فلسطين هل من ثورة من أجل الثورة

فلسطين: هل من ثورة من أجل الثورة

المغرب اليوم -

فلسطين هل من ثورة من أجل الثورة

خيرالله خيرالله

على أي ثورة في العالم أن تمتلك برنامجا سياسيا يحدد الهدف المطلوب تحقيقه، اللهم، إلا إذا كان هناك شيء اسمه ثورة من أجل الثورة.

بعيدا عن الممارسات ذات الطابع الفولكلوري من نوع تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن في شأن فلسطين، يعترض عليه الجانب الأميركي، يبقى المهمّ غياب الرغبة الإسرائيلية في السلام. في هذه الحال، ليس أمام الفلسطينيين سوى ترميم بيتهم. يبدأ ذلك بوضع حدّ للشرخ القائم بين الضفّة الغربية وغزّة، حتّى لو تطلب الأمر وضع برنامج وطني جديد. فالفلسطينيون ما زالوا يخوضون ثورة. على أي ثورة في العالم أن تمتلك برنامجا سياسيا يحدّد الهدف المطلوب تحقيقه، اللهم، إلا إذا كان هناك شيء اسمه ثورة من أجل الثورة.

هل من حاجة إلى برنامج وطني جديد؟ ربّما كانت هناك حاجة إلى ذلك في غياب القدرة على الإتيان بموافقة “حماس” على البرنامج الذي تلتزمه منظمة التحرير الفلسطينية منذ العام 1988. مثل هذا البرنامج شرط لمصالحة جدّية. المهمّ، هنا، الحصول على موافقة شعبية على البرنامج الجديد عبر استفتاء للمواطنين في الضفة الغربية وغزّة.

مثل هذا الاستفتاء الذي يفترض أن تقبل السلطة الوطنية و“حماس” بنتيجته سلفا، يمكن أن يضع أساسا صحّيا لمصالحة حقيقية تؤدي، من وجهة نظر المتفائلين، إلى تحقيق تقدّم ما مع إسرائيل في اتجاه التخلص من الاحتلال. ولكن هل من مجال للتفاؤل بوجود حكومة إسرائيلية في أزمة عميقة مع ذاتها، أدّت الأزمة، بين ما أدّت إليه، إلى تحديد موعد لانتخابات عامة في الشهر الثالث من 2015؟

في أسوأ الأحوال، إنّ البرنامج الوطني الجديد الذي يدعو إليه بعض العقلاء، من بينهم الصديق مروان كنفاني (كان مستشارا لسنوات طويلة لياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني) يمكن أن يقود إلى وقف حال التدهور، عبر ترميم البيت الفلسطيني من الداخل. أكثر من ذلك، مثل هذا البرنامج يمكن أن يساعد في تأكيد أن الفلسطينيين يتوقون إلى السلام، وأنّهم لا يطرحون مطالب مستحيلة. هذا ممكن في حال كانت اللغة المعتمدة في البرنامج من النوع الذي يمكن أن يحظى بدعم أميركي وأوروبي.

أثبتت التجارب أنّ لا أمل في أيّ تسوية معقولة ومقبولة من دون دور أميركي فعّال يحظى في الوقت ذاته بدعم أوروبي. فلسطينيا، هناك تدهور على كلّ صعيد. هذا ما كشفته حرب غزّة الأخيرة صيف العام 2014.

كشفت هذه الحرب أن الهمّ الأوّل لـ“حماس” هو السلطة ولا شيء آخر غير السلطة. تبيّن أنّ هناك شبقا ليس بعده شبق لدى الإخوان المسلمين إلى السلطة. ليس مهمّا خوض حروب خاسرة مع إسرائيل التي تستخدم إرهاب الدولة لتحقيق مآربها، ما دام في الإمكان الخروج من الحرب بانتصار وهمي من نوع الانتصار على غزّة وأهلها. الانتصار الوهمي يعني رفع علامات النصر على أنقاض آلاف المنازل المهدمة ومئات الضحايا من النساء والأطفال.

المؤسف أنّه تبيّن بعد الحرب الأخيرة في غزّة أن الأنفاق حمت مقاتلي “حماس”، فيما تُرك آلاف المدنيين في العراء تحت رحمة القنابل الإسرائيلية. من كلّ ما طرحته “حماس”، لم يتحقّق أي مطلب للحركة التي استهدفت، أصلا، إحراج مصر. الحصار مستمرّ. المطار لا يزال مغلقا، كذلك الميناء. وضع الصيّادين لم يتحسّن. فجأة تصاعدت وتيرة الكلام عن المصالحة الوطنية. لكن هذه الوتيرة ما لبثت أن خفّت بعدما اكتشفت “حماس” أن ليس هناك ما يهدّد سلطتها، وأنّ في استطاعتها المحافظة على “الإمارة الإسلامية” التي أقامتها في القطاع، خصوصا أنّ كلّ ما تريده مصر هو المنطقة العازلة في سيناء للحد من العمليات الإرهابية التي يمكن أن تستهدفها.

في النهاية، كيف الخروج من المأزق الفلسطيني؟ هل من يريد أصلا الخروج من المأزق الذي يخدم كلّ الأطراف على الأرض؟ “حماس” مهتمة بقطاع غزّة وتريد البقاء في السلطة مهما كلّف الأمر. إعادة إعمار القطاع آخر همّ لديها. من لا يعجبه الوضع يستطيع الرحيل في حال وجد من يمكّنه من الخروج من غزّة. للمرّة الأولى هناك شبّان غرقوا في البحر بعد محاولتهم التسلل إلى إيطاليا في زوارق غير آمنة يستخدمها مهرّبون محترفون لا تعني حياة الإنسان شيئا لهم. السلطة الوطنية، من جهتها، لا تريد سوى البقاء في الضفة الغربية. غزّة غير مهمّة ما دامت “حماس” عاجزة عن التسلل إلى السلطة. الدليل على ذلك، بقاء الضفّة صامتة عندما تعرّض القطاع لعدوان إسرائيلي في الصيف. لعلّ آخر ما يريده المواطن الفلسطيني في الضفّة هو انتقال تجربة غزّة إلى رام الله. لا يمكن لومه على ذلك بأي شكل. هناك للمرّة الأولى شعور بأنّ ثمّة حاجة إلى مزيد من الاستقرار والعمل على بناء مؤسسات الدولة المفترضة.

كانت الحكومة التي يرأسها الدكتور سلام فيّاض قادرة على المساهمة في ذلك. كانت أفضل شيء حدث للفلسطينيين منذ فترة طويلة. ولكن ما العمل عندما تكون لدى كثيرين في رام الله حاجة إلى تفادي أي تغيير من أيّ نوع كان تفاديا لصعود قيادات شابة من داخل الضفة؟ ما العمل عندما سيطرح يوما موضوع الشرعية الفلسطينية والانتخابات؟ هل من يريد انتخابات، أي نوع من الانتخابات في هذه الأيّام؟تبقى إسرائيل المهتمة بمراوحة الأمور مكانها. لا تريد إسرائيل، التي تراهن على الوقت، أي تغيير من أيّ شكل على الصعيد الفلسطيني.

الوضع في غزّة يلائمها. خرجت من القطاع صيف العام 2005 ووجدت من يلبي لها كل طموحاتها. خرجت من أجل الإمساك بطريقة أفضل بالضفة الغربية والاستمرار في الاستيطان. وجد من يلبّي لها كلّ مطالبها بعدما راحت “حماس” تطلق الصواريخ من القطاع. مكّنتها هذه الصواريخ من إقناع العالم بأن لا شريك فلسطينيا يمكن التفاوض معه. ولذلك يقف المجتمع الدولي مكتوفا كلّما حصل اعتداء على غزّة. ليس هناك من يسأل حتّى لماذا بقاء الحصار الذي يستهدف أهل القطاع؟

ثمّة حاجة إلى مخرج. الأكيد أنّ البرنامج السياسي الجديد الذي يحظى بموافقة شعبية ليس سوى خطوة أولى في طريق طويل. الأكيد أيضا أنّ مثل هذه الخطوة الأولى، يمكن أن تساهم في إيجاد وضع طبيعي في العلاقة بين الضفة والقطاع. لابد من البحث عن قواسم مشتركة يمكن أن يكون البرنامج الوطني أحدها.

هل من سيسعى من أجل ذلك… أم أنّ السلطة تجعل المرء يتخلّى عن بصيرته، حتّى لو كان ما على المحكّ مستقبل شعب بكامله لا هدف له سوى ممارسة حقوقه المشروعة بأبسط المفاهيم. ولكن هل “حماس” مهتمة أصلا بإعادة إعمار غزة ورفاه المواطن فيها كي يكون هناك انت

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين هل من ثورة من أجل الثورة فلسطين هل من ثورة من أجل الثورة



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib