الأكبر في لبنان. وحده الزعيم الدرزي وليد جنبلاط استطاع سد الثغرات التي كان في استطاعة الحزب استخدامها لتحقيق اختراقات درزية. ابقى الطائفة الصغيرة موحدة ومتماسكة في وجه من يسعى إلى تغيير توجّهاتها الوطنيّة والعربيّة وضرب صمودها.

بعيدا عن التجاذبات التي شهدتها جلسة انتخاب نبيه برّي رئيسا لمجلس النواب، لا مفر من التوقف عند حقيقة بات على اللبنانيين مواجهتها بدل الهرب منها. تتمثّل هذه الحقيقة في انّ واقع البلد صار مختلفا كلّيا بفضل الجهود التي قام بها "حزب الله" لتغيير طبيعة لبنان والمجتمع اللبناني، على غرار تغييره طبيعة المجتمع الشيعي. عمل من اجل ذلك طويلا قبل انتقاله إلى تحقيق اختراقه المسيحي الكبير مع توقيع وثيقة مار مخايل بين حسن نصرالله وميشال عون في السادس من شباط – فبراير من العام 2006.

ليس صدفة ان يكون الحزب اختار في العام 2016 ان يكون ميشال عون رئيسا للجمهورية وأن يكون جبران باسيل، صهر الرئيس، الشخصيّة الأهمّ في قصر بعبدا. طبّق الحزب، مسيحيا، وبشكل حرفي المعادلة التي فرضها في البلد، الذي لا يهمّه ما يحلّ باهله والمسيحيين فيه تحديدا. إنّها معادلة "السلاح يحمي الفساد". هذا ما يفسّر ما آل اليه لبنان في السنة 2022. لبنان في حال افلاس على كلّ صعيد في غياب أي مشروع يمكن يعيد اليه الحياة. نجح "حزب الله" بقطع الطريق على ايّ امل بإعادة الحياة إلى لبنان.

أسوأ ما في الأمر أنّ ايران صارت من يقرّر من سيكون رئيس الجمهوريّة المقبل، هذا في حال قررت ان يكون هناك شخص ما في قصر بعبدا يلعب الدور المطلوب منه لعبه، كما حصل مع الثنائي ميشال عون – جبران باسيل.

ذهب اللبنانيون إلى الانتخابات وهم لا يدرون ان بلدهم صار تحت الاحتلال وأن القانون العجيب الغريب المعمول به الذي اقرّ في العام 2017 والذي جرّب في 2018، لا يسمح بايّ تغيير. يسمح بنوع من الانتخابات لدى المسيحيين والسنّة والدروز لكنه ممنوع ان تكون هناك انتخابات في المناطق الشيعيّة.

لم يتغيّر شيء في لبنان. تبيّن ان قوى التغيير التي تتألف من 14 نائبا لا تقدّم ولا تؤخر في غياب أي تنسيق او تجانس بين اعضائها. تبين، إلى ان يثبت العكس، انّها مجرد ديكور (أدوات زينة) في مجلس للنواب يتحكّم به "حزب الله".

من لديه اعتراض على هذا الكلام، يستطيع ان يسأل نفسه هل يمكن للمجلس الجديد المساهمة في اجراء أي اصلاح من الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي؟ الجواب لا والف لا. سيبقى كلّ شيء على حاله في لبنان الذي لم يعد سوى ورقة ايرانيّة تستخدم في المفاوضات التي تجريها "الجمهوريّة الإسلاميّة" مع "الشيطان الأكبر" الأميركي من اجل صفقة تضمن الإعتراف بها بصفة كونها القوة الإقليميّة الأهم في المنطقة.

يبدو هذا الرهان الإيراني على اعتراف أميركي بحق "الجمهوريّة الإسلاميّة" بالهيمنة على المنطقة مستحيلا، مثله مثل الرهان اللبناني على ان الانتخابات كان يمكن ان تحدث تغييرا جذريا في ظلّ قانون وضع على قياس "حزب الله".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سببان لغياب التغيير في لبنان سببان لغياب التغيير في لبنان



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib