هذه فاتورة الحل الأمني

هذه فاتورة الحل الأمني

المغرب اليوم -

هذه فاتورة الحل الأمني

بقلم : توفيق بو عشرين

في الوقت الميت، خرج رئيس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، إلياس العماري، ليدعو إلى مناظرة حول الريف يشارك فيها شباب الحراك والدولة والأحزاب والنقابات… شكرا لك السيد الرئيس على هذه المبادرة «الشجاعة»، التي جاءت بعدما أغلقت فمك لمدة طويلة، لكن، للأسف، مناظرتك لا يستطيع أن يحضرها المعنيون بالحراك، لأنهم أما معتقلون وراء القضبان، أو فارون من المتابعات الأمنية. إذن، أنت تدعو إلى حفل لتأبين الحراك، وليس إلى مناظرة تبحث عن مخرج لأزمة أنت وحزبك واحد من عناوينها الكبيرة، وقد بعتم الدولة وهم المصالحة مع الريف، فرفعتم انتظارات المواطنين، وجعلتم الدولة ترى فيكم مفتاح الريف الذي يفتح كل الأبواب، كما قال حسن أوريد.

حصيلة سنتين من إدارة حزب الأصالة والمعاصرة للريف (جهة، ومجالس بلدية، وجماعات قروية، وممثلون في البرلمان) نراها اليوم على قناة يوتيوب: تظاهرات بلا توقف، واحتجاجات بلا أمل، واعتقالات بالجملة، وجراح جديدة لن تشفى بسهولة كما سابقاتها.

كلما حل الملك محمد السادس بالحسيمة، في زيارة خاصة أو رسمية، كان إلياس العماري يسارع إلى حمل الطعام من بيته إلى الإقامة الملكية، ومع الطعام كان يقتطع جزءا من القرار العمومي، ومن السلطة التي جعلت منه رجلا نافذا في الريف وفي المملكة يهابه الكثيرون، ويتملق له الكثيرون.. رجلا كان موعودا بتشكيل الحكومة سنة 2016 من أجل إغلاق قوس الإصلاحات، وإحياء حكومات الفديك وما تناسل منها على مر العقود… ولولا اليقظة التي عبر عنها جل من صوت في اقتراع أكتوبر، لكان المغرب الآن قد تحول كله إلى ريف يغلي.

الدولة الآن مشغولة بملاحقة رموز الحراك في الريف، تحاول أن تجرب الوصفة التي لم تتبعها في 20 فبراير 2011، حيث ظهر رأي آنذاك يقول للقصر إن تظاهرات الربيع مجرد سحابة صيف، وإن التنازلات التي قدمت آنذاك لم تكن ضرورية، وإن المغاربة يفقدون صوابهم للحظة لكنهم لا يفقدون عقولهم كل الوقت، وسرعان ما سيرجعون إلى بيت الطاعة، يرضون بما قسمت لهم السلطة من رزق وكرامة وحرية وشغل وصحة!

الذين يروّجون اليوم الحل الأمني للقضاء على حراك الريف، ويسعون جاهدين إلى شيطنة الزفزافي ورفاقه، ويهللون لاعتقالهم، ويقفزون فرحا لنقلهم إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لا ينتبهون إلى ما سيلحق صورة المغرب في الداخل والخارج جراء هذا النوع من الحلول… ستدخل المملكة إلى نادي الدول التي يوجد في سجونها معتقلون سياسيون، بعد سنوات من عمل هيئة الإنصاف والمصالحة، التي سعت إلى تنقية وجه الدولة الحقوقي، وسيصبح التظاهر السلمي في المغرب مجرما بعد سنوات من إصلاح قوانين الحريات العامة، وستصير البلاد ضيفا دائما على التقارير الوطنية والدولية التي تلاحق خروقات حقوق الإنسان، وستتسع رقعة عدم الثقة في الدولة من قبل الريفيين وغير الريفيين، إذ كيف تبعث الحكومة ثمانية وزراء لحوار المتظاهرين، ثم تعمل على اعتقال رموزهم، مهما كانت المبررات؟ أما سياسيا، فإن استسلام العثماني للداخلية، وتنازله عن اختصاص إدارة أزمة الريف، وما لحقها من حراك طال أكثر من 30 مدينة هذا الأسبوع، له نتيجة واحدة.. ضرب أول وآخر مسمار في نعش هذه الحكومة، التي رجعت إلى الوراء تتفرج على ما يجري في البلاد، وتقرأ، كأي مواطن عادي، بلاغات النيابة العامة التي تتصرف في السياسة الجنائية بعيدا عن أي اختصاص أو مراقبة أو محاسبة.

تدفع الشعوب، أحيانا، ثمنا باهظا من حياتها واستقرارها ومستقبلها لأنها قالت نعم في وقت كان يجب أن تقول لا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه فاتورة الحل الأمني هذه فاتورة الحل الأمني



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib