باشا برتبة رئيس حكومة

باشا برتبة رئيس حكومة

المغرب اليوم -

باشا برتبة رئيس حكومة

توفيق بو عشرين


على جدول أعمال المجلس الحكومي المقبل نقطة على قدر كبير من الأهمية بالنسبة إلى الولاة والعمال والقياد والباشوات و«الخليفات» الذين يشتغلون في الإدارة المركزية لوزارة الداخلية بالرباط، والذين بلا شك سيحتفلون ليلة الخميس المقبل ويوزعون الحلوى وأشياء أخرى إذا وضع بنكيران طابعه على هذا المرسوم. 

ماذا هناك؟ 

شدوا رؤوسكم حتى لا تصاب بالدوخة، وانسوا خطاب التقشف، وضعوا جانبا دعوة رئيس الحكومة إلى شد الحزام.. إليكم الخبر…

السيد وزير الداخلية، محمد حصاد، وضع مشروع مرسوم جديد يقضي بمنح الولاة المركزيين في الداخلية 32 ألف درهم كتعويض عن السكن، أي أكثر من التعويض الذي تمنحه الدولة لرئيس الحكومة والوزراء، ذلك أن الرجل الثاني في الدولة (رئيس الحكومة) يتقاضى 15000 درهم كتعويض عن السكن ومعه الوزراء، أما كتاب الدولة فلا يحصلون إلا على 10 آلاف درهم!

مشروع المرسوم الذي وافقت عليه الأمانة العامة للحكومة، وهو ما يعني، أنه أخذ الضوء الأخضر من مكتب رئيس الحكومة قبل أن يحال على المجلس الحكومي، سيعطي العمال 26 ألف درهم كتعويض عن السكن، ليصبح أجرهم الشهري هو 80 ألف درهم. أما الباشوات الممتازون فحصلوا على تعويض عن السكن مماثل لذلك الذي يحصل عليه رئيس الحكومة، أي 15 ألف درهم، أما الباشا غير الممتاز فسيحصل، في كرنفال توزيع الجوائز هذا، على 12 ألف درهم شهريا، فيما سيحصل القياد على 9000 درهم كتعويض عن السكن شهريا، أما الخليفة الممتاز فسيحصل على 3900 درهم… ما رأيكم في هذه الزيادات الخيالية في الوقت الذي تشكو فيه الحكومة قلة ذات اليد، وفي الوقت الذي يموت فيه الناس بسبب البرد في فصل الشتاء؟

ماذا يعني هذا؟

هذا الكرم الحاتمي ليس له اسم آخر غير إضفاء الصفة القانونية على الريع، وخلق تراتبية غير منطقية وغير قانونية وغير أخلاقية حتى بين موظفي الدولة، وجعل فئة رجال السلطة فوق القضاة والسفراء والمديرين المركزيين في الوزارات الأخرى، وفوق البرلمانيين ممثلي الأمة الذين يتقاضون ثلث أجر الوالي، وأقل من نصف أجر العامل، وأقل من أجرة الخليفة… 

في أية دولة في العالم يتقاضى الوالي 90 ألف درهم شهريا، أكثر من رئيس الحكومة والوزراء ورئيس البرلمان وكبار الجنرالات؟ في أية دولة تؤدي ميزانية الحكومة تعويضا عن السكن يصل إلى 32 ألف درهم شهريا؟ هذا معناه أن السيد الوالي المقيم في الرباط لا يرضى أن يسكن إلا فيلا فخمة من 1500 إلى 2000 متر مربع في حي الرياض أو السويسي أو بئر قاسم مع مسبح كبير وحديقة فسيحة ومرأب للسيارات الكثيرة وكأنه أمير من أمراء دول النفط. ما الذي يمنع موظفا، مثل الوالي أو العامل، أن يسكن شقة محترمة في أحسن الأحياء في الرباط لا يتجاوز إيجارها 12 ألفا إلى 13 ألف درهم.

في الدول الغنية، الوزراء يسكنون شققا لن يصدق الرأي العام عندنا بساطتها. أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية التي تتربع دولتها على قمة الصناعة في أوروبا، تسكن شقة صغيرة في برلين قرب مقر رئاسة الحكومة، لا فيلا ولا قصر ولا خدم ولا حشم ومع ذلك تشتغل السيدة ميركل 16 ساعة في اليوم ولا تجد الوقت لوضع المكياج على وجهها الصارم…

قبل أن يأتي حصاد إلى الداخلية، حاول العنصر تمرير هذا المرسوم فلم يفلح في إقناع أحد بمضامينه، لأن العقل لا يستوعب إعطاء والي الإدارة المركزية راتب برلماني لتغطية سكن سعادته، لكن يبدو أن السيد حصاد امتلك الجرأة ليفعل ذلك، خاصة أن الانتخابات على الأبواب، والسادة الولاة والعمال والباشوات والقياد أمامهم شغل كثير، ولا بد من أن يحصلوا على هدايا بالمناسبة وأية هدايا… أعرف أن كل وزراء الداخلية يصرفون بريمات غليظة لموظفي الإدارة المركزية عقب كل انتخابات تصل إلى 20 مليون سنتيم وأكثر، لكن حكاية تعويض السكن هذه أمر غير مقبول. 

لو مر هذا المرسوم من مجلس الحكومة، فما على رئيس الحكومة إلا أن يتوقف عن الحديث عن الريع، وعن الذين استفادوا منه ممن سماهم الأقوياء والمزعجين للدولة وأصحاب السنطيحة، كما قال للسفير الأمريكي قبل يومين…

 

 

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باشا برتبة رئيس حكومة باشا برتبة رئيس حكومة



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib