إيران لا تريد شريكا في لبنان

إيران لا تريد شريكا في لبنان

المغرب اليوم -

إيران لا تريد شريكا في لبنان

خيرالله خيرالله

 

الكلام الهادئ، ظاهرا، لنصرالله كان مخيفا. لا لشيء سوى لأنه أكد الإصرار الإيراني على التصعيد في لبنان عبر رفض انتخاب رئيس للجمهورية أولا.

تبدو مرحلة ما بعد التورط الروسي، وهو تورّط في العمق، في الحرب التي يشنها النظام السوري على شعبه في غاية الخطورة على لبنان. هذا التطوّر ليس عائدا إلى فقدان الاهتمام الدولي بلبنان فحسب، بل إلى أن التركيز الإيراني زاد على الوطن الصغير أيضا. زاد هذا التركيز بعدما صارت روسيا شريكا لإيران في الوصاية على نظام بشّار الأسد من جهة، وبعد سلسلة الضربات التي تلقاها المشروع التوسّعي الإيراني في أنحاء مختلفة من المنطقة من جهة أخرى.

لم يكن الحديث التلفزيوني الذي أدلى به قبل نحو أسبوع الأمين العام لـ”حزب الله” في لبنان السيّد حسن نصرالله سوى تعبير عن الرغبة الإيرانية في زيادة الضغط على لبنان كي لا يكون لها شريك آخر فيه. كانت المفارقة، في تلك المقابلة، اعتراف نصرالله بأنّ الفريق الآخر، أي الفريق الذي يرفض هيمنة ميليشيا مذهبية مسلّحة على البلد، فاز في الانتخابات النيابية الأخيرة. كان ذلك في العام 2009. يعترف بخسارة فريقه الانتخابات، لكنّه يرفض التصرّف من هذا المنطلق.

يعترف نصرالله أيضا بأنّ حزبه أيّدَ التمديد لمجلس النوّاب. لكن الأمين العام لـ”حزب الله”، كعادته، يناقض نفسه عندما يتمسّك برفض انتخاب مجلس النوّاب لشخص آخر غير النائب المسيحي ميشال عون رئيسا للجمهورية. كشف بذلك أنّ المطلوب تغيير النظام بدل انتخاب رئيس للجمهورية. وهذا مطلب إيراني قديم.

من يرفض أن يكون شخص آخر غير ميشال عون رئيسا للجمهورية، إنّما يبحث عن ذريعة لبقاء الموقع الأوّل في لبنان شاغرا.

من حقّ الأمين العام لـ”حزب الله” التمسّك بمرشّح اسمه ميشال عون، بغض النظر عمّا إذا كان الرجل مؤهّلا أو غير مؤهّل لرئاسة الجمهورية. هذا حقّ مشروع لحزب يفترض أن يكون لديه مرشّح للرئاسة يخوض به الانتخابات. ما ليس طبيعيا تعطيل انتخابات الرئاسة وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية والعمل الحكومي بحجة أن المطلوب قانون جديد للانتخابات يعتمد نظام النسبية الذي لديه حسناته، كما لديه سلبياته الكثيرة في بلد معقّد مثل لبنان.

كشف نصرالله، بصراحة ليس بعدها صراحة، النيّات الإيرانية. كشف أنّ المطلوب تغيير النظام في لبنان نافيا في الوقت نفسه أي دور لسلاح حزبه، وهو الميليشيا المسلّحة الوحيدة في البلد، في التأثير على اللبنانيين الآخرين. ربّما نسي غزوة بيروت والجبل في أيّار – مايو 2008، وقبل ذلك احتلال وسط بيروت والاعتصام فيه ما يزيد على سنة. ربّما نسي أيضا من يحمي المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، والمتهمين بالاغتيالات ومحاولات الاغتيال الأخرى.
    
    

قاوم اللبنانيون الآخرون الذين يؤمنون بثقافة الحياة هيمنة “حزب الله” وانتصروا عليه في انتخابات 2009، وذلك على الرغم من كل التعبئة المذهبية التي مارسها الحزب وكلّ ارتكاباته في المناطق التي يهيمن عليها. ما الذي يمنع حاليا انتخاب رئيس جديد للجمهورية غير سلاح “حزب الله”؟

حاول الأمين العام لـ”حزب الله” أن يبدو هادئا أثناء المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه المحطة التابعة لحزبه، أي “المنار”. لكن الهدوء كان يخفي في العمق لهجته التصعيدية الواضحة، خصوصا لدى مهاجمته المملكة العربية السعودية بطريقة، أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها مبتذلة.

لا يدري الأمين للحزب أن السذّج فقط يصدّقون ما يقوله، بدءا بكلام مضحك عن استعداد إيران لحل مشكلة الكهرباء في لبنان، وصولا إلى أن مسلحيه يدافعون عن البلد وعن حدوده.

من يدافع عن لبنان لا يخرق السيادة الوطنية اللبنانية ويدوس عليها ويضع الرابط المذهبي فوق الرابط الوطني. بكلام أوضح، من يحترم السيادة اللبنانية، يحترم، أوّل ما يحترم، الحدود اللبنانية المعترف بها دوليا ولا يقوم بحملة تطهير ذات طابع مذهبي في الداخل السوري. لا يقوم بذلك لا في القصير ولا في الزبداني ولا في أيّ منطقة سورية أخرى…

كذلك، كشف نصرالله في المقابلة التلفزيونية التي حاول من خلالها طمأنة أنصاره إلى أن الوقت يعمل لمصلحة المشروع التوسّعي الإيراني، وأنّ إيران تنوي التصعيد في لبنان. لم يخف تأييده للتظاهرات التي يشهدها وسط بيروت، علما أنّه شدّد على أن “حزب الله” لا يشارك فيها. لم تكن لديه حاجة للذهاب إلى أبعد من ذلك، خصوصا أن هذه التظاهرات تؤدي، من حيث يدري منظموها أو لا يدرون، الغرض المطلوب المتمثّل في نشر الفقر والبطالة في لبنان وتعميمهما.

هذا لا يعني بأي شكل تجاهل مسؤولية الحكومة اللبنانية عن أزمة النفايات وعدم إدراكها لخطورتها باكرا.

لا هدف للحزب التابع لإيران سوى نشر البؤس في لبنان وتيئيس اللبنانيين وتهجير أكبر عدد منهم، خصوصا المسيحيين، من أرضهم بحثا عن فرص عمل في الخارج. لذلك يُمنع العرب من المجيء إلى لبنان، إن للسياحة أو للاستثمار أو للاستشفاء، ويصرّ على التدخّل العسكري في سوريا لمصلحة نظام أقلّ ما يمكن أن يوصف به أنّه أقلّوي. فوق ذلك، يخلق الحزب بواسطة سلاحه ومسلّحيه بيئة حاضنة للفساد بأبشع أشكاله على كلّ المستويات. لا حاجة بالطبع إلى تعداد ارتكابات الحزب وحمايته للمهرّبين ورعايته لنشاطاتهم!

كان الكلام الهادئ، ظاهرا، لنصرالله مخيفا. لا لشيء سوى لأنّه أكّد الإصرار الإيراني على التصعيد في لبنان عبر رفض انتخاب رئيس للجمهورية أوّلا.

كيف يمكن تفسير هذا الموقف الإيراني؟

الجواب أنّه يترافق مع إفلاس للسياسة الإيرانية في غير مكان. في سوريا والعراق واليمن على وجه التحديد، وتجاه السعودية خصوصا. كذلك، انكشف ما كانت تعدّه إيران مع “حزب الله” للكويت، وذلك بعد القبض على أفراد خليّة العبدلي ومصادرة كمية ضخمة من الأسلحة والمتفجرات، وتبيّن أن كويتيين تدرّبوا في لبنان لدى الحزب. وانكشف أيضا مدى التورط الإيراني في البحرين بعد العثور على طن ونصف طن من المتفجرات في المملكة… مصدرها معروف جيّدا.

نرى حاليا سياسة إيرانية أكثر هجومية في لبنان في وقت بات هناك توزيع للأدوار بين طهران وموسكو في سوريا. إلى أي حدّ يمكن أن تذهب إيران في تفجير الوضع اللبناني؟ الثابت أنّها ستكتفي، في المدى المنظور، بتعطيل الاستحقاق الرئاسي. فلبنان يجب أن يبقى، إلى إشعار آخر، ورقة إيرانية تُستخدم في كلّ أنواع المساومات على حساب اللبنانيين ومستقبل أبنائهم.

لم يعد يصلح من كلام عن لبنان سوى ترديد عبارة “ليكن الله في عون الوطن الصغير” الذي فقد اهتمام العالم به. لم يعد من تركيز سوى التركيز الإيراني عبر ميليشيا مذهبية اسمها “حزب الله” تسعى إلى تعويض هزيمتها السورية بمزيد من الهيمنة على لبنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران لا تريد شريكا في لبنان إيران لا تريد شريكا في لبنان



GMT 15:37 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

800 متفوق

GMT 15:35 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... وماذا الآن؟

GMT 15:32 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

ما سمعته فى دمشق

GMT 15:30 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

باريس ــ الرياض... شراكة استراتيجية حاضرة ومستقبلية

GMT 15:27 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

هل يولد خيار آخر؟

GMT 15:25 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الشرع و«هتش» على أبواب دمشق

GMT 15:23 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والشرق الأوسط... ماذا نتوقع؟

GMT 15:22 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

ساحات تكنولوجية!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 09:42 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون
المغرب اليوم - أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون

GMT 10:00 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة
المغرب اليوم - أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة

GMT 19:45 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم أوروبا تهبط للأسبوع الثالث وسط مخاوف من سياسات ترامب

GMT 19:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولار يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بعد فوز ترامب

GMT 19:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

إحباط تهريب 300 كيلوغرام من "الشيرا" في طنجة

GMT 01:17 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"سامسونغ" تطرح "تابلت غلاكسي" اللوحي بحجم 18.4 بوصة

GMT 02:14 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لمريض السكر... المسموح والممنوع من الفاكهة

GMT 14:44 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

"حي سيدي ميمون" التاريخ المراكشي الأصيل

GMT 07:02 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

مي نور الشريف تضع والدتها بوسي في ورطة بسبب صورة

GMT 05:46 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشفي فوائد عشبة الأملج للشعر

GMT 11:10 2023 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز صيحات الموضة لموسم شتاء 2023-2024
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib