الإرهاب والمخابرات والسياسة

الإرهاب والمخابرات والسياسة

المغرب اليوم -

الإرهاب والمخابرات والسياسة

توفيق بو عشرين

بدا عبد الحق الخيام مزهوا بالمقر الجديد للمخابرات المدنية في مدينة سلا، أول أمس، حيث نظم أول ندوة صحفية لعرض تفاصيل تفكيك خلية إرهابية جديدة كانت تستعد لاختطاف واغتيال شخصيات مدنية وعسكرية في أكثر من مدينة مغربية.

هذه آخر حلقة في خروج جهاز dst من العمل السري إلى العلني والمؤسساتي، حيث بدأ هذا المسلسل منذ تتويج عبد اللطيف الحموشي بوسام ملكي قبل ثلاث سنوات، ثم تبعته بلاغات الداخلية التي أصبحت تذكر وتذكر الرأي العام بالمجهودات التي يبذلها الجهاز في مطاردة الخلايا النائمة والمستيقظة، التي تعد لمشاريع إرهابية في المغرب، ثم جاء التعديل القانوني الذي أعطى جهاز المخابرات المدنية الصفة الضبطية حتى يتمكن من اعتقال واستجواب والتحقيق والتنصت ومتابعة الموقوفين بشكل قانوني واضح، والآن اكتملت هذه الحلقة بتأسيس ما سمته الصحافة بـFBI المغربي، الذي سيتخصص في الجرائم الكبرى، وعلى رأسها الإرهاب كأخطر تهديد أمني موضوع اليوم على جدول عمل المغرب والمغرب العربي والشرق الأوسط وعموم أوروبا…

هذا تطور مؤسساتي وقانوني وثقافي وحقوقي كبير في المؤسسة الأمنية، التي ظلت لسنوات بعيدة عن التحديث والإصلاح ومواكبة المخاطر الأمنية الجديدة، لكن في الوقت نفسه فإن خروج المخابرات من الظل إلى العلن، ومن السرية إلى نور الشمس، يلقي عليها تبعات ومسؤوليات جديدة، فمن اليوم فصاعدا ستصير مؤسسة أمنية شبه مستقلة عن وزارة الداخلية وعن الإدارة العامة للأمن الوطني، بمعنى أن dst ستخرج من تحت عباءة الإدارة العامة للأمن الوطني، وستصير مؤسسة مسؤولة عن الجزء الأهم من السياسة العمومية في المجال الأمني وفي مجال محاربة الإرهاب. أعرف أن جهاز الحموشي بذل مجهودات كبيرة في السنوات الأخيرة للتخصص في الإرهاب، ووضع خطط استباقية وخلايا تحليلية وعناصر بشرية مدربة ومعززة بإمكانات مالية ولوجيستيكية كبيرة لم تبخل الحكومات المتعاقبة على وضعها بين يدي جهاز المخابرات المغربي الذي نحت لنفسه صورة دولية لم تكن له في السابق، حيث كان اسمه مقرونا فقط بالعمل غير النظيف. الآن انتقلنا إلى مستوى آخر من الحرفية والتخصص والعصرنة، لكن هذا يفرض على المؤسسة الأمنية ثلاثة أشياء: 

أولا: إن التعريف بعمل الجهاز الاستخباراتي ومنجزاته وقوته الميدانية واحترافية عناصره الهدف الأول منه هو إشاعة الأمن بين الناس وليس الخوف.. هو تسويق الارتياح وليس الهواجس. الرأي العام المغربي حساس جداً تجاه الأمن، وهو غير معتاد على استعراض عمل الأجهزة الأمنية، لهذا وجب الاحتياط من كثرة تسويق المادة الأمنية في وسائل الإعلام… 

ثانيا: إن منجزات الجهاز الأمني وعمله لتتبع المخاطر المحيطة بالبلد يجب ألا ينتهي هنا، بل لا بد أن يقوم القضاء الواقف والجالس بعمله. لقد رأينا في السنوات الماضية، وفي قضايا الإرهاب بالتحديد، كيف أن جل القضاة تخلوا عن عملهم، واعتبروا المحاضر المنجزة من قبل الأمن أدلة إدانة دون تدقيق، ولم يفعلوا غير تذييل هذه المحاضر بأحكام مسبقة. كل واحد يجب أن يقوم بعمله.. المخبر يجمع المعلومات بأمانة واحترافية، والنيابة العامة تدقق وتكيف الجرائم، والقضاة يحكمون بين الناس بالقانون، والقانون وحده.

ثالثا: لا بد من فتح نقاش عمومي عميق في المغرب حول أفضل الطرق لإشراك الحكومة والبرلمان في صياغة السياسات العمومية في مجال الأمن والعمل الاستخباراتي، وهذه مرحلة لا بد أن نصل إليها في مسلسل تحديث الأجهزة الأمنية وصولا إلى إقرار الحكامة الأمنية المتطورة. سرية العمل الاستخباراتي لا تتعارض مع شفافية السياسات العمومية، ووضع الأجهزة الأمنية تحت مراقبة المؤسسات الدستورية الموكول إليها ذلك أمر لا يتعارض مع طبيعة عملها…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب والمخابرات والسياسة الإرهاب والمخابرات والسياسة



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib