أحزان وأفراح في بيت بنكيران

أحزان وأفراح في بيت بنكيران

المغرب اليوم -

أحزان وأفراح في بيت بنكيران

توفيق بو عشرين

في بيت الحكومة أخبار سيئة وأخرى جيدة. السيئ هو رحيل اليد اليمنى لرئيس الحكومة، عبد الله بها، الذي كان يسوق العربة السياسية مع بنكيران في اتجاه الاعتدال والتوافق، وسياسة التطبيع الشامل مع القصر والقوى النافذة في المملكة. سيحتاج زعيم العدالة والتنمية إلى الوقت والجهد لكي يتدرب على السياقة لوحده…

الخبر السيئ الثاني هو الورطة التي وضع فيها وزير الشباب والرياضة محمد أوزين صاحب «أكبر كراطة في العالم» الحكومة والدولة والشعب عقب فضيحة بركة ملعب مولاي عبد الله، حيث شعر المواطنون بالإهانة تنزل باردة على رؤوسهم بعد الصورة المفجعة التي قدمتها وزارة لا تعرف كيف تزرع عشبا صالحا لإجراء مقابلة دولية لكرة القدم (أعطى الملك أوامره من أبو ظبي لتوقيف أنشطة الوزير في سابقة من نوعها لإطفاء نار الغضب على الوزير في نفوس الناس)…

ثالث الأخبار السيئة التي تروج وسط البيت الحكومي هذه الأيام هو تهاوي المنازل فوق رؤوس البشر بعد زخات مطرية بسيطة في الميتروبول المغربي، الدار البيضاء. هذه الحوادث المؤلمة سبقتها نكبة الأقاليم الجنوبية التي غرقت في الفيضانات التي أودت بحياة 44 مواطنا لم يجدوا من ينقذهم أحياء، ولا من يكرمهم أمواتا ويحملهم في سيارات إسعاف عوض شاحنات الأزبال إلى قبورهم. ورغم أن عدد الضحايا كبير، والدولة أعلنت المنطقة «منكوبة»، فإن لا أحد من كبار المسؤولين زار المنطقة، ومن هؤلاء رئيس الحكومة، لهذا عندما أعلنت المنطقة منكوبة لم تتعاطف معنا إلا دول قليلة في العالم، ولم يصلنا من المساعدات سوى 100 ألف أورو من الاتحاد الأوروبي، وهي إهانة أخرى أضفناها إلى سلسلة الإهانات التي نتعرض لها هذه الأيام. أكبر وأغنى مجموعة اقتصادية في العالم (الاتحاد الأوروبي) تعطي المملكة الشريك المتقدم يا حسرتاه 100 ألف أورو لا تكفي حتى لإعادة بناء 10 أمتار من الطرق التي ذابت تحت السيول…

هذا هو النصف الفارغ من الكأس.. النصف المملوء، أي الأخبار السارة في بيت الحكومة، هو غيث الله الذي أكرم هذه الأرض، وسقى العباد والبهائم والأرض (المطر في المغرب هو محرك نسبة النمو بلا منازع)، لهذا سمعنا والي بنك المغرب يبشر الرأي العام بمؤشرات إيجابية هذه السنة والسنة المقبلة. الخبر الجيد الثاني هو نزول أسعار المحروقات في السوق الدولي إلى أقل من 60 دولارا للبرميل، وهذا معناه أن الطبقات الوسطى وأرباب المصانع الذين كانوا يشكون من آثار رفع الدعم عن المحروقات سيتنفسون الصعداء إلى حين، وهذا يخدم الاستراتيجية الحكومية التي تريد أن يتعود الناس على شراء المحروقات بثمن السوق الدولي، وأن تخرج ميزانية الدولة من فخ الدعم الذي يستفيد منه الأغنياء باسم الفقراء.

إلى الآن الدولة ربحت أكثر من 83 مليار درهم مع بنكيران وحكومته، وهذه المليارات خفضت نسبة العجز من جهة، وأوقفت الشحم الذي كان يذهب إلى ظهور المعلوفين من جهة أخرى، وأعطت الحكومة بعض المليارات لصرفها على الجوانب الاجتماعية. الخبر الثالث الجيد وسط الحكومة هو أن الاستثمارات الأجنبية التي تولي وجهها إلى المغرب في ازدياد، حيث أعلنت حديثا اليابان، التي توظف مشاريعها في المغرب 32 ألف مغربي، أنها ستضاعف من استثماراتها ثلاث مرات في الشهور المقبلة، وذلك لما يتمتع به المغرب من استقرار في محيط إقليمي يغلي بالاضطرابات. هذا معناه أن الاختيار الذي قام به الملك محمد السادس وشركاؤه السياسيون بعد الربيع العربي بدأ يعطي أكله، ونجح في تجنيب البلاد عواصف كثيرة في الداخل والخارج كانت تريد للطاجين المغربي أن يحترق، وحاولت أن تدفع الدولة إلى إغلاق القوس الذي فتح في 2011، وتسريح الحكومة، وإعادة الإسلاميين إلى الهامش السياسي، والعودة إلى ما قبل 20 فبراير، لكن حكمة الجالس على العرش، وليونة بنكيران، ونضج جل حلفائه، وخوف الدولة من الارتماء في المجهول، عطلت هذه المخططات التي كادت تدخل البلاد إلى نفق مسدود…

الآن، وبعد أن نجح بنكيران في امتحان التطبيع مع القصر، ونجح في تخفيف الضغط عن ميزانية الدولة بقرارات شجاعة وغير شعبية، ستكلفه شيئا من نفوذه في الشارع ولا شك.. الآن عليه أن يلتفت إلى الأجندة الديمقراطية، وفي مقدمتها رعاية انتخابات حرة ونزيهة وتنافسية.. انتخابات لا نصنع نتيجتها قبل إجرائها، كما فعلنا معظم الوقت. إذا لم تعد الدولة تخاف أي حزب، وإذا كان المصباح قد طبع علاقاته مع السلطة، وإذا كان الدستور يحظى بشبه إجماع وسط الطبقة السياسية، وإذا كان الاستقرار في الجيب، وإذا كانت الديمقراطية من ثوابت النموذج المغربي، فلا حاجة، إذن، إلى أن نجعل الانتخابات محل تفاوض ضمني على نسبة نزاهتها شفافيتها، ولا حاجة إلى البحث عن مخرج لحزب الدولة.. هذا الحزب عليه أن يتكيف مع الوضع الجديد، لا أن نجعل الوضع الجديد يتكيف مع الجرار وحاجة البعض إليه… أظن أن الفكرة واضحة، لهذا أتوقف هنا.. إلى اللقاء…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحزان وأفراح في بيت بنكيران أحزان وأفراح في بيت بنكيران



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib