الإصلاح العميق للدولة يبدأ من هنا

الإصلاح العميق للدولة يبدأ من هنا

المغرب اليوم -

الإصلاح العميق للدولة يبدأ من هنا

توفيق بوعشرين

الدولة في المغرب كما في كل الدول العربية  مريضة و تحتاج الى إصلاح عميق، والإصلاح يحتاج إلى توافق واسع، والتوافق يحتاج إلى نخب سياسية جديدة لها الجرأة والإرادة والخيال والوعي بدقة الرحلة لتباشر عمليات جراحية كبيرة في عقل الدولة  . وكل هذا غير موجود على الطاولة الان على الاقل ،واليكم بعض مظاهر هذه الأعطاب  ….

رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران اعترف أول أمس بكون الإدارة المغربية  لها قدرة كبيرة على إفشال مشاريع الإصلاح، وعلى عرقلة أوراش الاستثمار، وعلى وضع العصا في عجلات الحكومة، لكن السؤال الذي لم يجب عنه بنكيران هو لماذا تشتغل الإدارة ضد إرادة الحكومة؟ ولماذا تتصرف على هذا المنوال؟

هنا نحاول أن نجيب على هذا السؤال المعقد؟ ونسلط الضوء على الأسباب العميقة التي تجعل الإدارة قطعة فولاذ كبيرة في رجل البلاد …

النظام الانتخابي في المغرب، عدا أنه غير شفاف ويلعب فيه المال السياسي لعبته القذرة، فإنه  نظام لا يفرز  إرادة الأمة الحقيقية ولا يلد قوة سياسية تباشر التغيير وتفرض الإصلاح، ولا  يفرز نخبا جديدة ولا مشاريع مجتمعية جدية ولا اختيارات واضحة. ومن ثمة لا تعبر الانتخابات عن ميولات الشعب كل خمس سنوات  ولا عن تناوب سياسي واضح المعالم. لماذا؟ لأن الدولة ماتزال تخاف من صندوق الاقتراع، وهذا ما يجعل الحكومات تولد ضعيفة فيما الجهاز البيروقراطي يزداد قوة ونفوذا ويعتبر نفسه هو الأصل والحكومات والسياسيين هم مجرد عابرين في زمن عابر ..

الإدارة المغربية آلة كبيرة وضخمة، لا تستطيع ان تقبل بأية  عمليات زرع للإصلاح والنجاعة والفعالية في جسدها المريض، إنها آلة تقاوم كل مشروع إصلاح مهما كان. لماذا؟  لأنها إدارة ولدت بثقافة ضد المواطنين ومصالحهم، منذ أن وضع الاستعمار بنياتها الأولى في أوائل القرن الماضي، وهي موجهة (ضد الأهالي) لا في خدمتهم. خرج الاستعمار وبقيت عقيدته راسخة في كل زوايا الإدارة. تحول ولاؤها من جهة لأخرى، أما وظيفتها فظلت على حالها. إدارة تجعل المواطن في خدمتها لا العكس، ولأن الإدارة جل مرافقها فاسدة ونظام الفساد والرشوة داخلها أصبح نظاما مستقلا بذاته، صار التيكنوقراط الإداريون بمثابة حزب له برنامج وله رؤية ومصالح وامتيازات. لقد طور حزب الإدارة  مناعة رهيبة ضد التغيير، وأصبح طرفا سياسيا في المعادلة، قادرا على إفشال أي حكومة منتخبة، وجزء أساسيا من الدولة العميقة على حد التعبير المصري الشهير.

الأحزاب جلها كائنات طفيلية لا تعيش إلا في البركة الآسنة للسلطة، وهي مكونة في غالبها من  مجموعة من  «الانتهازيين» الذين يبحثون عن سلم للترقي الاجتماعي، يعيشون من الريع السياسي المتحصل من العمل العام عوض أن يخدموا الديمقراطية ومصالح المواطنين. الأحزاب، بتفاوت ليس كبيرا، ليست مستقلة ولا مؤسسة على مشاريع مجتمعية أو اختيارات أيديولوجية. جلها  دكاكين سياسية، وحتى تلك التي كانت أحزابا لها تاريخ  في اليسار واليمين أصبحت اليوم معرضة للتجريف. وهذا ما يجعل الاحزاب بدون برامج ولا مبادرات ولا قوة اقتراحية ولا شرعية انتخابية. وهنا يتقدم التيكنوقراطي ليملأ الفراغ ويلعب لعبته التي تحفظ مصالحه وتحمي امتيازاته. إنه يقدم نفسه باسم الخبرة كحام للاستقرار، وباسم الإدارة كطرف في تعاقد غير مكتوب، وباسم الاستمرارية كحليف للدولة. وهنا ننتقل من الإدارة كأداة إلى الآلة كجهاز حكم.

انظروا الآن كيف تتصرف وزارة الداخلية في ملف الانتخابات والجمعيات الحقوقية، فهي تتصرف كجهاز سياسي لا كإدارة تر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح العميق للدولة يبدأ من هنا الإصلاح العميق للدولة يبدأ من هنا



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib