آش واقع

آش واقع

المغرب اليوم -

آش واقع

توفيق بو عشرين

خلقت افتتاحية «أخبار اليوم»، الصادرة أول أمس الخميس بعنوان: «قوالب الوزراء»، أزمة في المجلس الحكومي الأخير، وبسببها هدد وزير الفلاحة، السيد عزيز أخنوش، بمغادرة الحكومة لأن الثقة أصبحت منعدمة بينه وبين بنكيران، واعتبر الوزير الملياردير أن نشر الخبر حول المادة 30 خرج من رئاسة الحكومة إلى الصحافة… هذا ما أخبرني به وزير في الحكومة، فقلت له : «السيد الوزير، هل تعلم أن ‘‘أخبار اليوم’’ اتصلت برئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، صباح يوم الأربعاء للاستفسار عن سبب تنازله عن صفة الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي، وأنه رفض التعليق على الأمر، كما أنه طلب من هذه الجريدة –في ما يشبه الرجاء- عدم تناول هذا الموضوع، وقال لنا إن مجلسا للحكومة سيعقد يوم الخميس، وهناك سيحل هذا الإشكال البسيط»، على حد قوله. ولما واجهناه بحق المواطنين في معرفة هذا التغير الجذري في الأمر بالصرف في المادة 30 من مشروع القانون المالي والتي تنظم عمل صندوق فيه 55 مليار درهم ستصرف على المشروع الملكي لفك العزلة عن القرى، وبأن أول من أخرج الموضوع إلى الصحافة هو ديوان وزير الفلاحة الذي أعطى تصريحات لموقع فرانكفوني يوم الثلاثاء الماضي وحتى قبل أن يتوصل البرلمان بمشروع القانون المالي، حيث تحدث ديوانه عن وجود ثقة ملكية في وزير الفلاحة هي التي خولته حيازة الآمر بالصرف من يد بنكيران في أهم صندوق للنهوض بالعالم القروي.. لما وضعنا هذه المعطيات أمام السيد رئيس الحكومة قال: «أنتم أحرار، وأنا لا أتدخل في عمل الصحافة، لكني أفضل ألا تنشروا شيئا حتى يُعقد المجلس الحكومي الذي سيبت في هذا الأمر»، وأنهى المكالمة الهاتفية بعبارته الشهيرة: «انتهى الكلام».

قررنا نشر الخبر والتعليق عليه، مع أن رئيس الحكومة طلب منا عدم تناول الموضوع، لسبب بسيط هو أن زمن الصحافي ليس هو زمن السياسي، وأن الإعلام يسعى إلى كشف الحقائق والسياسي يسعى إلى تغطيتها، ولأن هذه الجريدة مستقلة، عكس ما يروجه بعض «المسخرين» من إننا قريبون من الحزب الذي يقود الحكومة في حين أن العكس هو الصحيح، فطيلة أربع سنوات التي قضاها بنكيران في الحكومة لم نوفر نقده، ونقد قراراته عندما يتضح لنا أنه مخطئ أو متهاون في صلاحياته الدستورية، وأنه متردد في اتخاذ قرارات كبيرة، وجل النقد الصحافي الجدي الذي وُجه إلى هذه التجربة الحكومية كان مصدره هذه الجريدة التي تندد بخروقات حقوق الإنسان وبفساد جزء من الإدارة وفي الدفاع عن استقلالية القضاء وغيرها من الموضوعات التي يتجنبها جل مدراء الإعلام في بلادنا، ولهذا كسبت هذه الجريدة مصداقية ومهنية تزعج اليوم غابة المنشورات والمواقع الإلكترونية المخدومة، لهذا قاطعنا بنكيران مرات عدة، واشتكانا، أكثر من مرة، إلى أصدقاء مشتركين، وفي كل مرة كنّا نقول له: «إننا صحافيون لا نقف في خندق المعارضة ولا نقف عند باب الأغلبية، وحقك علينا أن نتحرى في مصادر الأخبار وصدقيتها، وحقنا عليك أن تحترم حرية الرأي والتعبير». ثم بالله عليكم، لو كنّا نسعى إلى مصلحة أو مغنم أو إعلانات ريعية، هل كنّا سنختار جبهة بنكيران «المزلوط» وحكومته التي تعتبر الحلقة الأضعف في السلطة اليوم؟ الجميع يعرف من هي الجهة الرابحة، ومن هي الجهة التي تملك المال والقرار والنفوذ والتأثير على القضاء.

غضب السيد أخنوش في المجلس الحكومي، وهدد، ضمنا، بالاستقالة من الحكومة، وهذا حقه، وإن كنت لا أصدق حكاية الاستقالة هذه، وأظن أن الملياردير السوسي يحضر نفسه لمشهد ما بعد انتخابات 2016، وبيننا الأيام.

أما السيد وزير المالية، الحاج بوسعيد، الذي لا يقدر على تحريك الدجاجة على بيضها، فقد شرب حليب السباع، وخرج يوم أمس في ندوة صحافية ينتصر لوزير الفلاحة ضد رئيس حكومته في الخلاف بينهما، ويقول: «كيف يعقل أن يقول أحد إن رئيس الحكومة لم ينتبه إلى المادة 30 في مشروع القانون المالي؟ سيبدو رئيس الحكومة مغفلا إذا قيل إنه لا علم له بتعديلات قانون المالية». قال بوسعيد هذا الكلام بحضور اليزمي، وزير الميزانية، الذي لم ينطق بكلمة واحدة طيلة الندوة التي استغرقت ساعتين، لكن بوسعيد لا يتحدث لغة القانون، ولا لغة قواعد الميزانية، ولا منطوق الدستور.. إنه يتحدث في الهواء الطلق على سجيته لأن الكلام في السياسة بلا قواعد في هذه البلاد، ويقول إن إعطاء صفة الآمر بالصرف في الصندوق تنمية العالم القروي لوزير الفلاحة من شأنه أن يضمن التقائية السياسات العمومية، وإن المشروع كبير وتحت الرعاية الملكية، وإن المهم هو المصلحة العامة، لكنه لا يجيب عن السؤال: هل هذا جائز دستوريا وقانونيا؟ كيف لوزير أن يصرف ميزانية 10 وزراء دون تفويض من رئيس الحكومة؟ إن أي قاضٍ مبتدئ في المجلس الدستوري سيسقط هذه المادة من القانون المالي لو طعن فيها أحد من البرلمان، ثم إن لكل وزير مرسوما يحدد صلاحياته واختصاصاته يعطى إياه في بداية ولايته من قبل رئيس الحكومة، الذي وضع الدستور كل الصلاحيات التنفيذية في يده.

هل الدفاع عن الدستور والقانون والمنهجية الديمقراطية يغضب أخنوش وأصدقاءه، وكتائبه الإعلامية التي لم تكلف نفسها حتى التحقق من رواية الملياردير ومقارنتها بروايات أخرى، ونشرت بياناته وتصريحاته فقط لأنها تحمل علامة «أكوا»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آش واقع آش واقع



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib