شيوعيو المغرب يخسرون الرهان على إسلامييه

شيوعيو المغرب يخسرون الرهان على إسلامييه

المغرب اليوم -

شيوعيو المغرب يخسرون الرهان على إسلامييه

بقلم - ادريس الكنبوري

خلال السنوات الماضية راهن حزب التقدم والاشتراكية بشكل كبير على حزب العدالة والتنمية وشخص بن كيران نفسه، ووافق على المشاركة في حكومته حيث أسندت إليه أربع حقائب وزارية.

منذ إزاحة عبدالإله بن كيران من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، خلال المؤتمر الثامن الذي عقد في بداية شهر ديسمبر، أصبح حليفه “حزب التقدم والاشتراكية” يعيش وضعية قلقة بسبب الخوف من فقدان موقعه الذي كان يحتله سابقا في عهد بن كيران، واحتمال انقلاب رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، الذي انتخب أمينا عاما للحزب الإسلامي، على ذلك الزواج الكاثوليكي الذي عقد بين الحزبين عام 2012، بعد تشكيل حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية واختيار التقدميين- الذين يشار إليهم في المغرب بالشيوعيين السابقين تندرا- التحالف معه على حساب حلفائه التقليديين في اليسار.

أثار العثماني، في اجتماع لشبيبة الحزب السبت الماضي بالرباط، ثائرة قادة حزب التقدم والاشتراكية عندما هاجم مشاركتهم الضعيفة في الحكومة السابقة التي كان يقودها بن كيران، حيث قال إن الحزب حصل على حقائب وزارية تتجاوز وزنه الانتخابي وثقله السياسي، وإنه كان المستفيد الوحيد في الحكومة مقارنة بالأحزاب السياسية الأخرى. وهو ما دفع أمين عام الحزب المذكور، نبيل بن عبدالله، إلى الانتقال إلى مقر الحزب عشية ذلك اليوم للقاء العثماني وطلب توضيحات منه حول تلك التصريحات.

يكمن تخوف حزب التقدم والاشتراكية في إمكانية تراجع حجم مشاركته في الحكومة الحالية بعد التعديلات المنتظر إدخالها قريبا، إذ ينتظر أن يطلق العثماني مشاورات جديدة في بحر الأسابيع المقبلة لإعادة ترميم حكومته بعد العقوبات الملكية التي أعفت عددا من الوزراء السابقين في أكتوبر الماضي، على خلفية الاتهامات الموجهة إليهم بخصوص تسجيل إخلالات في أداء مهامهم، في ملف حراك الريف وأحداث مدينة الحسيمة.

وقد طالت تلك العقوبات حزب التقدم والاشتراكية الذي أعفي ثلاثة من وزرائه، أحدهم ورد اسمه ضمن قائمة المغضوب عليهم الذين قال الديوان الملكي إنهم لن يتقلدوا أي مسؤولية في الدولة مستقبلا، عقابا على التقصير، وكانت الضربة القاصمة أن أحد هؤلاء الثلاثة هو الأمين العام نفسه، نبيل بن عبدالله، الذي كان يتولى حقيبة الإسكان والتعمير.

ويرى الحزب أن العثماني لن يعتمد نفس المنهجية التي اعتمدها بن كيران في نسج تحالفه الحكومي عام 2012، أو في التعديلات التي تمت عام 2013، وأنه من المحتمل أن يتضرر نتيجة تقليص عدد الحقائب التي يتولاها، وهو ما سيشكل صدمة داخل حزب التقدميين الذين سيخسرون خسارة مضاعفة بعد الضربة التي سددت إلى سمعته السياسية نتيجة العقوبات الملكية.

خلال السنوات الماضية راهن حزب التقدم والاشتراكية على حزب العدالة والتنمية وشخص بن كيران نفسه، ووافق على المشاركة في حكومته حيث أسندت إليه أربع حقائب وزارية رغم أنه احتل المراتب الأخيرة في الانتخابات البرلمانية لعام 2011 بحصوله على 18 مقعدا فقط، الأمر الذي أغضب وقتها حزب الاستقلال الذي تولى ست حقائب وزارية بالرغم من حصوله على الرتبة الثانية في الانتخابات بحصوله على 60 مقعدا.

لكن نوايا بن كيران كانت مختلفة وبعيدة عن اللعبة الحسابية، إذ اعتمد في اقتراح الحقائب الوزارية على البراغماتية والحسابات السياسية. فبعد فشله في إقناع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكبر أحزاب اليسار في المغرب، بالانضمام إلى حكومته، لجأ إلى حزب التقدم والاشتراكية الذي كان حليفا للاتحاد الاشتراكي في “الكتلة الديمقراطية” الذي وافق على المشاركة.

وبالرغم من أن الحزب ليس له حضور سياسي وازن إلا أن بن كيران كان يريد من خلال إشراكه توجيه رسالة إلى اليسار المغربي بأن حزبا إسلاميا استطاع في الأخير إقناع حزب يساري بالمشاركة معه في الحكومة، ولكن تلك المشاركة جرّت على هذا الأخير معارك جانبية مع حلفائه السابقين في الاتحاد الاشتراكي، الذين اتهموه بالتحالف مع أعداء الأمس بحثا عن الغنائم.

وطيلة الخمس سنوات الماضية من عمر الحكومة السابقة وضع حزب التقدم والاشتراكية كامل البيض في سلة العدالة والتنمية، بل إن التحالف بينهما صار شبه مقدس، إذ صرح بن كيران مرات كثيرة بأن تحالفه مع الحزب اليساري تحالف استراتيجي لا ظرفي، وأخذ يثني على أداء وزرائه في الحكومة بشكل ملحوظ، كنوع من المحاباة، وأصبح الأمين العام للحزب لصيقا ببن كيران في جميع لقاءاته، بما في ذلك تلك التي يعقدها في بيته. وخلال المحطات الكبرى التي كان فيها بن كيران ينخرط في معركة سياسية مع بعض الأحزاب، كان بن عبدالله يردد صدى تلك التصريحات والمواقف.

ويخشى الحزب اليوم من خسارة موقعه السابق بعد ذهاب بن كيران وتغيير العثماني لمنهجية التفاوض مع الأحزاب السياسية لترميم حكومته. فالعثماني بات اليوم يسعى إلى محو آثار بن كيران ووضع بصماته الشخصية على حكومة يقودها هو، كما أنه لا يريد إغضاب الدولة بالاستمرار في نفس التحالف، بعد أن عوقب حزب التقدم والاشتراكية بإعفاء ثلاثة من وزرائه نتيجة التقصير وسوء التدبير، زد على ذلك أن التحالف الحكومي اليوم صار مختلفا عنه في السابق، فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يشكل اليوم جزءا من الحكومة، خلافا لما كان عليه الأمر مع حكومة بن كيران، وإسناد أربع حقائب وزارية إلى حزب التقدم والاشتراكية، الذي تراجعت مكاسبه في انتخابات 2016 إلى 12 مقعدا فقط بدل 18، من شأنه أن يؤدي إلى تفجير الحكومة من الداخل، والمخرج الممكن للعثماني هو أن يتخلص من إرث ورثه عن بن كيران، بدل دفع كلفة غالية ثمنا له.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيوعيو المغرب يخسرون الرهان على إسلامييه شيوعيو المغرب يخسرون الرهان على إسلامييه



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib