عفوا سيدي وكيل الملك لقد أخطأت

عفوا سيدي وكيل الملك.. لقد أخطأت

المغرب اليوم -

عفوا سيدي وكيل الملك لقد أخطأت

توفيق بو عشرين

في ظرف وجيز، ارتكب ثلاثة وكلاء للملك أخطاء متفاوتة الخطورة وهم في مكاتبهم كأعلى سلطة في المدينة التي يوجدون فيها، في أيديهم قرار الاعتقال، وقرار المتابعة، وقرار الحفظ، وقرار المنع من السفر، وتحت تصرفهم الشرطة القضائية والسجون والكوميساريات…

وكيل الملك في كلميم، ورغم أن تقريرا طبيا من المستشفى العسكري وضع بين يديه في أبريل الماضي يقول إن المواطن الحسين بوحلس تعرض للتعذيب أثناء التحقيق معه، فإنه لم يفتح تحقيقا مع ضابط الشرطة القضائية المتهم بجريمة التعذيب، ولم يحل الملف على الوكيل العام للملك في أكادير، ولا هذا الأخير تحرك تلقائيا عندما خرج الموضوع إلى العلن، إلى أن وصل الملف إلى محكمة الاستئناف بأكادير التي أنصفت الحسين، وأسقطت المتابعة لأن التحقيق جرى تحت التعذيب. ماذا قال تقرير المستشفى العسكري في كلميم، ولم يحرك ساكنا في وكيل الملك؟ «أثناء عرض الحسين بوحلس على الخبرة الطبية اتضح أنه يحمل كدمات وجروحا سطحية متعددة على وجهه وسائر جسده، وجرحا آخر مع وجود آثار حذاء على كتفه اليسرى (الضابط الرياضي رسم علامة adidas على كتف الضحية، وهذا يكشف القوة التي كان يركل بها الضحية)، كما يوجد في جسد الحسين ست نقاط كي على صدره، وقد أثبت الفحص المدقق الذي أجري على أذن الحسين اليمنى وجود ثقب فيها، وأن مدة الثقب في شبكة الأذن المذكورة تعود إلى أقل من ثلاثة أيام، ونتج عن ذلك نقصان حاد في حاسة السمع… إن كل الجروح والكدمات التي عاينتها الخبرة الطبية ناتجة في غالب الأمر عن اعتداء جسدي وقع خلال ثلاثة أيام، وحددت مدة العجز في 21 يوما». مدة ثلاثة أيام هي المدة التي قضاها الحسين في ضيافة الشرطة.

الحالة الثانية هي حالة الوكيل العام للملك في مراكش الذي دفع البلاد وسمعتها وقضاءها وسياحتها إلى ورطة كبيرة، لأنه لم يحسن استعمال القانون ولا سلطة الملاءمة التي بين يديه في قضية «الشاذ البريطاني»، حيث جرت متابعة هذا الأخير في حالة اعتقال لأن صديقه المغربي كان يلاطفه في الشارع العام، وكان يمكن للقضية أن تنتهي بتنبيه من الشرطة في عين المكان، أو متابعة الظنين في حالة سراح بتهمة الإخلال بالحياء العام، وألا تتجاوز ذلك إلى توجيه اتهامات ثقيلة، مثل تصوير مواد إباحية، والدخول في متاهات أخرى مثل تفتيش بيت المتهم خارج القانون، وحجز هواتفه والبحث فيها خارج القانون، ثم متابعته في حالة اعتقال وهو الأمر الذي جر ضجة عالمية من الشواذ في كل العالم على المغرب الذي يسعى إلى استقطاب 20 مليون سائح، حتى اضطرت وزارة العدل إلى التدخل بطرقها الخاصة، وعن طريق النيابة العامة، للحصول على قرار المتابعة في حالة سراح دون قيد أو شرط، وبسرعة جرى ترحيل البريطاني الشاذ (يبدو أنه شاد في شيء صحيح) على أول طائرة في مراكش إلى مطار هيثرو بلندن.

الحالة الثالثة هي حالة وكيل ملك مدينة القنيطرة الذي أحيل أول أمس، بقرار من وزير العدل، على المفتشية العامة لوزارة العدل للتحقيق معه في ملابسات وأسباب امتناعه عن إحالة الطلبة المعتقلين لديه على الخبرة الطبية، بعد أن صرحوا بأنهم تعرضوا للتعذيب على يد الشرطة القضائية، في الوقت الذي أصدر فيه وزير العدل، قبل أسابيع، مذكرة واضحة تأمر النيابة العامة بإحالة أي شخص ادعى تعرضه للتعذيب على الخبرة الطبية دون تردد، حتى يقطع المغرب مع هذا الفيروس الذي ينخر سمعته الحقوقية، ويمس كرامة الناس وسلامتهم في ضيافة الشرطة…

في الحالات الثلاث، وحالات أخرى عديدة لم يعلم بها أحد لأنها لم تصل إلى الإعلام، فإن النيابة العامة لا تتصرف كمدافع عن المصلحة العامة، بل تتصرف في بعض الأحيان كمدافع عن السلطة المتمثلة في الشرطة القضائية أو من يقف وراءها. الوكلاء والوكلاء العامون للملك -إلا من رحم ربك- يتجنبون الاصطدام بالشرطة القضائية، ويغضون الطرف عن تجاوزاتها في غالب الأحيان لأنهم، في قرارة أنفسهم، لا يعتبرون القضاء سلطة، ولا القانون سلطة، ولا ضمير العدالة سلطة، ولا مصلحة المجتمع سلطة…

نيابة عامة على هذه الشاكلة سيقفز بها وزير العدل مصطفى الرميد مرة واحدة في الهواء، وسيعطيها استقلالية كاملة عن الحكومة المنتخبة وعن البرلمان وعن سلطة الشعب وعن السياسة الجنائية التي يقررها المشرع (لا يوجد أي جسر فعلي أو آلية واضحة في مشاريع قوانين السلطة القضائية تربط الحكومة بالمجلس الأعلى للقضاء أو بالوكيل العام للملك في محكمة النقض الذي سيصبح مسؤولا عن النيابة العامة). أول أمس قال الرميد: «إنني كنت محاميا فاشلا في الدفاع عن بقاء النيابة العامة في وزارة العدل»، ورمى الكرة إلى البرلمان، حيث قال إن مشروع إصلاح العدالة ليس قرآنا منزلا ولا نصا مقدسا…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عفوا سيدي وكيل الملك لقد أخطأت عفوا سيدي وكيل الملك لقد أخطأت



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib