هكذا استعد ليوطي لمواجهة الخطابي

هكذا استعد ليوطي لمواجهة الخطابي

المغرب اليوم -

هكذا استعد ليوطي لمواجهة الخطابي

ادريس الكنبوري

عديدة هي الكتب التي ألفت عن الماريشال ليوطي وعن علاقته بالمغرب، فقد ارتبط اسمه بالدولة الحديثة في المغرب إلى درجة أن المؤرخ إبراهيم بوطالب قال مرة إن ليوطي «ينتمي إلى المغرب أكثر مما ينتمي إلى فرنسا». ويعتبر كتاب «ليوطي المغرب» الذي كتبه الجنرال جورج كاترو عام 1952 أقدم وثيقة شاملة عن حياة ليوطي وسياسته في المغرب، فقد عاش بجانبه طويلا في الجزائر قبل أن يأتي إلى المغرب بطلب من الماريشال ويلازمه في كل تحركاته. «المساء» تنشر الكتاب مترجما إلى العربية للمرة الأولى، كونه يفتح عينا على الماضي الذي صنع الحاضر.
كما كان الماريشال يتوقع، بدأ هجوم عبد الكريم في شهر أبريل. وبين الحين والآخر كانت علامات الأزمة تتجمع في الأفق، وكان ليوطي يتابع ذلك ويرسل الأخبار إلى الحكومة. وقد ركز على حادثتين رأى أن لهما تداعيات خطيرة. كانت الحادثة الأولى هي هزيمة قبائل جبالة أمام قوات عبد الكريم، التي تلاها استسلامها واعتقال زعيمها الريسوني، وبفضل ذلك تمكن عبد الكريم من تجميع ما يقارب الغالبية من الساكنة المقيمة في المنطقة الإسبانية تحت قيادته. لقد أصبح عبد الكريم تبعا لذلك يتوفر على الآلاف من المقاتلين، علاوة على التجهيزات العسكرية الكبيرة التي استولى عليها من جيراننا. أما الحادثة الثانية فقد كانت تتعلق بتزايد شعبية «سلطان الريف» وسط قبائل بني زروال، التي كان ليوطي يراهن على أن يجعلها أرضية خطته السياسية، والضغوط التي كان يمارسها على تلك القبائل لكي تعلن الولاء له. لقد كان ليوطي يتابع هذا التطور بقلق، بينما كانت حظوة صديقنا الشريف الدرقاوي في بني زروال تضعف بالتدريج، بل إن حياته نفسها باتت محل تهديد، في الوقت الذي كانت تتزايد اللقاءات مع مبعوثي الريف، دون أن يكون هناك أي دعم يمكن توقعه من الإسبان الذين اكتفوا بتقوية جبهتهم في الخطوط الخلفية التي تراجعوا إليها.
نظرا لهذه التعقيدات في الأوضاع شعر ليوطي بالحاجة الماسة إلى أن يكون قريبا جدا وقبل الأوان. فمنذ 30 يناير عندما أعلن بأن الخطر ليس واردا في الوقت الراهن، أشار إلى أن عبد الكريم يسعى إلى تجهيز الجبهة الشمالية، وأن إرسال التعزيزات العسكرية تلك التي أرسلت إليه في النصف الثاني من شهر فبراير أصبحت أكثر إلحاحا. وبعد ذلك بخمسة عشر يوما، وأمام تراجع تأثير الشريف الدرقاوي وبداية القلاقل في بني زروال، نبه إلى أنه في حال دعم وجود قوات للرد «فإننا سنكون في وضعية معرضة للخطر»، وإلى أنه في الوقت الحالي يجب أن نعمل بأي ثمن «على تجنب المغامرة».
في نهاية شهر فبراير عزز مجيء القوات الكولونيالية للمغرب من قدراتنا العسكرية، بينما لم تكن الأوضاع في بني زروال قد تعقدت بعد، وإن لم تكن قد هدأت تماما. ولكن بدءا من الأيام الأولى لشهر أبريل أخذت الأخبار تصبح أكثر فأكثر إنذارا، تاركة لدى ليوطي الشعور بأن عبد الكريم سوف ينتقل إلى الهجوم، مما دفعه إلى إعلام وزير الحرب، يوم 7 أبريل، من أجل تحضير التعزيزات المطلوبة وفق البيانات المحددة في الجزائر، وبأنه من الضروري أن تكون في وجدة يوم 15 من نفس الشهر. لكن عبد الكريم أخبر ليوطي سلفا، فيوم 14 أبريل برزت ثلاث حركات ريفية تتكون من 3000 إلى 4000 مقاتل في بني زروال، ويوم 16 أبريل بدأ التفاهم بين الاثنين.
في نفس اليوم، أي 14 أبريل، وعلى وقع خبر الهجوم، جدد ليوطي بطريقة ملحة طلباته حول إرسال التعزيزات. وأشار في برقيته إلى أنه «ليس هناك يوم واحد يمكن إضاعته»، وختمها بالقول: «لقد تم إخباركم بأن تأتي جميع الحاجيات في الوقت المحدد المرسوم، وبأن تستجيب للحد الأدنى الذي تتطلبه الأوضاع، ولا يمكنني بطبيعة الحال تحمل مسؤولية أي تأخير جديد يمكنه أن يخلق مخاطر قد تكون جدية».
تم تجديد هذه الرسالة التي كانت تعبر عن الغضب يومي 15 و16أبريل، حيث ألح المارشال على أن يتم على وجه الاستعجال إرسال 4 كتائب وسريتين ومجموعتين من مقاتلي المدفعية ومجموعتين من مقاتلي الطائرات التي وعد بها. وأعلن بأنه، من أجل مواجهة العدوان الريفي، قام بتحريك مجموعتين عسكريتين بقيادة الجنرال دوشامبرون، الأولى تتكون من ثلاث كتائب وسرية واحدة ومجموعة مقاتلي المدفعية في الغرب، والثانية تتكون من كتيبتين ومجموعة مقاتلي المدفعية في الشرق، مع بقاء ثلاث كتائب في الاحتياط بفاس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا استعد ليوطي لمواجهة الخطابي هكذا استعد ليوطي لمواجهة الخطابي



GMT 06:33 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

الذروة؟!

GMT 06:32 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

تقرير من أمريكا

GMT 06:28 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

تعفن الدماغ!

GMT 06:27 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مع أى «ترامب» نتحدث؟

GMT 21:39 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

ذئب ميونيخ... وتعدد الأسباب

GMT 20:42 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

يا مال الشام!

GMT 20:41 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية

GMT 20:38 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

طريق الرياض للسلام العالمي

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:35 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

رامز جلال يكشف عن اسم برنامجه الجديد في رمضان 2025
المغرب اليوم - رامز جلال يكشف عن اسم برنامجه الجديد في رمضان 2025

GMT 20:42 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 13:39 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

أغماني يُحذر من آثار حرب غزة على قطاع السياحة المغربي

GMT 08:19 2021 الإثنين ,03 أيار / مايو

مواصفات وأسعار فولكس فاجن تيجوان موديل 2021

GMT 01:51 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

شركة جينيسيس تقدم أول إنتاجها من موديلات SUV الفاخرة

GMT 07:40 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مناقشة رواية "الخواجا" في نادي التجاريين بالقاهرة الأربعاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib