عاش واقفا ومات واقفا
نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة اتهام 4 إسرائيليين بينهم ضابط بجيش الاحتلال بالإرهاب بعد مزاعم بأنهم أطلقوا قنابل مضيئة على منزل نتنياهو المرصد السوري يُفيد أن الطيران الروسي شن غارتين جويتين استهدفتا حي السليمانية في مدينة حلب دون ورود معلومات عن خسائر بشرية حجب أغاني الفنانة أنغام على منصة "أنغامي"
أخر الأخبار

عاش واقفا ومات واقفا

المغرب اليوم -

عاش واقفا ومات واقفا

بقلم توفيق بو عشرين

مات أحد أشهر أغنياء المغرب، لكن كتاب حياته سيكون أطول عمرا منه، وسيرته ستبقى واحدة من أكثر القصص إلهاما للجيل القادم.. قصة راعي الغنم الفقير القادم من زمن القحط والاستعمار في الشياظمة، والذي انتهى إلى حجز مقعد له على قائمة فوربيس إلى جانب أغنياء العالم.
رجل بنى نفسه بنفسه، ولم يتسلح باسم عائلة مشهورة، ولا بقرب من السلطة، ولا بشهادة جامعية، ولا بمظلة حزب أو شخصية نافذة، لكي يصل إلى ما انتهى إليه… رجل بنى مجموعة اقتصادية عملاقة ووراءها ثروة كبيرة بالعرق والجد والذكاء الفطري، والصمود والثقة في الله الذي يعطي بلا حدود وينزع بلا قيود.
ميلود الشعبي ليس أول شخصية عصامية تبني ثروة من لا شيء، وليس قصة النجاح الوحيدة في المغرب والعالم العربي، لكنه، بالقطع، نموذج متفرد في خانة رجال الأعمال الشجعان الذين لم تمنعهم جيوبهم من فتح أفواههم، ولا وقفت ثرواتهم أمام صراحتهم، ولا نجحت مصالحهم في زرع الخوف في قلوبهم.. معه سقط الشعار الذي يقول: «الرأسمال جبان»، وإليكم واحدة من القصص الأخيرة التي كلفت الملياردير المغربي الكثير لكنه لم يندم على شيء مما تركه فيها من جلد حي:
في 2008، أعطى استجوابا ناريا لمجلة «لوجورنال»، وانتهى فيه بإعطاء نصيحة للقائمين على تدبير ثروة القصر بضرورة أخذ مسافة معقولة إزاء «البزنس» ومشاكله وتعقيداته مخافة الخلط بين الثروة والسلطة، بين الاقتصاد والحكم. وبعفويته وصراحته قال ما كان يفكر فيه الكثيرون ولا يستطيعون فتح أفواههم به.
ما إن خرج كلام الشعبي أسود فوق أبيض حتى زلزلت الأرض تحت قدمي الملياردير المتمرد، وتطوع «أصحاب الحسنات» فزادوا من تأويل كلام الشعبي ليصير مبررا وحجة لإطلاق النار عليه وإعدامه في باب الحد… وقف الشعبي وسط العاصفة ثابتا محتسبا عارفا بما ينتظره، فقد علمته الحياة وخلافاته مع الحسن الثاني وإدريس البصري أن عصا السلطة عندما تنزل فهي تضرب بقوة.
نصحه كثيرون بتكذيب ما جاء في المجلة تحت مبرر أن كلامه لم ينقل بدقة، كما يفعل السياسيون المناورون عادة، فرفض وقال: «لا أستطيع أن أهرب من كلمة الحق، وألقي بالمشاكل على ظهر صحافي قام بعمله، وحتى ولو نقل عني ما لم أقله بدقة فلا أعرض شخصا للخطر وأرجع إلى الوراء»، ثم جاءه إدريس جطو، الوزير الأول السابق، يعرض نقل رسالة استعطاف منه إلى القصر يشرح فيها الشعبي حقيقة موقفه، ويعتذر عما بدر منه، فرد الشعبي على جطو، وقد كانت له مكانة خاصة في قلبه (أنقل هنا من حديث طويل للشعبي مع كاتب هذه السطور): «قلت لجطو -يحكي الشعبي رحمه الله- إذا كتبت رسالة أشرح فيها المقصود فلن أضيف إليها أكثر مما قلته في الاستجواب مع المجلة. أنا رجل يعرف قيمة الاستقرار في بلده، ويعرف دور الملكية في هذا الاستقرار، وقد كنت من بين المغاربة الذين اعتقلوا زمن الاستعمار وعذبوا لأنهم ناضلوا من أجل عودة محمد الخامس من منفاه، ورفضوا إزاحته عن عرش أسلافه، فأنا واحد كذلك ممن ساهموا في بناء اقتصاد المغرب، وممن وظفوا الآلاف من الشباب في المملكة وخارجها، وأنا من القلائل الذين صنعوا ثرواتهم بعيدا عن رعاية السلطة، بل في كثير من الأحيان ضدا عليها»، ويواصل الشعبي المرافعة دفاعا عن نفسه قائلا: «أما حكاية الاعتذار، فإنها خارج الموضوع لأني عشت في كنف ثلاثة ملوك، وأعرف حدود الاحترام الواجب لهم، وأعرف الحاجة إلى قول الحقيقة لهم في الأوقات الصعبة حين يلوذ الآخرون بالصمت»، وقال لجطو، في ما رواه لي الشعبي في جلسات حوار امتدت إلى ساعات طويلة: «السي إدريس، لماذا نتعب ونكد ونسهر من أجل تنمية الثروة وكسب المال؟ أليس من أجل أن نحفظ كرامتنا ونبقي رؤوسنا مرفوعة؟ فكيف يصير المال والثروة والشركات مدعاة لكي نطأطئ رؤوسنا؟ الله جل جلاله هو الذي يغني وهو الذي يفقر، وإذا كتب الله لي أن أموت كما ولدت فقيرا معوزا فلا اعتراض لي على ذلك». 
تعرض الشعبي بعد الذي جرى لعقاب كبير، بدأ بمنع التراخيص الإدارية عن مشاريعه، وانتهى بزج اسمه في قضية «الودغيري وبوفتاس»، فوجد نفسه، وقد بلغ الثمانين، أمام قاضي التحقيق سرحان يخضع للعبة سين جيم… شعر الشعبي بالإهانة، وغضب من سلطة أوقفت عشرات المشاريع المدرة للدخل والضريبة والشغل، وحرمت آلاف الشباب من العمل وكسب الرزق فقط لتنتقم من شخص واحد، ومن جملة قيلت هنا وتصريح قيل هناك.. خسر الشعبي ملايير الدراهم في هذه المعركة التي دخلها وهو على حافة الغروب، وأصبح مقلا في الظهور الإعلامي ولاذ بالصمت… عندما أطل الربيع العربي برأسه على المغرب، نزل إلى الشارع يساند شبابا في عمر أحفاده خرجوا يطلبون الإصلاح.
سيدفن جثمان الرجل تحت التراب، أما سيرته فستبقى فوق الأرض للدرس والعبرة بما لها وما عليها، لكن الشعبي نجح في ما فشل فيه الكثير من الأغنياء الذين بنوا أسماءهم بالدرهم والدولار، وولدوا وماتوا وهم يبتعدون عن السياسة ويتقربون من السلطة.. عاشوا وماتوا بلا رأي ولا لسان ولا قدرة على قول لا.. أعطوا من كرامتهم لتزداد ثروتهم… الشعبي كان المال في يده وليس في قلبه، وقبل أن يموت ترك هبات كثيرة لمدارس ومساجد وجامعة أمريكية عريقة وهبها 10٪‏ من ثروته لكي تزرع شجرتها في المغرب، ولتعطي ثمارها للأجيال المقبلة، خاصة المتفوقين من تلاميذ الفقراء… قال لي يوما: «هل تعرف أنني لم أستعطف أحدا إلا مرة واحدة؟»، قلت، كمن عثر على شيء نادر: «من هذا الذي استعطفه الشعبي المعتد دائما بنفسه؟»، قال: «مدير البعثة الفرنسية في الدار البيضاء الذي رجوته أن يدخل أبنائي إلى المدرسة الفرنسية بعدما طردهم أوفقير من المدرسة المغربية بالقنيطرة لدفعي إلى مغادرة البلاد».. عاش واقفا ومات واقفا كما الأشجار الشامخة.. رحمك الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاش واقفا ومات واقفا عاش واقفا ومات واقفا



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله
المغرب اليوم - قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهئ تداولاتها في أسبوع

GMT 12:28 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور السبت26-9-2020

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 12:22 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

رحلة إلى العصور الوسطى في بروغ البلجيكية

GMT 03:39 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الركراكي يعيد أسماء بارزة لتشكيلة المنتخب المغربي

GMT 09:57 2012 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

مخلفات الويسكي وقود حيوي للسيارات في إسكتلندا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib